أنـــواع الإرث


للإرث ثلاثة أنواع :


أولا : الميراث بالفرض :والفرض هو المقدار المقرر شرعا ، و الفروض التي ذكرت في القرآن الكريم هي ستة فروض فقط و هي : ( النصف ، الربع ، الثمن ، الثلثان ، الثلث ، السدس ) ، و تسمى الثلاثة الأولى ( النصف ، الربع ، الثمن ) " النوع الأول " لأن مقاماتها متداخلة في بعضها البعض ( 2 و 4 و 8 ) ، و تسمى الثلاثة الثانية ( الثلثان ، الثلث ، السدس ) " النوع الثاني " لأن مقاماتها متداخلة في بعضها البعض ( 3 و 3 و 6 ) ، و يمكن معرفة هذه الفروض بطريقين :
أ ـ طريق التدلي : و هو أن تقول في بيان الفروض :
النصف و نصفه و هو ( الربع ) ، و نصف نصفه و هو ( الثمن ) .
و الثلثان و نصفهما و هو ( الثلث ) ، و نصف نصفهما و هو ( السدس ) .
ب ـ طريق الترقي : و هو أن تقول :
الثمن و ضعفه و هو ( الربع ) ، و ضعف ضعفه و هو ( النصف ) .
و السدس و ضعفه و هو ( الثلث ) ، و ضعف ضعفه و هو ( الثلثان ) .
ملاحظة : صنفنا الفروض إلى النوع الأول و النوع الثاني لأننا نحتاج إليها في كيفية معرفة أصول المسائل لاحقا .


ثانيا-الميراث بالتعصيب :
التعصيب هو النصيب غير المحدد شرعا ، فيأخذ الوارث به جميع المال إذا انفرد ، أو الباقي بعد أصحاب الفروض ، و الميراث بالتعصيب على ثلاثة أنواع هي :


1 ـ التعصيب بالنفس :و العاصب بالنفس هو كل ذكر ليس بينه وبين الميت أنثى ، وحكمه أنه يأخذ جميع المال إذا انفرد ، ويأخذ الباقي بعد أصحاب الفروض ، وإذا نفذت التركة كلها فلا يأخذ شيئا ، وجهات العصبة بالنفس سبعة عند المالكية و من وافقهم من الشافعية على الترتيب : ( البنوة ، الأبوة ، الجدودة و الإخوة الأشقاء أو لأب ، بني الإخوة ، العمومية ، الولاء ، بيت المال) ، أما الحنابلة فإنهم أقروا الأصناف الستة السابقة و لكنهم أسقطوا بيت المال من كونه عصبة ، أما الحنفية فإنهم جعلوا جهات العصبة بالنفس أربعة ( البنوة ، الأبوة ، الأخوة ، العمومية ) .


2 ـ التعصيب بالغير :
لا يكون إلا لأنثى صاحبة نصف إذا اجتمعت مع وارث بالتعصيب بالنفس ، وتنحصر في جهتين : البنوة و الأخوة ( البنت مع الابن ، بنت الابن مع ابن الابن ، الأخت الشقيقة مع الأخ الشقيق ، الأخت لأب مع الأخ لأب ) .


3 ـ التعصيب مع الغير:
و لا يكون إلا لأنثى مع أنثى ، و هذا التعصيب مختلف عن سابقيه حيث لا يكون التعصيب فيه إلا لشق واحد فقط ، كما أن التعصيب مع الغير مشروط بوجود الأخوات الشقيقات أو لأب مع البنات أو بنات الابن أو كليهما ، فالتعصيب مع الغير لا يكون إلا للأخوات الشقيقات أو لأب حين وجودهن مع الفرع الوارث المؤنث .


ثالثا-الجمع بين الفرض والتعصيب :
ذهب جمهور الفقهاء ومن بينهم المالكية إلى إمكانية الجمع بين وصفين في الميراث و الأخذ بهما معا إذا لم يكن محجوبا بأي منهما .
* فمن تزوج ابنة عمه و لا وارث لها غيره فإنه يرث النصف باعتباره زوجا لها و يرث النصف الباقي تعصيبا باعتباره ابن عم لها .
و كذلك لو توفي عن ابن عم هو أخ له من أمه ، فيرث السدس على أساس أنه أخ لأم ويرث الباقي تعصيبا على أساس أنه ابن عمه .


*أما إذا توفي و ترك 3 أبناء عم أحدهما أخ له من الأم ، فهل يرث الأخ لأم السدس لأنه أخ لأم و الباقي تعصيبا على أساس أنه ابن عم ؟؟ أم أنه يرث السدس على أساس أنه أخ لأم و يشترك في الباقي مع ابني عمه الآخرين ؟.
قال مالك و الشافعي و أبو حنيفة و الثوري : للأخ لأم السدس فرضا ، و يشترك في الباقي مع ابني عمه ، و هو قول علي و زيد و ابن عباس ـ رضي الله عنهم ـ .
و قال داود و أبو ثور و الطبري و غيرهم و ابن مسعود من الصحابة : أن المال كله لابن العم الذي هو أخ لأم يأخذ السدس فرضا و الباقي تعصيبا ، و ذلك لإدلائه للميت بسببين .
و الرأي الأول أولى بالاتباع لسببين :
أ ـ لأن الأخ لأم استحق الفرض بقرابة الأم فلا يقدم بها في التعصيب .
ب ـ لأن أصحاب الرأي الثاني حجبوا ابن العم بمن يساويه في الدرجة و الجهة و القوة ، و هذا يعتبر خروجا عن قواعد الحجب .


* و قد يكون الشخص متصلا بالميت من جهتين و لكن محجوبا في أحدهما ، ففي هذه الحالة يرث بالتي لم يحجب بها و لا اعتبار للتي حجب عن طريقها ، و مثال ذلك كأن تتوفى امرأة و تترك : بنتا و ابن عم هو أخ لأم ، فالبنت تأخذ النصف فرضا و الباقي لابن العم تعصيبا و لا شيء له عن طريق الإخوة لأم لأنه محجوب بالبنت من تلك الجهة .



يعتبر الحجب بابا عظيم الفائدة في الفرائض ، فمن لم يتفقه فيه كما ينبغي صعب عليه الإفتاء في الفرائض ، ومن أحسن ما قيل في هذا المضمار :


أقول ذا الباب عظيم الفائـدة **** فـجـد فيه تحتوي مقاصده
من لم يفز منه بسر غامض **** يحرم أن يفتي في الفرائض



الحجب لغة :
هو المنع ومنه الحجاب اسم لما يستتر به الشيء ، ومنه قوله تعالى ( وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب )) ، وقوله تعالى ( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون )) أي أنهم ممنوعون عن رؤية الله تعالى يوم القيامة ، ويقال للبواب حاجب لأنه يمنع الناس من الدخول على الرؤساء بغير إذن ، فالحاجب هو من يمنع غيره من الإرث ، و المحجوب هو الممنوع من الإرث .
الحجب شرعا : هو منع من قام به سبب من أسباب الميراث من الإرث كله أو من أوفر حظيه لوجود شخص آخر ، و يسمى ( حجب بالشخص ) .


الحرمان ( حجب بالوصف ) :
هو منع الشخص من الميراث مع قيام سببه لوجود مانع يمنعه من ذلك ككونه قاتلا أو مرتدا ـ و قد تطرقنا إلى هذا النوع بالتفصيل في الحديث عن موانع الميراث ) .


الفرق بين الحجب والحرمان :
1- الحرمان يدخله عنصر الاختيار ( الردة ، قتل المورث ) ، أما الحجب فلا اختيار فيه لأنه نتيجة وجود شخص آخر أولى وأقرب .
2- توافرت في صاحب الحجب كل شروط الميراث بما فيها انتفاء المانع ولكن أولوية شخص آخر غيره حرمته من ذلك ، أما المحروم فلم تتوافر فيه كل الشروط لأن انتفاء المانع لم يحصل .
3- لا يؤثر المحروم على غيره لأن وجوده وعدمه سواء ، أما المحجوب فبالرغم من عدم أخذه من التركة إلا أنه يؤثر على غيره .
مثال 1 : ( زوجة ، أما ، ابنا قاتلا ) فللزوجة الربع فرضا و للأم الثلث فرضا ، و بالباقي للأم بالرد عند القائلين به ، و الابن محروم من الميراث لأنه قاتل فهو لم يؤثر على ميراث الزوجة أو الأم فوجوده كعدمه .
مثال 2 : ( أبا ، أما ، أخوين لأم ) ، للأم السدس لوجود الأخوين لأم ، الأب الباقي تعصيبا ، و الأخوين لأم محجوبين بالأب ، و نلاحظ أن الأخوين لأن بالرغم من كونهما محجوبين إلا أنهما أثر على ميراث الأم من الثلث إلى السدس . .



أقسام الحجب
:


ينقسم الحجب بالشخص إلى قسمين :


1 - حجب الإسقاط ( الحرمان ) : هو منع الشخص من ميراثه أصلا لوجود شخص آخر أولى منه ، كحجب الجد بالأب ، و حجب ابن الابن بالابن ، و هكذا .
2 - حـجـب الـنـقصان : هو منع الشخص من أوفر حظيه لوجود شخص آخر كان سببا في ذلك ، و سنعرف ذلك بالتفصيل مع كل وارث .


قواعد الحجب من الميراث :
1- قاعدة الجهة : وهي جهات التعصيب بالنفس السبع ـ على رأي المالكية و من وافقهم ـ على ترتيبها و بناء على ذلك الترتيب تتم المفاضلة بين أنواعها ( سبق ذكرها في موضوع أنواع الإرث ).


2- قاعدة الدرجة : الأقرب درجة يحجب الأبعد درجة وذلك عند اتحاد الوصف والنوع ، حيث إذا لم يحالفنا معيار الجهة في بيان الحاجب و المحجوب نرجع إلى هذه القاعدة فبها نستطيع أن نعرف ذلك مثلا لو كان عندنا ابن و ابن ابن فكلاهما يعتبر من جهة البنوة ، فالجهة لا تعطينا المعيار الحاسم و بالاعتماد على قاعدة الدرجة يتضح أن الابن يحجب ابن الابن لأنه أقرب درجة منه .


3 - قاعدة الإدلاء : أي من أدلى إلى الميت بواسطة حجبته تلك الواسطة إذا وجدت ما عدا الإخوة لأم ، مثال : ( ابن الابن مع الابن ، و الجد مع الأب ، والجدة مع الأم ).


4 - قاعدة القوة : وتتمثل في من يدلي للميت بسببين ، ومن يدلي له بسبب واحد ، فالذي يدلي بالأبوين أشد قوة ممن يدلي بالأب وحده ، و لا يكون ذلك إلا في الإخوة و أبنائهم و الأعمام و أبنائهم و هي لا تكون إلا في العصبات ، مثلا لو هلك و ترك أخا شقيقا و أخا لأب كان الميراث للأخ الشقيق و لا شيء للأخ لأب و بالتالي يعد محجوبا .


ملاحظة : كنت أريد تقديم جدول مفصل للذين يحجبون حجب إسقاط ( حرمان ) ، و جدول للذين يحجبون حجب نقصان ، و لكن ارتأيت أن أتحدث عن كل وارث على حده و بعد الانتهاء من جميع الورثة يتم تقديم الجدولين كملخص .