أهم الأنباء

۞ تقلّص تنمّر مغول (البُعّبُع) في إيران ۞ العالم الغربي استعماري النزعة ۞ مصانع اسلحة (رعاية) تشتيت حُلفاء ۞ اغتيالات وابادة وتهجير ۞ حرائق وسرقات ودمار ۞ مستشفيات وملاجئ (وفيات) بلا كهرباء
النتائج 1 إلى 10 من 47

مشاهدة المواضيع

  1. #12
    عضو شرف فخري
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المشاركات
    111
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي

    الحلقة الثانية عشره


    التربية


    ما هي الإتجاهات والميول الأساسية التي ربي محمد( صلى الله عليه وسلم ) عليها المسلمين ؟ لا أحسبني بصدد عمل جردة شاملة لكل الأوامر والنواهي الخاصة بالدين الإسلامي ، إنما هي محاولة لإستكناه الرؤى الأساسية التي ترسم النزعات والمفاهيم لدي المسلمين .بدون منهجية معينة في الترتيب ، أقول أن الإسلام زرع في أتباعه مفهوم واضح للعزة ونمي شعورا قويا يها ، هي ليست مرادفة للحدة والغضب وليست مشتقة منهما ، إنما هي تعني رفض الظلم وعدم قبول الأمر الواقع المختل وبذل الجهد لإقامة علاقة صحية بالآخرين أساسها الندية (ولا تهنوا ولا تحزنوا وانتم الأعلون أن كنتم مؤمنين ) (1) هناك نصوص كثيرة دالة على تأكيد معني العزة ومثل هذا أيضا (إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض. قالوا ألم تكن أرض اللّه واسعة فتهاجروا فيها) (2) بمعني أن من يتحمل الظلم يعتبر ظالما لنفسه ، وإن لم يكن لديه قدرة على رد الظالم فله الهجرة بعيدا عن الظالمين وفي حديث للنبي محمد( ) ( من أعطى الذلة من نفسه طائعاً غير مكره فليس منا ) هذا هو فهم الشريحة الأوسع من المسلمين لدينهم ، إنه دين يطلب من الإنسان ان يعتد بذاته ولا يتضاءل أمام إنسان متكبر أو سلطة غشومة . ومن الجدير بالذكر أن فترة الإحتلال التي تعرض لها العالم الإسلامي كانت هناك بالطبع مقاومة مستميتة ، غير أنه كانت هناك بعض الجماعات ذات الطابع الغارق في الروحانيات انصاعت للإحتلال بطريقة مدهشة بل وأجلًته على أساس أنه من قدر الله ، وقدر الله يرحب به في كل الأحوال ، وبالطبع بادل الإحتلال – الفرنسي تحديدا – هذه الجماعات كل الود ، ولم تكن تلك الجماعات تنطلق من رؤية (هيجيلية) للصراع ، بل رؤية (ميتافيزيقية) بحتة ، ولا يبدو أن لهذه النظرة المستسلمة أي تأصيل صحيح في الدين الإسلامي . والمشكلة العالمية الحالية الخاصة بالإرهاب ليست مستحيلة الحل ، هذا ما إذا كان هناك إمكانية لدراسة أسباب إحساس المسلمين بالغبن والذل . ومفهوم العزة لدي المسلمين ليس مخيفا ، و لا يعطي للمسلمين حق الإعتداء على الغير ، بل على العكس يشهد التاريخ أنه لما مالت كفة الميزان لصالحهم كانوا اقل الشعوب والحكام ميلا لتركيع الآخرين إن إحساس المسلمين بالعزة يجعلهم يشعرون بأنهم في وضعهم الطبيعي ، ولا يمكن أن يفكر بطريقته الطبيعية من يعيش في وضع مقلوب ، وإن كانوا يتحملون قدرا غير قليل من المسئولية عن الوضع المقلوب . العزة مدخل جيد لفهم إيمان المسلمين بالقدر ، وهو احد أركان الإيمان عند المسلمين التي لايكتمل ايمان الفرد الا بالإيمان بها جميعا ( الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر ) ، فالإيمان بالقدر لا يعني السلبية والإنهزام أمام قوى الطبيعة أو قوي التدافع بين الأمم ، فقوي الطبيعة والتدافع بين الأمم كلها قوانين أثبتها القرآن ، ولكنه أيضا اثبت للإنسان العقل والإرادة والقدرة على التعلم من تاريخه والتدبر والقدرة على مقاومة الأضرار والشرور ، وجعلها أيضا قوانين اجتماعيه لذا يؤمن المسلم المعتدل بأن المرض قدر الله ، وأن العلاج قدر الله أيضا ولا يوجد ما يثبت العلاقة بين العزة والإيمان بالقدر أفضل من الحديث النبوي ( أطلبوا الحوائج بعزة الأنفس فإن الأمور تجري بالمقادير) الإيمان بالقدر يدفع الإنسان لألا يصاب بإحباط إذا ما ألمت به مصيبة لا فكاك منها ، فإن كان هناك فكاك فعليه أن يحاول ، والإيمان بالقدر لا يجعل المسلم في حل من الإحساس بالمسئولية الكاملة عن أفعاله فيقول القرآن ( الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً وهو العزيز الغفور ) (3) و هنا قد يسأل من هو في مثل حالتي : فأين القدر إذن ؟ والإجابة أن الله يتدخل لصالح حرية الإنسان في الإختيار ؛ ليؤكد حريته ومسؤليته ، فإذا انتوى نية ما سهل له الله طريقها ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين ) (4) هنا كان قدر الله وهو الهداية لسبل الله مبني على مجاهدة بشرية ، وهي مشيئة إنسانية . ويتدخل الله حسب أخلاق العبد (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ) (5) هنا كان المخرج قدر الله مبني على مشيئة هي تقوي الله . و ريتدخل الله حسب علمه بما في الضمائر البشرية( لو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون) (6) يعني علم الله ضمائرهم وعلم أنهم لن يستجيبوا إذا سمعوا فلم يسمعهم وفي كل الأحوال فالإنسان يختار ومسئول عن اختياراته «و هديناه النجدين» (7) والله ينفي الظلم عن نفسه ( إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون ) (8) هذه نظرة سريعة وإضاءة على مفهوم القدر في الإسلام اكتبها باعتبار أن الدين الإسلامي متهم بتهميش الإرادة الإنسانية بحيث يبدو الإنسان غير قادر على فعل أي شيء أصيل نابع من ذاته ، على حين أن مفهوم القدر في الإسلام لا يجعل الإنسان كسولا منهزما إتكاليا ينتظر الصدف والملابسات ، الإسلام كأي دين يؤكد على إرادة الله وقدرته ونفاذ أمره في الأرض ، ولا يفهم من آية مثل (أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ) (9) أن الإنسان يعيش في حالة بطالة مقنعة على الأرض ، الآية تشير للقوانين الآلهية في ري النبات وفي الإنبات نفسه ، وكلها ليست من فعل الإنسان ، ولا مشاحة في ذلك ، هذه الآية وغيرها غرضها ألا يتلهي الإنسان بالأسباب عن المسبب (الله ) ، إذن الأرض تعمر بقوانين الله النافذة وإرادته ، إلى جانب كد الإنسان . والجميل في القرآن أنه قد فنًد المنطق الجبري للكفار في عقيدتهم وسلوكهم . فقد قالوا دفاعا عن عبادتهم الملائكة وجعلوها ( بنات الله ) أن هذا بإرادة الله ، فيقول القرآن ( وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون ) (10) . وعن كفار ينفون مسئوليتهم عن إطعام الفقراء محتجين بكون هذا الجوع مشيئة الله فيهم ، على سبيل السخرية (وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله قال الذين كفروا للذين امنوا أنطعم من لو يشاء الله أطعمه ) (11) . وبينما ننعي نحن على الإسلام الجبرية وضياع المشيئة الإنسانية قبالة مشيئة الله ، وهو اتهام لا يثبته إلا الفهم الإختزالي للنصوص ، ينعي الإسلام على المسيحية الإيمان بالخطيئة المتوارثة من عهد آدم ويعتبرها عقيدة جبرية تتعارض مع فكرة المسئولية الفردية عن الأخطاء والتي لها أدلة نصوصية في التوراة والإنجيل . لا يبدو الإسلام دينا طقسيا بحتا ، فليس المؤمن في الإسلام هو من يكرس جزءا من وقته وجهده للعبادات وكفي ، لقد جعل الإسلام الأخلاق الإجتماعية هي المؤكٍد على الإيمان أو نافيه ، وهذه نصوص مثبتة لذلك ( لا إيمان لمن لا أمانة له و لا دين لمن لا عهد له ) حديث نبوي ، وكذلك فإن من يصوم عن الطعام والشراب لا يكفيه هذا لقبول صومه في كل الحالات ( من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه) وقيل له عن امرأة تكثر الصلاة والصدقات والصيام غير أنها تؤذ جيرانها بلسانها قال هي في النار وتأكيد الإسلام على ضرورة تمثُل الأخلاق الكريمة في شخص المسلم كان له دور كبير في نشر الدين الإسلامي في مناطق عدة من العالم عن طريق تجار مسلمين أتقياء نزيهين جعلوا هذه الأوامر والنواهي حاكمة لسلوكهم في التعامل مع الغير من أجناس أخري وأديان أخري ، فتأثرت بهم شعوب وأسلمت ، وهذا ينافي الفكرة الشائعة عن انتشار الإسلام بحد السيف . إلا أن قوة امتثال المسلمين لهذا الفهم للأخلاق باعتبارها هي الإيمان نفسه لا تضاهي قوة الإمتثال لتعاليم أخري كتحريم شرب الخمر ولحم الخنزير ، وتختلف حسب حظ كل واحد من الطباع ودرجة التدين والظروف البيئية ولو كان لها نفس قوة الحضور للتعاليم الأخر لشرب الخمر واكل لحم الخنزير لأصبح المسلمون بالتأكيد ظاهرة إنسانية ملفتة للنظر . وترتبط فكرة الإلزام الأخلاقي وكذا فكرة امتثال المسلم للأوامر والنواهي بمفهوم آخر تربي عليه المسلم وهو ( الخشية ) ، يتصرف المسلم على أساس أن الله يراه حين يحسن وحين يسئ وأنه سيحاسبه على كل أعماله ، والمسلم يجب أن يشعر بخشية من الله ، وفي الإسلام لا تعارض بين أن تحب الله وتخاف منه ، فالحب يتعارض مع الكراهية لا مع الخوف ، وهذا المفهوم عن الخشية من الله يستخدم أيضا للمز على عقيدة المسلمين ، ومن الجدير بالذكر أن الأدبيات الدينية الغربية المسيحية طوال القرون الماضية كانت تفرط في إرعاب الناس من الله ، ومن الجحيم والشياطين لدرجة لا يستعجب من أن تسبب حالة نفسية سيئة ، والخطاب الجديد الذي لا يتناول أي عقاب من السماء هو وليد العصور الحديثة ، حتى تستعيد الكنيسة أبناءها الذين هجروها ، أي اننا أمام تغير في الخطاب استجابة لظروف لا أكثر ،ومن جهة أخري نعم نحن نؤمن بأن الله محبة ، ولكننا لم نستطع أن نغلق جهنم وقد جاء ذكر لعقوبات دنيوية في الكتاب المقدس نزلت بأقوام عدة كعقاب من الله ، وطبيعي أن الله قادر على إلحاق الأضرار الجسيمة بمخالفيه ، وكل من يستطيع أن يلحق ضررا ما يستحق أن يخشي ، وذلك بتلافي الخطأ الذي يتبعه العقاب وعلى كلٍ فالله في الإسلام له أسماء عديدة لها معاني الرحمة والود مثل الرحمن الرحيم الغفور الودود العفو السلام إن هذا الخوف بعد استعراض الآيات القرآنية والأحاديث الدالة عليه لا يعني الخوف المرضي المستديم الذي يشل قدرة الإنسان على التفكير ويصيبه باليأس أمام قوة باطشة تستطيع أن تفعل به ما تشاء ولا يملك هو الفكاك منها ، يمكن التعرف عليه حتى بالإطلاع على بعض البرامج التليفزيونية وقراءة بعض الكتب ذات الطابع الإيماني التي ترقق القلوب سنجد أنفسنا أمام مناخ نفسي رائع يتكلم عن لذة القرب من الله وعن حلاوة الإيمان ، وعن كراهية المعصية التي تبعد الإنسان عن الخالق ، وينقل البعض أحاسيسه الجميلة عند التوبة ، حتى الدموع هي دموع مريحة للنفوس ، عائدون لله ينقلون خبراتهم النفسية الجميلة للناس بوجوه مليئة بالراحة والبِشر . الله ليس ديكتاتورا عند المسلمين لا يُعرف له أمان ، ولا العبادات عند المسلمين تمثل أشغالا شاقة دينية ، ولا الأسر المتدينة على ما يبدو تعيش بسبب هذا الخوف من الله فوق سطح صفيح ساخن . هذه الإلمامة السريعة جدا التي لا أدعي لها الشمولية ولا التفصيل تعطي انطباعا عن القوة المدنية التي منحتها تعاليم محمد( ) للمسلمين ، إنها مزيج من الإحساس بضغط الواجب وإلحاح الرسالة والرغبة في تقديم النموذج ، إن هذه القوة المدنية التي تجعل المسلم مؤمنا بالله ومتوكلا عليه ومؤمنا بقدره ليس بالضرورة أن تعبر عن نفسها في جبهات قتالية ، بل في مناخ سلمي عادل ستكون هذه الجبهات آخر ما يفكر فيه المسلم ، هي من الممكن أن تعبر عن نفسها في مناطق المجاعات والكوارث الطبيعية وفي بيوت لكفالة الأيتام ودور علاج مجاني ومدارس مموُلة ، وهي من الممكن أن تعبر عن نفسها بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية حيث يتم الأخذ بالإعتبار قوة تأثير التعاليم الإسلامية في مكافحة التدخين والإيدز ________________________________________



    (1)آل عمران 139 (2) النساء 97 (3) الملك 2 (4) العنكبوت 69 (5) الطلاق 2 (6) الأنفال 23 (7) البلد 10 (8) يونس 44 (9) الواقعة 63-64
    التعديل الأخير تم بواسطة محمود توفيق ; September 12th, 2008 الساعة 03:18

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. أيهما أرحم .. جنة الغربه أم جحيم الوطن ؟!
    بواسطة هلالي القرن في المنتدى منتدى الموارد البشـرية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: October 22nd, 2009, 00:22
  2. موسوعة طبية
    بواسطة بحـــــر في المنتدى منتدى العِلل والصحة
    مشاركات: 42
    آخر مشاركة: October 20th, 2009, 12:48
  3. الجهاز الطبي يمنح الضوء الاخضر لمشاركة خماسي الهلال
    بواسطة المنتقد في المنتدى منتدى مباريــات كُــرَة القــدم
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: April 7th, 2009, 13:15
  4. انظر ماذا قدم للدين... فماذا قدمنا لديننا؟؟
    بواسطة ( * غريب الدار * ) في المنتدى حِوارات
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: May 11th, 2008, 14:02

مواقع النشر

مواقع النشر

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

تنفيذ شركة تصميم مواقع الانترنت توب لاين
روابط مهمه روابط مهمه تواصل معنا
تواصل معنا