البنغاليون.. نظرة من زاوية أخرى
طارق العبودي
ما حدث في الكويت من أعمال شغب قامت بها بعض العمالة البنغالية يجب أن يدق ناقوس الخطر هنا. ليس لأن هؤلاء المخربين قد يحرضون بأفعالهم نظراءهم في بلادنا ليقوموا بشيء مماثل، بل لأن من واجبنا استخلاص العبر ومعالجة الأخطاء قبل أن تتحول إلى فعل على الأرض.
ورغم إني شخصيا اعتقد بان حقوق العمال مهضومة عموما لدى المؤسسات والشركات الخاصة إلا إن هذا لا يعني القبول أبدا بأعمال حرق السيارات ، الشغب والاعتداء على الملكيات الخاصة والعامة الذي وقع أثناء تلك الاضطرابات. بل إن أعمال الشغب هذه قد حطت من التعاطف الذي يبديه الناس مع أوضاعهم البائسة.
يخطئ من يظن بان هؤلاء المخربين لا قضية عادلة لديهم، فما قاموا به ليس نتاج رغبة دفينة في التخريب بل هو نتاج جور وقع عليهم من كفلائهم خاصة شركات القطاع الخاص الكبرى. إذن، فالأولوية بعد فرض النظام ومعاقبة المخربين هي في استصدار تشريعات تجعل من تأخير الرواتب وسوء الأوضاع المعيشية والمعاملة اللاإنسانية جريمة يعاقب عليها القانون.
لا يكفي أن يجبر الكفيل على دفع رواتب مكفوليه المتأخرة، بل يجب أن يعرف انه بتأخيره لرواتبهم قد انتهك النظام وان هناك عقوبات متعددة تبدأ بالغرامة ولا تنتهي إلا بالسجن.
قد يفاجئكم معرفة إن إحدى شركات الصيانة والنظافة المتعاقدة مع إحدى الوزارات والتي لديها مئات من العمال البنغال لا تدفع لهم ريالا واحدا طوال مدة العقد. إذ يتم إفهام العامل بان عليه إضافة إلى أعمال النظافة والصيانة في تلك الوزارة أن يقوم بأداء خدمات شخصية لكسب المال. لذا يقوم العاملون بغسل سيارات الموظفين وبجلب الفطور وعمل كل ما يرغب فيه الموظفون ما دام ينتج عنه مالا. أما بعد نهاية الدوام الحكومي فيقوم أولئك العمال بمحاولة كسب المال في الشوارع والأسواق.
المشكلة إن مثل هذه الممارسات التي يقوم بها بعض مؤسسات القطاع الخاص تجبر الآخرين في نفس القطاع بتبني نفس السياسة. إذ أن مؤسسة مثل تلك تستطيع أن تطرد منافسيها من السوق عبر تقديم عطاءات اقل بكثير من الآخرين في المناقصات الحكومية. في النهاية يجد الآخرون بانه أصبح من المتعين عليهم انتهاك حقوق العمال كي يستطيعوا البقاء والمنافسة في السوق.
مشاكل العمالة مثل كل المشاكل الأخرى، إن لم تعالج فسيخرج من رحمها سلسلة من المشاكل المتراكمة جاعلة الحل أصعب والكلفة أبهظ.
مواقع النشر