عمالة سائبة ومستودعات مجهولة
«دكــا».. فـي حــارة «الـقـرشــان»
فالح الذبياني- مكة المكرمة
من نافذة صغيرة في منزلها بأعلى جبل شارع الحج تراقب أم عبدالرحمن أطفالها الأربعة بحارة القرشان وهم يتجهون إلى المدرسة يحملون على ظهورهم حقائب الدراسة كل صباح.. فالحي الذي كان في يوم ما موقعا مناسبا لذوي الدخل المحدود تحول فجأة الى مكان مفضل للجالية البنغلاديشية حتى يخيل أنك في العاصمة دكا، فأم عبدالرحمن كغيرها من الأمهات تشفق على ابنائها من مخاطر مخالفي أنظمة الاقامة والعمل وتدفق الوافدين بأعداد متزايدة إلى القرشان. زيارة واحدة للحي تكشف لك حزمة من التناقضات والاختلالات فإلى جانب انتشار بيع التنبول يعج الحي بعشرات المستودعات المجهولة للخضار والأسماك واللحوم الفاسدة. وقال نور الحق الذي تطوع ومكننا من كشف تناقضات هذا الحي إن هذا الانتشار الكثيف والتنامي الكبير للسكان يعود سببه الرئيسي الى هروب كثير من المطلوبين من أحياء النكاسة وحارة البلدية واستقرارهم في هذا الحي، لأن الأحياء التي تركوها تخضع لتواجد أمني كثيف ورقابة دائمة من قبل البلدية لكن الوضع هنا قد يكون مختلفا فقمة الجبل ودهاليز الحي تساعد هؤلاء لترويج بضائعهم الفاسدة ونقلها مع ساعات الفجر الأولى، واضاف نور الحق وهو بنجلاديشي يبلغ من العمر 50 عاما أن مثل هذه التجاوزات لا ترضينا ولا نقبل بها ولهذا فإن الاعلام هو خير وسيلة لفضح مثل هذه الممارسات، ويضيف ان بعض الوافدين اطلق على الحي “متشار” وهي تسمية لأحد الأحياء في بنجلاديش.
لغة العنف
المواطنون بدورهم عبروا عن انزعاجهم مما يجري في الحي بل ان كثيرا من هؤلاء يضع يده على قلبه خوفا على الأطفال اثناء التوجه الى المدرسة كل صباح أو لتأمين احتياجات الأسرة في وقت غياب الأب، يقول محمد الحربي المشكلة الرئيسية التي تواجهنا هي ان الحي اصبح مكانا مفضلا للمتخلفين والمخالفين وربما الهاربين من العدالة، فالجبال والدهاليز قد تكون أفضل من أحيائهم السابقة، المؤسف ان هذا الحي سيتحول الى مسرح للجريمة فتكاثر هؤلاء دون اقامات نظامية يجعل العنف هو اللغة السائدة للفصل في مشاكلهم ومنازعاتهم وهو ما يحدث في بعض الأحيان، ويضيف الحربي ان هؤلاء سيغيرون تركيبة الحي السكانية ولهذا لابد أن يكون العلاج سريعا والحلول مدروسة من خلال تنظيم الحي وترحيل المتخلفين ممن لا يحملون اقامات نظامية.أحمد الزهراني يقول: عانينا لفترات طويلة من المتخلفين والمخالفين الذين ينتشرون في أزقة الحي وشوارعه حتى اصبح هذا الحي مكانا غير مرغوب فيه للسكن من قبل المواطنين وحتى المقيمين، واضاف: على الرغم من وجود مسكن في هذا الحي الا أنني فضلت أن أقوم باستئجار شقة في شارع الحج وتحديدا وادي جليل وتركت المنزل لأنني أخاف على أسرتي وابنائي من هؤلاء المجهولين ولكن مع الأسف فإنني كغيري ممن يؤجرون مساكنهم لا أحصل على أجرة المنزل الا بشق الأنفس، كما أفاجأ كثيرا بهروب المستأجر بأجرة شهرين أو ثلاثة مما دفعني للتفكير في بيعه ولكن مع الأسف لم أجد من يرغب في الشراء.
خلخلة الشوارع
ويرى محمد باعارم أن الحل يكمن في خلخلة شوارع الحي، وشق شوارع عرضية وتمهيد الطريق الوعر الذي هو عبارة عن “طلعة” يمتد طولها لأكثر من 800 متر، ويضيف: المشكلة الرئيسية أن أمانة العاصمة المقدسة غائبة تماما عن رقابة المحلات التجارية والمستودعات وحتى البقالات فتجد معظم مرتادي هذه البقالات من الوافدين، وعندما توقف سيارتك لشراء بعض الأشياء تشعر كأنك غريب وأن الأعين تتربص بك من كل مكان، ويناشد المسؤولين في الأمانة التحرك سريعا ووضع خطة للرقي بالحي وخلخلة شوارعه وازالة المنازل الآيلة للسقوط فيه.
وقاية مكثفة
الرائد عبدالمحسن الميمان الناطق الرسمي لشرطة العاصمة المقدسة أكد ان حي شارع الحج وتحديدا “حارة القرشان” يخضع لرقابة أمنية وتكثيف للتواجد الأمني مرحبا بأي مشروع تطويري للحي يساهم الى جانب جهود رجال الأمن في توفير الأمان والحياة الهانئة للمواطن والمقيم ممن يسكنون، وشدد على دور المواطن ومسوؤلياته في الابلاغ عن المتخلفين والمخالفين لأنظمة الاقامة والعمل من خلال التواصل مع غرف العمليات لتقديم أي بلاغ يسهم في أمن الحي وراحة أبنائه.
مشروع الطلعة
المهندس أحمد منشي رئيس بلدية المعابدة الفرعية قال: ان لدى الأمانة مشروعا متكاملا لخلخلة هذه الشوارع كما ان مشروع الطلعة يدرس في التخطيط العمراني لربطها بالجهة المقابلة بحيث يسهل على المواطنين الوصول الى مساكنهم في أعلى الجبل، مشيرا الى ان فرق البلدية تكثف جولاتها وسبق ان صادرت كميات كبيرة من الخضروات والتنبول وغيرها من الباعة المتجولين، كما يبذل مراقبو صحة البيئة جهودا كبيرة للتأكد من ان جميع المحلات نظامية وخصوصا محلات بيع الأطعمة والوجبات السريعة.
مواقع النشر