الميراث بالتقدير :
يشتمل الميراث بالتقدير على مواضيع عديدة منها : ميراث الحمل بتقديره حيا أو ميتا ، ذكرا أو أنثى أو توائم ، و ميراث الخنثى : خنثى ذكر أو خنثى أنثى أو خنثى مشكل ، و ميراث المفقود بتقديره حيا أو ميتا .
كل هذه المواضيع يتناوله الميراث بالتقدير الذي يعتبر شيئا نظريا أكثر منه تطبيقيا إلا أن هذا لا يمنع من التكلم عنه نظرا لمشروعيته .
أولا : ميراث الحمل :
الحمل لغة : بالفتح اسم لما في البطن ، أما بالكسر فهو الشيء المحمول .
الحمل شرعا : الحمل هو الجنين الذي لا زال في بطن أمه في المدة ما بين العلوق و الولادة .
شروط ميراث الحمل :
1) أن يكون الحمل حيا و موجودا وقت وفاة مورثه : و هذا شرط عام في جميع الورثة ـ سبق و أن تطرقنا إليه في درس " شروط الميراث " .
2) أن يولد الجنين حيا أو استهلال الجنين صارخا بعد خروجه من بطن أمه ، و ذلك لما روي عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ : (( من السنة لا يرث المنفوس و لا يورث حتى يستهل صارخا )) .
أقل مدة للحمل :
اتفق جميع الفقهاء على أن أقل مدة للحمل لا تقل عن الستة أشهر إلا ما لحق بها كاليوم و اليومين و الثلاثة ، و هذه المدة مستنبطة من قوله تعالى : (( و فصاله في عامين )) لقمان 14 ، و من قوله تعالى : (( و حمله و فصاله ثلاثون شهرا)) الأحقاف 15 .
و بطرح الحولين ( 24 شهرا ) و هي مدة الرضاع من الثلاثين و هي مدة الحمل و الرضاع ، تكون الباقية هي مدة الحمل فقط هي ستة أشهر .
كما روي أن رجلا تزوج امرأة فولدت ولدا لستة أشهر فهمّ عثمان ـ رضي الله عنه ـ برجمها فقا ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : " أما أنها لو خاصمتكم بكتاب الله لخصمتكم ، قال الله تعالى : (( و حمله و فصاله ثلاثون شهرا )) و قال عز وجل (( و حمله و فصاله ثلاثون شهرا )) فإذا ذهب للفصال عامان لم يبق للحمل إلا ستة أشهر )) " فدرأ عثمان ـ رضي الله عنها الحد و أثبت النسب .
أقصى مدة للحمل :
لم يحدث حولها أيّ اتفاق و ذلك لعدم ورود أيّ نص قرآني أو حديث نبوي صحيح معتمد في ذلك ، فاجتهد كل واحد و أقر ما صح عنده من أثر يروى عن أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو أخبار الناس الموثوق بهم بأن فلان ولد بعد حمل استمر كذا من السنين ، و لم يكن لديهم من الأدلة الدامغة إلا هذه الأخبار ، و لعل مرد ذلك يرجع إلى مسألة الحمل المستكن الذي يطول بقاؤه في بطن أمه ، فذهب الحنفية إلى أن مدة الحمل هي سنتين ، و أما الشافعية و بعض المالكية فقدروها بأربع سنوات ، و ذهب بعض من المالكية إلى أن مدة الحمل سبع سنين ، و ذهب محمد بن الحكم و هو من فقهاء المالكية إلى أن مدة الحمل سنة قمرية ـ و هذه مدة معقولة و مقبولة ـ و قد أسس رأيه هذا على الغالب المألوف و بما جرت به العادات و ما أقرته التجارب .
أما نحن في الوقت الحاضر و نظرا لتقدم الطب فلا ضير إذا أخذنا برأي الطب من أهل الاختصاص في تحديد مدة الحمل حتى يزال الشك و يختصر الوقت ، و في قانون الأسرة عندنا أخذ بمدة عشرة أشهر .
صور الحمل في الميراث :
إذا كان الحمل وارثا فإنه لا يخلو أمره من أحد صور أربعة :
الصورة الأولى : أن يكون الحمل وارثا على أساس الذكورة و على أساس الأنوثة و لكن يختلف ميراثه من تقدير إلى تقدير :
ففي هذه الحالة تحل المسألة حلين أيهما أحسن له ترك له ، الحل الأول على أساس أن الحمل ذكر ، و الحل الثاني على أساس أن الحمل أنثى ، بينما بقية الورثة فإنهم يعاملون بأسوأ نصيب مع الحمل .
مثال : هلك و ترك : زوجة و أما حاملا من أبيه ، و ترك 156000 ريالا .
أ ـ حل المسألة على أساس تقدير الحمل ذكرا :
الزوجة :ــــــ 1/4
الأم :ــــــــ 1/3
الحمل ( أخ شقيق ) : الباقي تعصيبا
أصل المسألة : 12
الزوجة :ــــــ 3
الأم :ــــــــ 4
الحمل ( أخ شقيق ) : 5
قيمة السهم : 156000 : 12 = 13000 ريال .
نصيب الزوجة : ـــــ 13000 * 3 = 39000 ريال .
نصيب الأم : ـــــــ 13000 * 4 = 52000 ريال .
نصيب الحمل ( أخ شقيق ) : 13000 * 5 = 65000 ريال .
ب ـ حل المسألة على أساس تقدير الحمل أنثى :
الزوجة :ـــــــ 1/4
الأم :ـــــــــ 1/3
الحمل ( أخت شقيقة ) : 1/2
أصل المسألة : 12
الزوجة :ــــــ 3
الأم :ــــــــ 4
الحمل ( أخت شقيقة ) : 6
نلاحظ أن أصل المسألة ( 12 ) و عالت إلى ( 13 )
قيمة السهم : 156000 : 13 = 12000 ريال .
نصيب الزوجة : ـــــ 12000 * 3 = 36000 ريال .
نصيب الأم : ـــــــ 12000 * 4 = 48000 ريال .
نصيب الحمل ( أخت شقيقة ) : 12000 * 6 = 72000 ريال .
و بالمقارنة بين الحالتين نجد أن أفضل نصيب للحمل هو على أساس تقدير أن الحمل أنثى ( 72000 ريال ) و بالتالي نقسم التركة على أساس أن الحمل أنثى ، فإن جاء أنثى أخذت 72000 ريال ، و إن جاء ذكرا أخذ 65000 ريال ، و يبقى 7000 ريال للزوجة منها 3000 ريال تكملة لنصيبها و هو 39000 ريال ، و للأم 4000 ريال تكملة لنصيبها و هو 52000 ريال .
الصورة الثانية : أن يرث على كلا التقديرين و لا يختلف نصيبه :
كأن يكون الحمل " ولدا لأم " ففي هذه الحالة يترك له نصيبه و يعطى الباقون أنصبتهم .
مثال : هلك و ترك زوجة و أختين شقيقتين و أما ( حاملا من غير أبه )، و ترك 900 هكتار .
أ ـ حل المسألة على أساس تقدير الحمل ذكرا :
الزوجة : ـــــ 1/4 لانعدام الفرع الوارث مطلقا .
الأم : ـــــــ 1/6 لوجود العدد من الإخوة .
الأختين الشقيقتين : 2/3 لتعددهما و انعدام المعصب لهما .
الحمل ( أخ لأم ) : 1/6 لانفراده و انعدام من يحجبه .
أصل المسألة : 12
الزوجة : ـــــ 3
الأم : ـــــــ 2
الأختين الشقيقتين : 8
الحمل ( أخ لأم ) : 2
أصل المسألة ( 12 ) و عالت إلى ( 15 ) .
قيمة السهم : 900 : 15 = 60 هكتارا .
نصيب الزوجة : 60 * 3 = 180 هكتار .
نصيب الأم : 60 * 2 = 120 هكتار .
نصيب الأختين الشقيقتين : 60 * 8 = 480 هكتار .
نصيب الحمل ( أخ لأم ) : 60 * 2 = 120 هكتار .
ب ـ حل المسألة على أساس تقدير الحمل أنثى :
الزوجة : ـــــ 1/4 لانعدام الفرع الوارث مطلقا .
الأم : ـــــــ 1/6 لوجود العدد من الإخوة .
الأختين الشقيقتين : 2/3 لتعددهما و انعدام المعصب لهما .
الحمل ( أخت لأم ) : 1/6 لانفرادها و انعدام من يحجبها .
أصل المسألة : 12
الزوجة : ـــــ 3
الأم : ـــــــ 2
الأختين الشقيقتين : 8
الحمل ( أخت لأم ) : 2
أصل المسألة ( 12 ) و عالت إلى ( 15 ) .
قيمة السهم : 900 : 15 = 60 هكتارا .
نصيب الزوجة : 60 * 3 = 180 هكتار .
نصيب الأم : 60 * 2 = 120 هكتار .
نصيب الأختين الشقيقتين : 60 * 8 = 480 هكتار .
نصيب الحمل ( أخت لأم ) : 60 * 2 = 120 هكتار .
فنلاحظ أن الحمل أخذ على أساس كونه ذكرا 120 هكتارا ، و أخذ على أساس أنه أنثى 120 هكتارا ، و بالتالي تقسم التركة فيأخذ الورثة نصيبهم ، و يترك نصيب الحمل .
مواقع النشر