الحلقة التاسعة والعشرون

الإيدز

[align=center]تعتبر مشكلة انتشار داء الإيدز من ضمن أهم المشاكل التي تتعرض لها المجتمعات الحديثة ، ولكن تختلف وسائل الحماية التي تنتهجها المجتمعات لمجابهته حسب خلفياتها الدينية ، وتشير إحصائيات
إلى أن 80% من حالات الإصابة سببها الشذوذ الجنسي، و15% بسبب الدعارة والممارسات خارج نطاق الزواج الشرعي ، و5% فقط هي نسبة الأشخاص الذين انتقلت إليهم العدوى لأسباب طبية أو دون تعمد أو انحراف ، وترتكز النظرة الإسلامية على التأكيد على التعاليم الدينية التي تمنع مسببات الغالبية العظمي من حالات المرض من زنا وشذوذ ومخدرات
بينما انشغلت الهيئات العالمية بتقديم ثقافة جنسية تمنع الإصابة ، ولكن دون أن تدخل في الجانب الأخلاقي للموضوع ، وبناءا عليه تم طرح برامج توعوية تعتبر بشكل أو بآخر مشجعة على الممارسات الجنسية المحرمة ، ومما يذكر أن نسبة الإصابة بالمرض في المجتمعات الإسلامية هي الأقل عالميا ، وبينما اهتم العالم بالحض على استخدام الواقي الذكري كان علماء المسلمين يتحدثون عن واق آخر ليس به مسام تمر منها الفيروسات التي يسببها المرض ، إنه الواقي الديني ، ومما يذكر هو أن أول مائة شخص أصيبوا بهذا المرض كانوا جميعا من الشواذ
وقد اكتشف برتران اوفرت من وكالة الأبحاث الوطنية الفرنسية وزملاؤه في منظمة الصحة العالمية أن الذكور المختونين في جنوب افريقيا يقل خطر إصابتهم بالفيروس القاتل بنسبة 65% عن أقرانهم غير المختونين (1) ، ومن المعروف طبعا أن اليهود والمسلمين يعتبر ختان الذكور من فروضهم الدينية .

ويعتبر اختلاف النظرة الإسلامية عن النظرة الغربية أو العالمية هو خلاف على مفهوم الرحمة ، فالنظرة العالمية لا تتبنى بشكل واضح برنامجا لتغيير أنماط سلوكية ، بل تقدم توعية بإرشادات لتجنب خطر الإصابة مثل استخدام الواقي والبعد عن المجموعات الخطرة Risk group ، بينما يتبني الإسلام نظرة للرحمة مبنية على أن منتهي الرحمة هو أن نحرص على توعية الناس لكون الإرشادات لن توفر حماية كاملة ، وان المرض هو نتيجة ارتكاب الكبائر ، وبناءا عليه فالحل السليم والرحيم هو مواجهة الحقيقة ، والمشكلة لا تكمن بطبيعة الحال بأن الأديان الأخرى متسامحة مع الشذوذ والزنا ، ولكن المشكلة تكمن في ضعف الدور الذي من الممكن أن تلعبه الكنائس في الغرب مقارنة بالدور الذي تلعبه المساجد في العالم الإسلامي ، وفي ذات الوقت تعتبر جماعات الشذوذ هناك قوى ضغط يعمل لها حساب ، بحيث أنه على العلماء أن ينتجوا أمصالا واقية دون أن يتكلموا في الأمر بصراحة وعلى رجال الدين أيضا ألا ينددوا بالممارسات الشاذة ، وذلك نتيجة طبيعية لاختلاف مفهوم الحرية الشخصية بين البيئتين ، ، ومما يذكر أن مارجريت تاتشر قد عبرت عن قناعاتها بأن رجال الدين المسيحي لم يقدموا القدوة للشباب ولم يبادروا في إدانة الممارسات السلوكية التي ساهمت في انتشار الوباء (2)
وقد حذر الرسول محمد( ) أتباعه من أن العقوبات الوبائية والمرضية هي أحد العقوبات الإلهية التي تنتظر أي مجتمع تنتشر فيه الموبقات بشكل سافر حيث قال ( ما ظهرت الفاحشة في قوم حتى أعلنوا بها إلا ابتلوا بالطواعين والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا ) ، ومما يذكر أن المرض ظهر بعد تنامي نفوذ جماعات (الجنوس) في الغرب ، وإعلانهم بشكل سافر عن رغباتهم وحقوقهم .
وهذا لا يعني أن المسلمين يؤمنون بأن كل مصاب بالإيدز هو مذنب ، فالحقيقة أن هناك الكثير من الأطفال والأبرياء ماتوا من جراء هذا المرض ، ولكن ظهور المرض كان مبدؤه الفاحشة ، وهي رسالة إلهية للمجتمعات الإنسانية حتى تتذكر الله ولا تجاهر بمعصيته ، البحث عن علاج للإيدز عمل طيب ويشارك فيه علماء مسلمون ، ولكن هذا لا يعني التغافل عن إلقاء ضوء كافٍ على الحقائق ، وليست الحرية الشخصية وحدها هي التي تستحق الحماية ، سلامة الآخرين وسلامة الأسر شيء هام أيضا ، وحامل الفيروس قد يسبب في إصابة اقرب الناس إليه من زوجة وأطفال
وفي هذا يقول النبي محمد( ) " كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول "
كما أن المسلمين لديهم دروس وإرشادات نفسية لمن أصيب بالفعل حتى من ممارسات محرمة حتى لا يتحول لإنسان يائس ، وعليه فيرشدونه للمداومة على العبادات والإستغفار . كما أن القيادات الدينية الإسلامية رحبت وترحب بالتعاون مع القيادات المسيحية في المنطقة من اجل تبني خطاب توعي مشترك لمحاربة هذا الوباء اللعين ، على أساس أن مرض كهذا يصيب مجتمعات بكل ما فيها من طوائف دينية ، وإذا كان المرض مرده أمراض اجتماعية فلا مجال إلا للتعاون .
________________________________________
(1) رويترز (2) حديث لمجلة المرأة[/align]