الكويت - نايف شرار (الأنباء) : شهدت حقبة الثمانينيات من القرن الماضي ظهور تجمعات وتكتلات عربية إسلامية ساهمت في نشأتها العديد من العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ومن أهم تلك التكتلات التي أفرزتها تلك الفترة مجلس التعاون الخليجي الذي تأسس عام 1981م، تلاه مجلس التعاون العربي عام 1988م، وثم جاءت تجربة الاتحاد المغاربي عام 1989م، ويعتبر مجلس التعاون الخليجي من أقوى أشكال العمل الوحدوي العربي بالمقارنة مع بقية التكتلات.



كما لم تشهد المنطقة العربية تحديات خلال تاريخها الحديث مثلما تمر به الآن في ظل الثورات الشعبية والانتفاضات والإضرابات والاحتجاجات منذ 2011 أدى أغلبها إلى انعدام السيطرة على أجزاء مختلفة من جغرافية وخارطة أراضيها وخاصة في كل من العراق وليبيا وسورية واليمن وسقوطها مجتمعاتها في دوامة الفوضى وعدم الاستقرار.

ولذلك كان تشكيل تكتل خليجي- مغربي في ضل الأوضاع الراهنة والتحولات المفاجئة المتسارعة ضرورة استراتيجية لتعزيز المصالح المشتركة، وهو الذي نبه إليه المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة «الإيسيسكو» د.عبدالعزيزالتويجري في تصريحاته لجريدة «المساء» المغربية مؤكدا ان «القمة الخليجية - المغربية التي عقدت مؤخرا في الرياض جاءت في الوقت المناسب لتؤكد أن ثمة روابط قوية ومصالح مشتركة تجمع دول الخليج العربية والمملكة المغربية وهما تواجهان تحديات تهدد الأمن القومي العربي والإسلامي بإرادة مشتركة، لذلك فإن النتائج التي أسفرت عنها القمة في البيان الختامي الصادر عنها تبشر بالخير وتؤكد ان دول الخليج والمملكة المغربية تسير جميعها في مركب واحد، وتحدوها آمال مشتركة لتحقيق المزيد من التقدم والازدهار لشعوبها اضافة الى الأمن والاستقرار الذي اصبح هاجسا لعدد من الدول في العالم العربي والاسلامي وتقف جميعها في وجه المخططات التخريبية التي تهدف الى نشر الفوضى الهدامة في المنطقة».



ان انضمام المملكة المغربية لمجلس التعاون الخليجي هيأ لبناء شراكة استراتيجية دشنت جلستها الأولى عام 2012 بتوقيع الجانبين في المنامة على خطة عمل مشتركة خلال الفترة من 2012 ـ 2017 وهي تشمل مجالات تنموية متعددة ومتنوعة في مختلف القطاعات، وبالرغم من البعد الجغرافي بين المملكة المغربية ودول الخليج لم يمنع هذا من قيام علاقات وثيقة ومتينة ومتواصلة بين الجانبين ساهمت في نسجها الكثير من القواسم المشتركة مثل: الروابط التاريخية، والدين، واللغة، والمصير المشترك، ويجدر بنا أن نذكر هنا أن التعاون عموما بين المملكة المغربية ودول مجلس التعاون الخليجي هو في الأصل تعاون قديم، وكان في حدود استثمارية ضيقة، ولكن التعاون في إطار منظومة دول مجلس التعاون في العصر الحالي سيؤسس لشراكة وتعاون خليجي- مغربي يراهن على قواسم ومجالات أوسع منها: التعاون في مجال الأمن العام، وخاصة الغذائي، والصناعة والطاقة والزراعة والثقافة، إضافة إلى البحث العلمي.

وستظل المملكة المغربية الشقيقة بأقصى الغرب الإسلامي نموذجا يحتذى، وصمام أمان لدول الخليج والعالم العربي والإسلامي، بفضل ما تمتلكه من خطط استراتيجية هادفة في مختلف القطاعات، وأيضا موقعها الجغرافي الاستراتيجي وكذا من خلال عوامل قوته المتنوعة وهي كثيرة مثل: الأمن العام والاستقرار والغذاء، والطاقة المتنوعة، والبحث العلمي، والانفتاح على أوروبا وافريقيا، إضافة لما يمتلكه المغرب من ارث تاريخي عريق ونظام حضاري إسلامي متميز عريق له آثاره في تحقيق الأمن.


الملك محمد السادس متوسطا قادة دول مجلس التعاون
الخليجي خلال القمة الخليجية المغربية في ابريل الماضي


القمة الخليجية - المغربية الأولى
احتضنت العاصمة السعودية الرياض يوم 10 أبريل 2016 القمة الخليجية المغربية الأولى، حيث التقى قادة دول مجلس التعاون الخليجي بالعاهل المغربي الملك محمد السادس في أول لقاء قمة بعد إرساء الشراكة الاستراتيجية بين منظومة مجلس التعاون والمملكة المغربية عام 2011.

وتندرج هذه القمة في إطار رسم أفق سياسي واستراتيجي للعلاقات بين الجانبين التي اتسمت دائما بالتضامن والتفاهم وبغنى طابعها الإنساني العميق، فهي تعزيز للرغبة الصادقة التي اعتمدت منذ 2011، وقطعت أشواطا بعيدة في التقريب بين المنظومات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية على أسس بنيوية ومؤسساتية متعددة الأبعاد من خلال الاجتماعات السنوية التي تعقد على مستويات عدة منها اجتماع وزراء خارجية المجلس والمملكة المغربية.



وتعكس هذه القمة الدور الذي اضحت المملكة المغربية تضطلع به اقليميا ودوليا، فمن الناحية السياسية فإن المملكة تعد شريكا موثوقا لدورها المحوري والمؤثر في العالمين العربي والإسلامي، واما الناحية الاقتصادية فالعاهل المغربي يحمل مشروعا اقتصاديا واعدا سيحول المغرب إلى قطب صناعي وتكنولوجي عالمي.

ولقد ظلت العلاقات التاريخية للمغرب مع دول الخليج ترتكز على أساس متين من العلاقات الشخصية القوية بين العاهل المغربي وإخوانه قادة دول مجلس التعاون ووشائج التضامن والمصير المشترك ووحدة الهدف وتوطيد الروابط والعلاقات الوثيقة في شتى المجالات وخدمة المصالح والأهداف المشتركة، واستطاعت المملكة ودول مجلس التعاون الحفاظ على استقرارها في منطقة عربية مضطربة شهدت تحولات وتغييرات بفضل تجاوبها مع مطالبات شعوبها بالإصلاحات السياسية والاقتصادية.



شعب وعرش

الشعب حولك ملتف ومجتمع

فليس إلا لما تمليه يستمع

فخرا لشعب عظيم أنت قائده

نحو العظائم تدعوه فيندفع

ليهن شعبك ان له مجدا

على هامة الجوزاء يرتفع

شادته همتك القعساء في شمم

طودا وهيهات ما شيدت ينصدع

لله من همة قعساء طامحة

لها بكل عزيز شامخ ولع

للشعب في كل يوم منك مأثرة

كريمة، اي شكران لها يسع

الشعب للعرش ما يخفى ويعلنه

والعرش للشعب ما يأتي وما يدع

الملك عندك ما ارست قواعده

عدالة الشعب لا الظلم والطمع

ودام حولك اشبال غطارفة

من حوض حكمتك الفياض قد كرعوا


بقلم: نايف شرار