أنقرة إيجي توكساباي / توفان جومروكو (رويترز) - قالت تركيا يوم الأربعاء إن الاتحاد الأوروبي تحركه مشاعر مناهضة لأنقرة والعداء للرئيس رجب طيب إردوغان ويرتكب أخطاء فادحة فيما يتعلق برده على محاولة الانقلاب في تركيا مما أفقده ثقة المواطنين الأتراك.



ويشعر إردوغان وكثير من الأتراك بالغضب مما يرونه قلقا غير مبرر من جانب أوروبا بشأن الحملة على المشتبه بضلوعهم في الانقلاب الفاشل وتجاهلا في نفس الوقت للحدث الدموي نفسه الذي وقع في 15 يوليو تموز وقتل فيه أكثر من 240 شخصا.

وقال وزير الخارجية مولود تشاووش أوغلو في مقابلة مع وكالة الأناضول الرسمية للأنباء "للأسف يرتكب الاتحاد الأوروبي بعض الأخطاء الفادحة. لقد رسبوا في اختبار ما بعد محاولة الانقلاب.

"لقد عملنا بدأب صوب (عضوية) الاتحاد الأوروبي في الخمسة عشر عاما الماضية. لم نتسول قط لكننا عملنا بجد ...والآن اثنان من كل ثلاثة أشخاص يقولون إن علينا وقف المحادثات مع الاتحاد الأوروبي."

واعتقل أكثر من 60 ألفا من رجال الجيش والقضاء والموظفين أو أوقفوا عن العمل أو خضعوا للتحقيق منذ محاولة الانقلاب التي قادت خلالها مجموعة من الجيش دبابات وطائرات حربية في محاولة للاستيلاء على السلطة.

وقالت محطة تلفزيون (ان.تي.في)الخاصة يوم الأربعاء إن عمليات الإقالة استمرت في هيئة الأبحاث العلمية والتكنولوجية (توبيتاك) والتي فصلت الآن 560 من العاملين فيها.

وتجمع الآلاف ملوحين بالأعلام التركية أمام قصر الرئاسة في أنقرة مساء يوم الأربعاء واستمعوا إلى إردوغان وهو يجدد الدعوة للولايات المتحدة لترحيل رجل الدين المقيم لديها فتح الله كولن الذي يتهمه الرئيس التركي بتدبير محاولة الإنقلاب. وينفي كولن الضلوع في المؤامرة.

وقال إردوغان في كلمة أمام الحشد "ستختار الولايات المتحدة الأمريكية إن عاجلا أو آجلا.. إما تركيا أو منظمة كولن الإرهابية."

وتم وصف الخطاب بأنه تتويج لمسيرات ليلية في مدن في أنحاء تركيا لإبداء التضامن عقب محاولة الانقلاب.


وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو يتحدث لوسائل الإعلام في أنقرة - رويترز

ويساور بعض من حلفاء تركيا الأوروبيين القلق من أن إردوغان الذي ينظر إليه بالفعل كزعيم شمولي يستخدم محاولة الانقلاب ذريعة لزيادة إحكام قبضته على السلطة. ويرفض المسؤولون الأتراك هذه المزاعم قائلين إن حملات التطهير تبررها خطورة التهديد الذي شكله الانقلاب.

كما يتابع الحلفاء الغربيون تقارب إردوغان مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خشية أن يستغل الزعيمان هذا التقارب وعلاقتهما المتوترة مع الغرب في ممارسة ضغوط على واشنطن والاتحاد الأوروبي.

وقال المستشار النمساوي كريستيان كيرن إن أوروبا بحاجة لأن تفكر مجددا بشأن عضوية تركيا المحتملة في الاتحاد الأوروبي.

وأضاف يوم الأربعاء في مقابلة مع راديو وتلفزيون (أو.آر.إف) "أنا مهتم بنقاش جوهري.

"هذا النقاش الجوهري هو: هل باستطاعتنا قبول شخص داخل الاتحاد الأوروبي لا يلتزم بالمعايير الديمقراطية ولديه مشكلة مع حقوق الانسان ويتجاهل الضرورات الإنسانية والضرورات المتعلقة بحكم القانون؟"

وبدأت تركيا محادثات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في 2005 دون أن تحرز تقدما يذكر منذ ذلك الحين على الرغم من موجة إصلاحات في بادئ الأمر. ولا يحرص كثير من دول الاتحاد الأوروبي على رؤية دولة كبيرة على هذا النحو معظم سكانها مسلمون عضوا في تكتلهم ويشعرون بالقلق من تراجع سجل أنقرة في مجال الحريات الأساسية في السنوات الأخيرة.

وفي عودة إلى خطابه الهجومي انتقد إردوغان يوم الأربعاء البنوك التركية قائلا إنه يجب ألا تفرض فائدة مرتفعة في أعقاب محاولة الانقلاب وتعهد باتخاذ إجراءات ضد البنوك التي "تسير في الاتجاه الخطأ".

وساوى إردوغان مرارا معدلات الفائدة المرتفعة بالخيانة ودعا إلى خفض تكاليف الاقتراض لحفز النمو الأمر الذي اثار تساؤلات بشأن استقلال البنك المركزي.



* خسارة تركيا
وخطا إردوغان يوم الثلاثاء خطوة كبيرة نحو تطبيع العلاقات مع روسيا حيث التقى ببوتين أثناء زيارته لسان بطرسبرج في أول رحلة خارجية له بعد محاولة الانقلاب.

وقال بوتين يوم الثلاثاء إن بلاده ستخفض تدريجيا العقوبات التي فرضتها على أنقرة بعدما أسقطت الأخيرة طائرة حربية روسية قرب الحدود السورية في نوفمبر تشرين الثاني وأكد أن إعادة العلاقات إلى سابق عهدها قبل الأزمة يمثل أولوية.

وقال تشاووش أوغلو "إننا لا نصلح علاقاتنا بروسيا لإرسال رسالة للغرب." وتابع "إذا خسر الغرب تركيا في يوم من الأيام فإن ذلك سيكون بسبب أخطائه وليس بسبب الروابط الجيدة لتركيا مع روسيا أو الصين أو العالم الإسلامي."

في غضون ذلك قال إبراهيم كالين المتحدث باسم الرئيس التركي يوم الأربعاء إن من الطبيعي أن تبحث تركيا "خيارات أخرى" بشأن التعاون الدفاعي بعدما لم تتلق الدعم المتوقع من أصدقائها الغربيين وشركائها في حلف شمال الأطلسي عقب الانقلاب الفاشل في الشهر الماضي.

وقال حلف شمال الأطلسي يوم الأربعاء إن عضوية تركيا ليست موضع تشكيك وأن أنقرة يمكنها الاعتماد على تضامن الحلف ودعمه بعد محاولة الانقلاب الفاشلة الشهر الماضي والتي أثارت عملية تطهير واسعة النطاق لثاني أكبر جيش بالحلف.

كما قال تشاووش أوغلو إنه يمكن لتركيا أن تجد أرضية مشتركة مع موسكو بشأن سوريا حيث يؤيد كل بلد الطرف الآخر في الصراع. وتدعم موسكو الرئيس السوري بشار الأسد في حين تقول تركيا إنه ديكتاتور تجب الإطاحة به.

وقال "نتشابه في التفكير فيما يخص وقف إطلاق النار والمساعدات الإنسانية والحاجة إلى حل سياسي في سوريا وربما نفكر بشكل مختلف فيما يخص كيفية تنفيذ وقف إطلاق النار."

وأضاف تشاووش أوغلو أن تركيا تبني "آلية قوية" مع روسيا للوصول إلى حل في سوريا وأن وفدا يضم مسؤولين من وزارة الخارجية والجيش والمخابرات سيزور روسيا يوم الأربعاء لإجراء محادثات.