السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــه ،،


إذا قالت حذام فصدقوها *** فإن القول ما قالت حذام


قائل هذا البيت لجيم بن مصعب [ صعب ] بن علي بن بكر بن وائل، والد حنيفة وعجل ابني سحيم، وحذامِ امرأته، سميت حَذام لأن ضرتها حذمت يدها بشفرة، فصبت عليها حذام جمرا فبرشت، فسميت البرشاء [ في لونها نُقط مختلفة ] وهي حذام بنت الريان بن خسر بن تميم.

وسببه : أن عاطس بن الجلاح الحميري صار إلى قومها في جموع فاقتتلوا، ثم رجع الحميري إلى معسكره وهرب قومُها، فساروا ليلتهم ويومهم إلى الغد، ونزلوا الليلة الثانية، فلما أصبح الحميري ورأى جلاءهم اتبعهم، فانتبه القطا من وقع دوابهم، فمرت على قوم حذامِ قِطَعا قِطعا، فخرجت حذامِ إلى قومها فقالت:

ألا يا قومنا ارتحلوا وسيروا *** فلو ترك القطا ليلا لناما

فقال زوجها:

إذا قالت حذام فصدقوها *** فإن القول ما قالت حذامِ


فارتحلوا حتى اعتصموا بالجبل، ويئس منهم أصحاب عاطس فرجعوا.

ذكر ذلك السيوطي - رحمه الله - في شرحه لشواهد المغني 2/596 597.

واستشهد بالبيت غير واحد من النحاة على بناء الأعلام المؤنثة التي جاءت على وزان " فَعَالِ " على الكسر دوما، فتقول: جاءت حذامِ، ورأيت حذامِ، ومررت بحذامِ، وذلك في لغة الحجازيين، وخالفهم بنو تميم فأعرب بعضهم هذه الأعلام بالضم رفعا، وبالفتح نصبا وجرًا، وفصّل بعضهم بما تراه عند العلامة ابن هشام في أول القطر ... واستشهد بهذا البيت قديما المبرد في كامله 2/71.

ثم أصبح اسم حَذامِ مضرب المثل في صدق القول، وصحة النقل ... فمن الأمثال التي أوردها أبو عبيد القاسم بن سلام في كتابه: القول ما قالت حذام ... كما أورده غير واحد ممن جمع أمثال العرب.

ويقال لمن اعتمد قولُه في نقل الآراء العلمية: حذام المذهب ... وقال صاحب المثل السائر عن أبي تمام: وكان قوله في البلاغة ما قالت حذامِ ..

وتمثل بهذا المعنى كثير من الشعراء ... فقال أحدهم:


كنتم حذام القول احقابا له *** والى وجوه الخير ارشد مدسع

وقال المعري:


إِذا ما جاءَني رَجُلٌ حُذامٌ *** فَإِنَّ القَولَ ما قالَت حَذامِ

وقال آخر:


أندى يداً في الجودِ من حاتمٍ *** أصدق في أقوالهِ من حَذامْ




قال الشيخ محمد محي الدين عبد الحميد في سبيل الهدى بتحقيق شرح قطر الندى ( ص43 ) حول بيتي الشعر :

فلولا المزعجات من الليالي *** لما ترك القطا طيب المنام
إذا قالت حذام فصدقوها *** فإن القول ما قالت حذام


قال :
" البيتان قيل إنهما لديسم بن طارق أحد شعراء الجاهلية . والصواب كما في اللسان ( رقش ) أنهما للجيم بن صعب والد حنيفة وعجل ، وحذام امرأته وفيها يقولهما ..." أهـ

ويستشهد بهذا البيت على الاسم المبني على الكسر فكلمة ( حذام ) وقعت في البيت موقع الفاعل وحقها الرفع بالضم ، ولكنها كسرت لأنها مبنية وهذا مذهب أهل الحجاز ...



وقد روي البيت بلفظ : " فأنصتوها " بدلاً من " فصدِّقوها " ، كما في " اللسان " ، و " تاج العروس " ، وغيرهما .

منقول