القاهرة (الأهرام) اختلف المؤرخون فيما يخص أول من بني الكعبة المشرفة، فمنهم من قال إن آدم -
عليه السلام- هو من بنى الكعبة، ومنهم من قال إن شيث بن آدم هو من بناها، ولكن الكثيرون منهم قد أجمعوا على أن الملائكة هم أول من بنوا الكعبة، أي قبل آدم -
عليه السلام-، فيكون تاريخ بناء الكعبة سابقًا لزمن آدم -
عليه السلام-، ثم عاد -
عليه السلام- وبناها هو ومِن بعده ابنه شيث.

11 يونيو 2024
وجاء في “تفسير البغوي” (1/457): «روي عن علي بن الحسين أن الله تعالى وضع تحت العرش بيتًا، وهو البيت المعمور، فأمر الملائكة أن يطوفوا به، ثم أمر الملائكة الذين هم سكان الأرض أن يبنوا في الأرض بيتًا على مثاله وقدره؛ فبنوه، واسمه الضَّرَّاح، وأمر من في الأرض أن يطوفوا به كما يطوف أهل السماء بالبيت المعمور.
وروي أن الملائكة بنوه قبل خلق آدم بألفي عام، فكانوا يحجونه، فلما حجه آدم قالت له الملائكة:"برحجك يا آدم، حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام".
وبعد طوفان نوح عليه السلام، ذهبت معالم البناء، وقام النبي إبراهيم مع ابنه إسماعيل ـ عليهما السلام ـ بإعادة بناء الكعبة، بعد أن أوحى الله إلى إبراهيم بمكان البيت، قال تعالى: (وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ 12).

توسعات الحرم المكي عبر التاريخ
وهـكذا أمر الله سبحانه وتعالى إبراهيم ـ عليه السلام ـ ببناء البيت الحرام، وذكر القرآن الكريم بناء سيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل ـ عليهما السلام ـ للكعبة وتطهير المساحة المحيطة به، ولقد جاء جبريل ـ عليه السلام ـ بالحجر الأسود الى سيدنا إبراهيم ـ عليه السلام ـ، ولم يكن في بادئ الأمر أسودًا بل كان أبيضاً يتلألأ من شدة البياض، وذلك لقول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ:«الحجر الأسود من الجنة، وكان أشد بياضاً من الثلج حتى سودته خطايا أهل الشرك».
ويعتقد المسلمون أن أول من بناها هم الملائكة، وتفيد الروايات التاريخية أن الكعبة بُنيت 12 مرة عبر التاريخ؛ وفيما يلي أسماء البناة:
بناء قريش للكعبة قبيل الإسلام
يجب أن نشير أن قصي بن كلاب وهو أحد أجداد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وهو أول من سقف الكعبة، حيث قام بسقفها بخشب الدوم وجريد النخيل، وذلك قبل بناء قريش للكعبة بزمن طويل.
بقيت الكعبة على حالها إلى أن أعيد بناؤها على يد قريش في الجاهلية، وذلك بعد عام الفيل بحوالي ثلاثين عاماً، إذ حدث حريق كبير بالكعبة، نتج عن محاولة إمرأة من قريش تبخير الكعبة فاشتعلت النار وضعف البناء، ثم جاء سيل حطم أجزاء الكعبة، فأعادت قريش بناءها، واتفقوا أن لا يُدخلوا في بنائها إلا مالاً طيباً فقصرت بهم النفقة فأخرجوا من جهة الحجر ثلاثة أمتار.
ومن مميزات بنائهم أنهم رفعوا الباب من مستوى المطاف ليدخل الكعبة من أرادوه، وسدوا الباب الخلفي المقابل لهذا الباب، وسقفوا الكعبة وجعلوا لها ميزاباً يسكب مياه الأمطار في الحطيم، ورفعوا بناء الكعبة 8.64 متر بعد أن كان 4.32 متر، وقد حضره النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وكان يبلغ من العمر حينها 35 سنة وشارك بنفسه في العمل.
ولما أرادت قريش في هذا البناء أن ترفع الحجر الأسود لتضعه في مكانه اختصمت بطون قريش فيما بينها، حتى كادت تقع بينهم الحرب، ثم اصطلحوا على أن يحكم بينهم أول رجل يخرج عليهم من هذه السكة، فكان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أول من خرج فقضى بينهم أن يجعلوا الحجر الأسود في كساء ثم يرفعه زعماء القبائل فرفعوه، ثم ارتقى محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فوضعه بيده الشريفة مكانه، فحل بذلك المشكلة التي كادت تسبب حروباً بين قبائل قريش.
توسعات الحرم المكي عبر التاريخ
بناء عبد الله بن الزبير
وفي عهد عبدالله بن الزبير، أُعيد بناء الكعبة بعدما أصابها من الحريق الذي شب في الكعبة بعد ما رميت بالمنجنيق، أثناء حصار يزيد بن معاوية لمكة في نزاعه مع عبد الله بن الزبير، وسبب الحصار هو أن عبد الله بن الزبير رفض مبايعة يزيد بن معاوية، وثار الزبيريون معه في المدينة فأرسل يزيد جيشاً إلى المدينة بقيادة مسلم بن عقبة، ودخلها ثم إتجه إلى مكة ولكنه توفي قبل أن يصل إليها.
وكان خليفته في قيادة الجيش الحصين بن النمير الذي حاصر مكة لفترة، وبالفعل استطاع الحصين أن يسيطر على جبل أبي قبيس وجبل قعيقعان، ثم أخذ يرمي عبد الله بن الزبير وأتباعه الذين كانوا متحصنين داخل المسجد بالمنجنيق فأصيب المسجد، ولم يكتف الحصين بذلك بل رمى المسجد بالنار فاحترقت الكعبة، وضعُف بنائها، ولكن الحصين عاد إلى الشام بعد أن توفي يزيد.
بعد مبايعة عبد الله بن الزبير خليفة على المسلمين سنة 64هـ كان أمامه أمران: إما أن يُرمم الكعبة أو أن يهدمها ثم يعيد بنائها، فقرر هدم الكعبة وأعادة بنائها على قواعد سيدنا إبراهيم ـ عليه السلام ـ، ولما كان قد سمع من خالته عائشة أم المؤمنين حديثاً يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم أن قريش نقصوا من بناء الكعبة لأن أموالهم قصرت بهم، وأنه لولا حداثة قريش بالإسلام لأعاد بنائها، وجعل لها بابين ليدخل الناس من أحدهما ويخرجوا من الآخر، فأعاد عبد الله بناء الكعبة على هذا النحو وزاد في بنائها لتكون على قواعد البناء القديم في عهد إبراهيم ـ عليه السلام ـ وجعل لها بابين على مستوى الأرض.
وكان ارتفاعها سبعة وعشرون ذراعاً وعرض جدرانها ذراعين كما جعل لها بابين (شرقي للدخول وغربي للخروج)، كما قام ابن الزبير بتوسعة المسجد الحرام، وقد تمت هذه التوسعة في السنة الخامسة والستين هجرية، وضاعفت من مساحة المسجد وبلغت مساحته عشرة آلاف متر مربع .

توسعات الحرم المكي عبر التاريخ
بناء الحجاج بن يوسف في العهد الأموي
قرر عبد الملك بن مروان التخلص من عدوه ومنافسه عبد الله بن الزبير إلى الأبد، فجهز جيشاً ضخماً لمنازلة ابن الزبير في مكة، وأمّر عليه الحجاج بن يوسف و أمره بالسير إلى مكة للقضاء على ابن الزبير.
خرج الحجاج بجيشه إلى الطائف، وانتظر الخليفة ليزوده بمزيد من الجيوش، فتوالت الجيوش إليه حتى تقوى تماماً، ثم زحف الحجاج إلى مكة في موسم الحج ونصب المـجانيق على جبل أبي قبيس وعلى جبل قعيقعان ونواحي مكة كلها، فتحصن ابن الزبير في المسجد وأخذت أحجار المنجنيق تتساقط على المسجد.
وبسبب هذا القصف احترقت الكعبة، فاضطر ابن الزبير إلى الخروج للقتال مع جماعة من أتباعه حتى قتل جميع أتباعه وانتهى الأمر بقتل ابن الزبير، وبعد أن سيطر الحجاج على مكة كتب إلى الخليفة عبد الملك بن مروان أن ابن الزبير قد زاد في البيت ما ليس فيه وقد أحدث فيه باباً آخر، فكتب إليه عبد الملك: «أن سُد بابها الغربي وأهدم ما زاد فيها من الحجر»، فهدم الحجاج منها ستة أذرع وبناها على أساس قريش وسد الباب الغربي، وسد ما تحت عتبة الباب الشرقي لارتفاع أربعة اذرع ووضع مصراعان يغلقان الباب.
وأمر عبد الملك بن مروان الحجاج بن يوسف أن يعيد بناء الكعبة إلى ما كانت عليه في عهد قريش؛ وذلك لعدم علمه بحديث عائشة ـ رضى الله عنهاـ .
وفي عهد الوليد بن عبد الملك كانت عمارة التوسعة الرابعة للمسجد وذلك في سنة 91 هجرية، وذلك بعد سيل جارف أصابها، وقد زاد من مساحة المسجد، وأجمع الكثير من المؤرخين على أن الوليد بن عبد الملك كان أول من استعمل الأعمدة التي جلبت من مصر والشام في بناء المسجد الحرام، وكان عمل الوليد عملاً مُحكماً بأساطين الرخام، وقد سقفه بالساج وجعل على رؤوس الأساطين الذهب وأزّر المسجد من داخله بالرخام، وجعل على وجوه الطيقـان الفُسَيْفساء، وشيد الشرفات ليستظل بها المصلون من حرارة الشمس، وقدرت زيادته بـ (2805) متراً.
توسعات الحرم المكي عبر التاريخ
بناء السلطان مراد الرابع في العهد العثماني
وفي عهد السلطان أحمد الأول حدث تصدع في جدران الكعبة وكذلك في جدار الحجر، وكان من رأي السلطان أحمد هدم بناء الكعبة وإعادة بنائها من جديد، لكن العلماء منعوه من ذلك، أما المهندسين فأشاروا عليه بدلاً من ذلك بعمل نطاقين من النحاس الأصفر المطلي بالذهب واحد علوي وآخر سفلي، ورغم ذلك لم تصمد الكعبة طويلا وتهدمت جدرانها عقب أمطار غزيرة شهدتها مكة المكرمة يوم الأربعاء 19 شعبان 1039 هـ الموافق أبريل 1630م، وتحول هذا المطر إلى سيل عظيم، دخل المسجد الحرام والكعبة، وبلغ منتصفها من الداخل وحمل جميع ما في المسجد من خزائن الكتب والقناديل والبسط وغيرها، وخرب الدور واستخرج الأثاث منها، ومات بسببه خلق كثير.
وسقط جدارها الشامي وجزء من الجدارين الشرقي والغربي، وسقطت درجة السطح، لذلك أمر السلطان مراد الرابع بسرعة عمارتها، وتجديدها على أيدي مهندسين مصريين في سنة 1040 هـ/1630مـ، وهو البناء الأخير والحالي للكعبة، حيث تم إصلاح وترميم المسجد بأكمله وفرشت أرضه بالحصى، ويدأ العمل في عمارتها يوم الأحد 23 جمادى الآخرة سنة 1040 هـ/1630م، وتم الانتهاء من البناء في غرة شهر رمضان من السنة نفسها.
وهو البناء الحالي الماثل أمامنا وكل ما حدث بعد ذلك كان عبارة عن ترميمات وإصلاح فقط.
تعقيب: لم ترضِني صور هذا التقرير، ولا ترتيب تطور بناء الكعبة الشريفة، والذي كان بدايته:
الملائكة
آدم وحواء عليهما السلام
شيث عليه السلام
ابراهيم الخليل عليه السلام
العمالقة (من الحجاز 5000 عام ق م)
جرهم (احفاد اسماعيل عليه السلام)
قصي
قريش
عبد الله بن الزبير
الحجاج في عهد الخليفة عبد الملك
مراد (4)


هذا ما قبل عصرنا الحاضر
آخر مشاريع تطوير التوسعات

مواقع النشر