تبوك (واس) كشفت "البحر الأحمر الدولية" اليوم، عن نتائج أضخم الدراسات الشاملة التي أجرتها للبيئة البرية في المملكة، وتسلّط الضوء على اكتشافات علمية مهمة، التي ستضع معايير جديدة للتنمية المستدامة في قطاع السياحة البيئية.
11 محرم 1447هـ 06 يوليو 2025م
وتأتي هذه النتائج ضمن التزام الشركة الراسخ بحماية التنوع الحيوي وتعزيز التنمية البيئية المتكاملة، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية المملكة 2030، في وقت تتسارع فيه وتيرة تنفيذ مشاريعها السياحية الرائدة على سواحل البحر الأحمر، حيث أصدرت الشركة التقرير بعنوان "حالة الحياة الفطرية البرية في منطقة البحر الأحمر" في 2025م، وذلك بالتعاون مع مركز أبحاث التنوع الحيوي والموارد الجينية (
BIOPOLIS/CIBIO) التابع لجامعة بورتو في البرتغال.
ويغطي التقرير نطاقًا واسعًا من الدراسة الميدانية شملت تحديد الموائل البيئية البرية باستخدام نظام المعلومات الجغرافية بدقة مكانية (100 متر × 100 متر)، وإجراء المسوحات الميدانية للتوزيعات المكانية للأنواع النباتية والحيوانية في أكثر من 120 موقعًا تمتد على مساحة تتجاوز 13 ألف كيلومتر مربع، تشمل الكثبان الرملية، والجزر الساحلية، والحقول البركانية، والأراضي الرطبة، وغابات المانغروف، والنظم البيئية الجبلية، والأودية، ما يجعله من بين أكثر الدراسات شمولًا في هذا المجال على مستوى المنطقة.
وخلال عمليات المسح الميداني، تمكن فريق "البحر الأحمر الدولية" من رصد (375) نوعًا حيوانيًا، وأكثر من (200) نوع نباتي، وعدد من هذه الأنواع يُرجّح أنها جديدة على المجتمع العلمي، ولم تُوثق أو تُسجل علميًا من قبل، ومن بين أبرز الاكتشافات نوع جديد من العقرب الحفّار العربي، إضافة إلى نوعين من الزواحف هما برص المنازل وبرص الرمال، إلى جانب إحدى الثدييات الصغيرة من فصيلة العَضَل، وهي قيد التحليلات الجينية.
ويُعد هذا الاكتشاف العلمي الكبير ذا أهمية استثنائية، خصوصًا في منطقة لا تزال المعرفة العلمية حولها محدودة تاريخيًا، كما يُبرز هذا الإنجاز التفرد البيئي للصحاري والبيئات القاحلة، والتي غالبًا ما يُساء تقدير قيمتها البيئية، رغم أنها تحتضن أنواعًا متخصصة تكيفت ببراعة مع ظروفها القاسية، ويؤكد هذا الاكتشاف الحاجة المُلِحة إلى حماية هذه النظم البيئية الهشة، بوصفها موائل طبيعية فريدة للتنوع الحيوي.
وإلى جانب الأنواع التي يُرجّح أنها جديدة على المجتمع العلمي، كشف التقرير عن تحديد 11 منطقة رئيسية للتنوع الحيوي على المستوى المحلي لمنطقة البحر الأحمر، وهي مواقع ذات أهمية استثنائية تم تحديدها وتصنيفها وفق معايير الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN)، نظرًا لدورها الهام في دعم استدامة التنوع الحيوي على المستويات العالمية والإقليمية والمحلية.
وحول ذلك أكد الرئيس التنفيذي لشركة "البحر الأحمر الدولية" جون باغانو، بأن هذا التقرير يشكل خطوة متقدمة في مسيرة البحر الأحمر الدولية المتواصلة نحو حماية وتعزيز النظم البيئية والمناظر الطبيعية الفريدة في منطقتنا.
وقال: "اكتمل الآن وبشكل دقيق فهمٌنا للنظم البيئية برًا وبحرًا، والأنواع التي تحتضنها، والإجراءات اللازمة لضمان صونها واستدامتها، فمن خلال دمج هذا المستوى من البحث العلمي في مراحل التخطيط المبكرة، نؤكد أن السياحة الفاخرة والحفاظ على البيئة ليسا خيارين متضادين، بل يمكن دمجهما في نهج متكامل يحقق فوائد طويلة الأمد للبيئة ولضيوفنا".
وأضاف: "تمثل النتائج الشاملة للمسح تقييمًا إيكولوجيًا أساسيًا يُعتمد عليه في توجيه إستراتيجيات "البحر الأحمر الدولية" فيما يتعلق بـاستخدام الأراضي، واستعادة حالتها الطبيعية، والحفاظ على مواردها البيئية، مشيرًا إلى أن هذه البيانات ستُوظف لدعم عملية اتخاذ قرارات تنموية مستدامة، تماشيًا مع استمرار تطوير الوجهات السياحية في المنطقة".
وذكر باغانو، أن هذا العمل الميداني يُعد ركيزة أساسية في تحقيق التزام الشركة الطموح بتحقيق صافي مردود حفظ بنسبة (30%) بحلول عام (2040)، حيث يمكن تعريف مردود الحفظ على أنه النتيجة الإيجابية المتوقعة والقابلة للقياس، الناتجة عن اتخاذ إجراءات تهدف إلى حفظ وتعزيز وحماية الكائنات الفطرية والموائل والنظم البيئية الحساسة، أي أن المنطقة سوف تضم بحلول عام (2040) موائل أكثر وفرة أو ذات جودة بيئية أعلى مقارنةً بما كانت عليه قبل انطلاق أعمال التطوير، بما يعزز استدامة النظام البيئي، ويضمن توازنه على المدى الطويل.
ويُسلط التقرير الضوء أيضًا على الأهمية البيئية لمنطقة البحر الأحمر، والتي تُعد منطقة مشتركة تضم وجهتي "البحر الأحمر" و"أمالا".
وقد أسهم المسح في توثيق ما يلي: (41) نوعًا مهددًا بالانقراض على المستوى المحلي، من بينها نقار الخشب العربي المصنف محليًا على أنه معرض لخطر انقراض أقصى ويستوطن جبال البحر الأحمر، والوعل النوبي المهدد بالانقراض نتيجة فقدان موائله الطبيعية، إلى جانب الخفاش المصري غائر الوجه وعقاب بونلي، واللذان يصنفان كأنواع معرضة لخطر الانقراض، و(88) نوعًا مقيّدًا جغرافيًا على المستوى المحلي، من ضمنها عدد من الأنواع التي يُرجّح أنها جديدة على المجتمع العلمي، مثل برص المنازل والعَضَل، مما يسلط الضوء على مدى محدودية المعرفة العلمية السابقة بهذه النظم البيئية الفريدة، إلى جانب 19 نوعًا من الحيوانات المستوطنة في شبه الجزيرة العربية، مما يُضيف بعدًا فريدًا على التنوع الحيوي في المنطقة، من أبرزها التمير العربي وثعبان الحجاز الكوكري وخنفساء سكوت الأرضية، كما أظهرت الدراسة وجود (18) نوعًا تُظهر تجمعات ديموغرافية محلية داخل منطقة البحر الأحمر، ما يعني أن بقاءها واستقرارها يعتمد بشكل مباشر على مواقع محددة تُعد أساسية لتكاثرها أو تغذيتها أو توفير المأوى لها.
أما فيما يتعلق بالمناطق الرئيسية التي تم تحديدها للتنوع الحيوي محليًا، فقد بلغت (11) منطقة، منها ضفة الوجه (2,835 كم²): والتي تم تصنيفها عالميًا على أنها منطقة طيور مهمة، وتُعد موطنًا حيويًا تدعم أعدادًا كبيرة من صقر الغروب (الأسخم)، إلى جانب العديد من الطيور البحرية الأخرى مثل طائر الحنكور والنورس الأسحم، كما تُشكل محطة توقف رئيسية للعديد من الأنواع المهاجرة المهددة بالانقراض على المستويين العالمي والمحلي، ومنطقة أعالي وادي الحمض (976 كم²): تم تصنيفها كمنطقة مهمة لعدة أنواع، من أبرزها الذئب العربي، ويُسهم تحديد هذه المنطقة كمنطقة تنوع حيوي رئيسية في توفير رؤى أعمق للمهتمين بالحفاظ على البيئة حول سبل بقاء هذا النوع النادر على قيد الحياة، كما يبرز الحاجة إلى استعادة موائله الطبيعية، ونظرًا لما يواجهه الذئب العربي من تهديدات مستمرة كالصيد والقتل، يفتح هذا التصنيف المجال لتعزيز التعاون مع أهالي مناطق البحر الأحمر، وتشجيع التعايش السلمي، والإسهام في تغيير المفاهيم السائدة حول هذا الحيوان المهدد بالانقراض.
وبشكل إجمالي، توفر مناطق التنوع الحيوي الرئيسية موطنًا لـ (136) نوعًا من الأنواع ذات الأهمية في جهود الحفظ المحلي، وهو ما يعادل (24%) من إجمالي التنوع الحيوي الذي تم توثيقه في منطقة البحر الأحمر، مما يُبرز الأهمية البالغة لهذه المناطق في جهود الحفاظ على البيئة داخل المنطقة.
وقد أسهم هذا العمل الميداني في إحداث نقلة نوعية في فهم البيئات البرية من خلال سد فجوات علمية جوهرية، مما يتيح منح الأنواع والموائل التي تم تحديدها مستوى أعلى من الحماية.
ويُسلط هذا العمل الضوء على التزام "البحر الأحمر الدولية" الراسخ بالسياحة المتجددة، التي لا تقتصر على تحقيق الاستدامة فحسب، بل تسعى أيضًا بشكل فعّال إلى استعادة وتعزيز الوجهات السياحية، بدلًا من الاكتفاء بالحد من الآثار السلبية، ويتمم هذا التقرير التقارير السابقة للمسح الأساسي لحالة البيئة البحرية اللذين أصدرتهما "البحر الأحمر الدولية" عامي (2022) و(2023) على التوالي، حيث ركّزت تلك التقارير على دراسة الأنواع وموائلها في المناطق البحرية لوجهتي "البحر الأحمر" و "أمالا " فيما ركّز التقرير الحالي على دراسة المناطق البرية للوجهتين.
وتدعم هذه النتائج بشكل مباشر الأهداف البيئية الوطنية للسعودية في إطار مبادرة "السعودية الخضراء"، كما تتماشى مع الأهداف العالمية للتنوع الحيوي المنصوص عليها في اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع الحيوي.
مواقع النشر