القضية الأولى : المسألة الأكدرية
سميت بذلك ـ يقال ـ أنها وقعت لامرأة من " بني الأكدر " ، فنسبت إلى قبيلة تلك المرأة ، و يقال : أن صورة هذه المسألة كدرت على " زيد بن ثابت " مذهبه ، و يقال : أن " عبد الملك بن مروان " طرحها على رجل يقال له " الأكدر " و كان خبيرا في الفرائض فأخطأ في توزيع التركة .
كما تسمى " بالغرّاء " لشهرتها في علم الفرائض و تشبيها لها بغرة الفرس في الوضوح و الظهور .
صورتها : هلكت امرأة و تركت : زوجا و أما و جدا و أختا لأب .
الأصل عند زيد بن ثابت ـ رضي الله عنه ـ أن تسقط الأخت لأب لأن :
للزوج : النصف فرضا لانعدام الفرع الوارث مطلقا .
للأم : الثلث فرضا لانعدام الفرع الوارث مطلقا و العدد من الإخوة .
للجد : السدس و هو الباقي من التركة .
الأخت لأب : لم يبق لها شيء .
أصل المسألة : 6
للزوج : 3 أسهم .
للأم : سهمان .
للجد : 1 سهم .
الأخت لأب : لم يبق لها شيء .
و كما نلاحظ أن نصيب الجد هو السدس و هو ما تبقى من التركة ، و لا يمكن أن تشاركه فيه الأخت ، لأنه لا يصح أن ينقص عن فرضه المقرر له في مثل هذه الحالة ، فكان من المفروض أن تسقط الأخت من الميراث حسب القاعدة المتقدمة كما هو مذهب أبي حنيفة و أحمد بن حنبل ـ رحمهما الله ـ و لكن زيدا بن ثابت ـ رضي الله عنه ـ خالف القاعدة و فرض للأخت النصف ، و أعال المسألة من 6 إلى 9 ، ثم ضم سهام الأخت إلى الجد و قسّم السهام بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين ، و بهذا أخذ مالك و الشافعي ـ رحمهما الله ـ .
للزوج : النصف فرضا لانعدام الفرع الوارث مطلقا .
للأم : الثلث فرضا لانعدام الفرع الوارث مطلقا و العدد من الإخوة .
للجد : السدس و هو الباقي من التركة .
الأخت لأب : النصف فرضا لانفرادها و انعدام من يعصبها أو يحجبها .
أصل المسألة : 6 و عالت إلى 9
للزوج : 3 أسهم .
للأم : سهمان .
للجد : 1 سهم .
الأخت لأب : 3 أسهم .
فمجموع سهام الجد و الأخت 4 ، للجد حصتان و للأخت حصة واحدة ، و كما تلاحظون أن عدد الأسهم 4 لا يقبل على عدد الرؤوس 3 ، و نلاحظ أن بين 4 و 3 تنافر ، فنصحح المسألة فنضرب عدد الرؤوس 3 في أصل المسألة بعد العول 9 فيصبح أصل المسألة الجديد هو : 27
للزوج : 9 أسهم .
للأم : 6 أسهم .
للجد : 8 أسهم .
للأخت : 4 أسهم .
و بجمع نصيب الجد و الأخت 12 يقتسمانه للذكر مثل حظ الأنثيين ، فيكون للجد 8 أسهم ، و للأخت 4 أسهم .
ملاحظة : إذا بدّل أحد الورثة الآخرين خرجت عن حكم المسألة الأكدرية ، و يمكن أن تكون بدل الأخت لأب أختا شقيقة .
و قد سبق و أن تعرضنا لصورة المسألة الأكدرية في " ركن الألغاز الفقهية "
بدأ أهل ميت يقسمون تركة ميتهم ، فأقبلت عليهم امرأة فقالت :
ما بال قوم غدوا قد مات ميتهــم **** فأصبحوا يقسمون المال و الحلـــلا
قالت امرأة من غير عترتهــــــــم **** ألا أخبركــــــم أعجوبـــــة مثـــــــــلا
في البطن مني جنين دام يشكركم **** فأخروا القسمة حتى تعرفوا الحملا
فإن يكن ذكرا لم يعط خردلـــــــــة **** و إن يكن غيره أنثى فقد فضــــــلا
بالنصف حقا يقينا ليس ينكـــــره **** من كان يعرف فرض الله لا زلـــــلا
إني ذكرت لكم أمري بلا كـــــــذب **** فلا أقول لكم جهلا و لا مشكــــــــلا
القضية الثانية : معادّة الإخوة لأب على الجد
كل ما تقدم من أحكام الجد إنما هو إذا انفرد نوع من الإخوة مع الجد ، بأن كانوا أشقاء فقط ، أو كانوا لأب فقط ، أما إذا وجد الأشقاء و معهم الإخوة لأب مع الجد فإن الإخوة جميعا يحسبون كأنهم نوع واحد ، أي يعدّون و يحسبون على الجد حين المقاسمة إضرارا بالجد بحيث يقل نصيبه ، حتى إذا أخذ الجد نصيبه بمقتضى ما تقدم من أحواله ، انفرد الأشقاء في باقي المال و حرم الإخوة لأب ، فالإخوة و الأخوات لأب يحسبون على الجد إضرارا به و لكنهم لا يرثون مع وجود الإخوة الأشقاء ، إلا إذا كانت أختا شقيقة واحدة و أخذت نصفها ، فإذا بقي شيء فهو للإخوة لأب .
مثال 1 : هلك عن : جد ، و أخ شقيق ، و أخ لأب .
في الحالة العادية أي في حالة انعدام الجد فإن الأخ لأب محجوب بالأخ الشقيق ، و لكن في هذه الحالة نحسب الأخ لأب كأنه وارث ، و بالتالي وجد الجد مع مثليه و قد مر معنا في درس ميراث الجد أن الجد إذا وجد مع مثليه استوت المقاسمة مع الثلث ، فيأخذ الجد الثلث ، و نعطي الأخ الشقيق نصيبه و نصيب الأخ لأب و هو الثلثان ، و نحجب الأخ لأب .
مثال 2 : هلك عن : أخت شقيقة ، و جد ، و أخ لأب ، و أختين لأب .
نلاحظ بحساب الأخ لأب و الأختين لأب على الجد ، فإنه وجد مع أكثر من مثليه ، و بالتالي ثلث التركة له أفضل .
الأخت الشقيقة : النصف .
الجد : الثلث .
الأخ لأب + الأختين لأب : الباقي تعصيبا للذكر مثل حظ الأنثيين .
ملاحظة 1 : إذا وجد مع الجد الإخوة لأم فإنهم يسقطون بالإجماع و ينفرد الجد بالميراث ، لأن إرثهم يشترط فيه أم يكون ( كلالة ) أي لا أصل للميت و لا فرع له ، و هذا معنى قول الناظم :
و احسب بني الأب لدى الأعداد **** و ارفض بني الأم من الأجداد
و احكم على الإخوة بعد العــــدّ **** حكمك فيهم عند فقد الجـــــــدّ
ملاحظة 2 : أبناء الإخوة الأشقاء ،و أبناء الإخوة لأب ، لا يرثون مع الجد أصلا ، و هذا مما اتفق عليه الأئمة و الفقهاء ، و هذا معنى قول الناظم :
و اسقط بني الإخوة بالأجداد **** حكما بعدل ظاهر الرّشاد .
مواقع النشر