بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إيران عرضت على أميركا تسليم بن لادن مقابل سكوت واشنطن عن قنبلتها النووية
واشنطن -
ما بين الحديث عن تشديد العقوبات على إيران والتسريبات الإسرائيلية التى تكشف عن أن الضربة العسكرية للمواقع الإيرانية صارت بحكم الأمر الواقع، وما بين التقارير التى تتحدث عن مخاطر امتلاك إيران لسلاح نووى، وتقارير تتحدث عن أن إيران النووية تخدم المصالح الأميركية، ومن خلال المعطيات الميدانية التى جرت فى المنطقة خلال الأسبوع الماضى، رسم دبلوماسى غربى كبير صورة مصغرة للأحداث يمكن اختصارها بعبارة واحدة: إنها سباق بين الخيار العسكرى والصفقة الشاملة، ولكن من خلال ما كشف عنه هذا الدبلوماسى، ينجلى ما هو أخطر، وهو تداعيات التسلح النووى الإيرانى على الخليج والشرق الأوسط، لا على الولايات المتحدة التى تستطيع أن تستوعبه وتحتويه وتتعامل معه .
ويلاحظ هذا الدبلوماسى أن هناك إشارات متناقضة تصدر عن الولايات المتحدة، فبينما تقول إحدى الدراسات العسكرية إن إيران النووية تصب فى النهاية فى مصلحة الولايات المتحدة، باعتبارها أنها ستؤدى إلى مضاعفات فى المنطقة من شأنها أن تعزز النفوذ الأميركى، والاعتماد المحلى على المظلة الأمنية الأميركية، كما أنها ستؤدى إلى تغييرات ديمقراطية تعزز النهج الأميركى، إلا أن دراسات أخرى تركز فى الوقت نفسه على مخاطر امتلاك طهران لسلاح نووى على المصالح الأميركية وعلى المنطقة بأثرها .
وبحسب هذا الدبلوماسى، فإنه رغم اللهجة الحادة المهيمنة على الحوار العلنى بين واشنطن وطهران، فإن ما يجرى خلف الأبواب المغلقة هو الأهم، ويوضح أن هناك مفاوضات سرية متعددة المستويات تجرى بين المسؤولين الأميركيين والإيرانيين، فى مناطق مختلفة، وبعضها يجرى فى مدن أوروبية مثل ميونيخ فى ألمانيا وزيوريخ فى سويسرا أو فى ستراسبورغ بفرنسا، وهى على الأغلب ذات طابع سياسى، وهدفها التوصل إلى نقاط اتفاق على سلوك سياسى فى المنطقة، بحيث تبقى المصالح الأميركية مؤمنة، مع اعتراف بدور إقليمى لإيران فى قضايا الخليج والشرق الأوسط كذلك آسيا الوسطى، وبحيث لا تبرز متناقضات تؤدى إلى مواجهة فى المستقبل، وفى سياق هذه الاجتماعات التى يحضرها مسؤولون من الجانبين، يدور الكلام الأميركى عن أهمية أن يتخلى نظام الملالى عن لهجته العدائية والتحريضية ضد الولايات المتحدة باعتبارها الشيطان الأكبر، والكف عن إثارة القلاقل فى مناطق نفوذها التقليدية كما تتناول المحادثات ضرورة أن تتوقف إيران عن تطوير سلاح نووى، ويطلب الإيرانيون أن تلتزم الولايات المتحدة، ومعها الغرب، بتلبية احتياجات إيران من الوقود النووى الذى يستخدم فى أغراض مدنية، مثل إنتاج الطاقة أو العلاج الطبى، ويبدون استعدادهم لوقف التخصيب، على ألا يتم الإعلان عن ذلك مؤقتًا حفاظًا على ماء الوجه وحتى لا تبدو إيران وكأنها تراجعت .
ويكشف الدبلوماسى أيضا عن اجتماعات أخرى لا تقل أهمية عن هذه الاجتماعات التى تعقد فى مدن أوروبية، وهى اجتماعات أمنية بالدرجة الأولى، وتعقد بين مسؤولين أمنيين غربيين وقياديين أمنيين من الحرس الثورى وجهاز جنود الإمام المهدى السريين، وهو جهاز مخابراتى عسكرى مكلف بالعمليات الخارجية ونادرًا ما يسمع عنه فى مناطق قريبة داخل الأراضى الباكستانية أو الأفغانية، حيث يتم التوصل فى هذه الاجتماعات إلى صفقات حسن نوايا، تقضى بتبادل المعلومات المخابراتية، وتنسيق عمليات مقايضة لتبادل تسليم مطلوبين، ويؤكد الخبير أن عملية اعتقال عبدالملك ريغى زعيم جند الله، وهى حركة بلوشية إيرانية مسلحة، وتسليمه إلى إيران، هى ثمرة إحدى هذه الصفقات التى أدت أيضا إلى اعتقال أربعة من زعماء طالبان أفغانستان هم الملا عبدالغنى برادار والملا عبدالكبير خان والملا عبدالسلام والملا محمد .
ويقول الدبلوماسى: إن إيران فى هذه الاجتماعات شعرت بحاجة أميركا إليها خاصة فى ملفى العراق وأفغانستان، ففى العراق، تستطيع إيران نسف الجدول الزمنى للانسحاب الأميركى، وحمل أوباما على النكث بوعده للأميركيين بالانسحاب من العراق فى عام ،2011 وتملك إيران تسهيل الانسحاب وجعله سلسًا، وكذلك الأمر فى أفغانستان .
وحسب الدبلوماسى فإن الأمنيين الإيرانيين عرضوا على أوباما تسليم أسامة بن لادن إلى أميركا، مقابل سكوت واشنطن عن امتلاك إيران لقنبلة نووية .
ويوضح الدبلوماسى أن مغزى الاجتماعات الأمنية هو إيصال رسالة بأن التعاون الإيرانى- الأميركى- الباكستانى مفيد لجميع الأطراف، وأنه قد يشكل نموذجًا لتعاون أوسع إذا ما تمت هذه الصفقة، كما أن استمرار هذه الاجتماعات تأكيد لنوايا الأطراف بالرغبة فى إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة .
أسباب التصعيد فى الواجهة الإعلامية
ويضع الدبلوماسى الغربى التصعيد الغربى حول عقوبات جديدة، والكلام حول بقاء الخيار العسكرى على الطاولة، فى سياق الضغط على النظام الإيرانى لإتمام الصفقة، وبنفس الإطار، يفسر الدبلوماسى الإجراءات الدفاعية الغربية الجديدة فى منطقة الخليج، ولكن النقطة التى تبدو شاذة عن هذا السياق، وهى الاستعدادات العسكرية الإسرائيلية الجارية على قدم وساق لتوجيه ضربة عسكرية إلى المواقع النووية الإيرانية، بما فى ذلك تصنيع طائرات بدون طيار بعيدة المدى قادرة على الوصول إلى الأراضى الإيرانية، لكن الدبلوماسى يقول إن الولايات المتحدة لا تمانع فى أن تمضى إسرائيل فى استعداداتها إلى النهاية، لأن ذلك يأتى ضمن الضغوط التى تمارس على الملالى للموافقة على الصفقة المطروحة الآن على بساط البحث، غير أن واشنطن حذرت تل أبيب من شن ضربة عسكرية أحادية بدون علمها، إذ لا يمكن أن تسمح واشنطن بتوريطها فى عملية غير محسوبة أميركيًا، تعرض القوات الأميركية فى المنطقة إلى خطر ضربة انتقامية .
تداعيات إيران النووية
ولكن السؤال الذى يظل مطروحًا، ومتداولاً فى الأوساط الأميركية، هو ما سيحصل إذا ما فوجئ الغرب بأن إيران قد امتلكت فعلاً سلاحًا نوويًا .
ويتوقع الدبلوماسى فى تلك الحالة أن تقع انقلابات فى دولتين خليجيتين على الأقل، تؤدى إلى وصول الشيعة إلى الحكم فيها، كما ستثور قلاقل فى دول أخرى، وسيقع الانفصال النهائى لجنوب العراق، ويتغير شكل الحكم فى لبنان، ويتغير الترتيب المذهبى للمناصب العليا فيه، كما ستسقط السلطة الفلسطينية وتتعزز سلطة حماس فى غزة والضفة، ولا يستبعد الدبلوماسى أن تقوم إسرائيل فى هذه الحالة باجتياح جديد للمنطقتين لأسباب أمنية بحتة، وإذا ما امتلكت إيران سلاحًا نوويًا، فستكون بداية لنشوب حروب أهلية، أحد أطرافها الأقليات الشيعية، وستؤدى إلى رسم خرائط جديدة لدول المنطقة، وستبرز كيانات جديدة قائمة على أسس طائفية ومذهبية .
وفى رأى الدبلوماسى الغربى أن تقارير مراكز الأبحاث عن أن إيران قد أصبحت دولة نووية بالفعل، تظهر وكأنها لتشجيع شن حرب على إيران، وبالفعل بدأت احتمالات تحول إيران إلى قوة نووية تظهر فى كواليس السياسة الأميركية، وبرزت تساؤلات حول ما ستفعله أميركا والغرب إذا ما امتلكت إيران قنبلة نووية، والتداعيات الإقليمية التى ستلى ذلك .
ويقول الدبلوماسى: إن هناك فريقًا من الإدارة الأميركية يعتقد أنه يمكن التعايش مع القنبلة النووية الإيرانية مهما كانت التداعيات، لأن واشنطن تستطيع احتواءها، فالطاقة مؤمنة، ولابد لإيران أن تبيع فى النهاية إنتاجها، كما أن البعض يعتقد أن إيران بعد الانفجار المعنوى الناجم عن امتلاكها القنبلة، وشعورها بالغرور فى البداية، فإنها ستهدأ وتصبح أكثر براجماتية واقتناعًا بأهمية التعاون مع أميركا والغرب، وهذا ما سيصب فى مصلحة الغرب فى النهاية مهما كانت آثاره المباشرة فى المنطقة، والغرب سيضطر إلى إعادة ترتيباته الدفاعية فى تلك الحالة، وكذلك دول المنطقة، ولكن هذه قضية أخرى .
والدافع الأساسى، فى رأى الدبلوماسى الغربى، هو رغبة واشنطن فى إغلاق الملف الإيرانى فى أسرع وقت ممكن، حتى تتفرغ للتحديات الرئيسية، وهى روسيا والصين التى تتمدد بسرعة، يقودها نهم إلى مصادر الطاقة، إذ إن احتياجاتها إلى النفط ستتضاعف عشرات المرات فى السنوات المقبلة .
ما هو موقف سورية ؟
ويتساءل الدبلوماسى عن موقف سورية فى السيناريوهات المختلفة، ويقول هذا الدبلوماسى بناء على معلومات متوفرة لديه: إنه رغم أن سورية أجرت مناورات مشتركة مع حزب الله بحضور خبراء عسكريين إيرانيين، وبرغم أن سورية استدعت جزءًا من احتياطيها، فإنها لن تغامر إطلاقًا بدخول حرب ضد إسرائيل، إذا ما تعرضت إيران لضربة عسكرية أميركية أو إسرائيلية، بل إنها ستحاول أن تجنى من أميركا والغرب، ثمن عدم وقوفها إلى جانب إيران فى تلك الحالة، أما إذا عقدت إيران صفقة مع أميركا والغرب، فإن سورية ستحصل من إيران ثمن وقوفها معها، وستستفيد من الاعتراف الغربى بدور لإيران فى المنطقة، كما هو متوقع فى الصفقة الجديدة، لتستفيد من الدور الإيرانى فى استعادة نفوذها فى لبنان وفى القضية الفلسطينية أيضا .
هذا هو ملخص ما يدور خلف ستار الأحداث الظاهرة فى المنطقة، فأى سيناريو سينتصر؟ الجواب متوقف على إرادة الأطراف المعنية، وهى إيران وأميركا بالدرجة الأولى، أما دول المنطقة الأخرى فستعانى من ذيول الصفقة أو ذيول الحرب فقط !
مواقع النشر