[mark=#ffff00][align=center]
أصيب والدي بمرض السرطان ولأنه يكره التطبب عند الأطباء
لزم فراشه مدة ليست بالقصيرة
كنا نتوسل إليه أن يذهب للأطباء لإجراء الفحوصات وكان يأبى
وبلغ المرض منه مبلغ عظيم مما أضطرنا لنقله إلى المستشفى وهناك تم تنويمه
أبلغ الأطباء والدي بإصابته بالمرض وكان راضياً متقبلاً لكل ما كتبه الله له
خرج والدي بعد فترة علاجية وعاد ليمارس حياته الطبيعية
كان المرض يستشري في جسده وهو صابر لا يشكو ولا يتألم
سقط للمرة الثانية هنا لم نشاوره بل أدخلناه للمستشفى العسكري
وطال المقام بوالدي الحبيب في ذلك المكان
وكان يرافقه أخي
كنت على أبواب الإختبارات بالجامعة كان يوم غد إختبار مادة النحو التي لم أفلح فيها يوما
هاتفني أخي أن والدي سقط وأصيب في رأسه
ذهبت إليهم في حالة من الجنون ودارت بيني وبين أخي معركة طاحنة
كيف تتركه يمشي بمفرده
كان يجلس جلسات تحت الأشعة لا أذكر أسمها لكنها أصابته بالهزال والدوران
فقررت مرافقة أبي
قامت القيامة من حولي فأقسمت على أن لا أبرح المكان
فلله در بعض المسؤولين حينما يتفهمون الوضع
نقلت ووالدي لمبنى خاص بأولي المراتب العليا ليسمح لي بمرافقته
وما ذاك إلا بتوفيق من الله
توافد الزوار على أبي من أحبته وأبلغوه برغبتهم في سفره للخارج للعلاج
كنت فيما يشبه الخدر أسمعهم ولا يرونني
فسمعته يتلو عليهم
( إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ )
كم أنت عظيم أيها الرجل
تم التصريح لوالدي بالخروج وفرحنا مستبشرين
لكنه تصريح للموادعة
لازم والدي فراشه حتى مساء ذلك اليوم الذي أبلغتنا زوجته بأن تصرفاته غير طبيعيه
فجئنا وحملناه لبيت أمي ولازمناه وكنا نتعاقبه بتلاوة القرآن عليه
كان الكل متماسكاً إلا أنا ماكنت أعي ما أقوم به ما بين صعود ونزول قرابة العشرون مرة
والبكاء تارة بصمت وأخرى بصوت وأبتهل للباري أن يتلطف بأبي
وبيما أنا أصعد تلك المرة سمعتهم يتلون عليه سورة ياسين
فعدوت إليهم لا تفعلوا به هذا يا سفهاء
فشاهدت أمي وأخي يلقنونه الشهادة فصعقت ولطمت وجهي
فقام أخي ولطمني لأرتدع
فخرجت من عندهم وأحضرت طبيب
ففحصه وقال حالة وفاة
تمنيت أنني لم أكون بينهم تلك الفترة ما أصعبها علي
بلا شعور كنت أتصل بالهلال الأحمر
كان كل ما يصدر عنه صوت يشبه الغرغرة
لست أدري مالذي كنت أفعله لكنني أعي أنني لطمت في ذاك اليوم نحو عشر مرات
منها حينما خرجت بلا عبائتي ما كنت أعي ما الأمر
إلا أنني ما كنت أودهم يفعلون به ما رأيت
حضر الهلال الأحمر ونقلنا والدي لأقرب مستشفى
هناك أبلغنا الطبيب أنه مصاب بجلطة
كنت أعلم أن حدسي لم يخيب فقاطعت أخي قرابة السنتين لما فعله بأبي
أدخل والدي للعناية المركزة وقرر الأطباء إجراء عملية له بلا تخدير
لإنقاذه من السموم المحتبسة داخل جسده وخافوا عليه من الدخول في غيبوبة من التخدير
كان أخي الأكبر يوقع على قبول العملية وأنا أخالفة وأوقع بالرفض
كل من حولي لا يعون الأمر غرقى في بكائهم وعويلهم
وحدي وأخي الأصغر كنا نتعارك معهم
كانوا يحاولون أن يختبرون وعيه بمن حوله فيسألونه
بدأً بأخي الأكبر الكل يقول هل تعرفني يا أبي
فيردد أسمي
فأقسمت أن لا أخذله لو كان في الأمر حياتي
قررت الهرب بأبي من هذا المشفى الهزيل
فخرجت مع أخي الأصغر كل من نطرق بابه يغلقه في وجيهنا
حتى سئمت كل ماله علاقة بالحكومة رغم خدمة أبي وجدي لهم
فعزمت على المشافي التجارية
هناك حجزت له قسم خاص وطلبت الطبيب الفرنسي
فأطباء العرب لا أمانة عندهم يقومون بالواسطة ويقعدون بلاها
واجهتني مشكلة سيارة النقل
كل المستشفيات رفضت نقله بحجة النظام يمنع مالم يحضره إسعاف المشفى ذاته
=[/align][/mark]
مواقع النشر