الحلقة الخامسة والعشرون
خلاص
[align=justify]اشتد الصراع عام 442م بين الكنائس الكبرى ، كنيسة الإسكندرية التي تؤمن بالطبيعة الواحدة للمسيح والكنيستان الكبيرتان اللتان تؤمنان بالطبيعتين ،كنيسة القسطنطينية التي ترغب في فرض سيطرتها على العالم باعتبارها عاصمة الدولة البيزنطية الجديدة وكذلك كنيسة روما ، وعُقد مجمع خليقدونية لحسم الجدل اللاهوتي حول طبيعة المسيح ، كانت كنيسة روما ترى أن للمسيح طبيعتين دون اندماج بينهما طبيعة ناسوتية وطبيعة لاهوتية ، أما كنيسة الإسكندرية فتري ان للمسيح طبيعة الواحدة ، وقرر المجمع أن للمسيح طبيعتين وليست واحدة ، فتكونت الملة الكاثوليكية بقيادة كنيسة روما ، وتكونت الملة الأرثوذكسية بقيادة كنيسة الإسكندرية ، وكان من آثار هذا الإنشقاق الملٍي استخدام اللغة القبطية في طقوس الكنيسة ، ومن آثاره أيضا هذا الإضطهاد الرهيب الذي نزل على القبط الأرثوذكس ، حيث أن مصر لم تكن إلا مستعمرة رومانية .
قام الرومان بالضغط على البطريرك بروتيوس بطريرك الإسكندرية لفرض قرارات المجمع ( خليقدونية ) ، ورفض الأقباط هذا الفرض وقاموا بقتل البطريرك واختاروا تيموتادوس ، وفي عام 476م غزت القبائل الألمانية روما ، وسقطت روما ، ولم يبق إلا الجناح الشرقي للأمبراطورية في القسطنطينية ، وفي عام 526م حاول الإمبراطور توحيد العقيدة المسيحية على حسب ما قرره مجمع خليقدونية ، وعين بطريرك الإسكندرية بولس المؤمن بالطبيعتين ، وأمر البطريرك الجديد بغلق الكنائس التي تؤمن بالطبيعة الواحدة ، وثار الشعب القبطي على ( يهوذا الخائن ) ، هكذا كانوا يسمونه ، وتدخل جنود الإمبراطورية لدعم العقيدة الكاثوليكية وفرضها على الأقباط فرضا ، وحدثت مجازر مروعة ، وكان الجنود المسيحيون يقتلون الأقباط المسيحيين داخل الكنائس تحت صور المسيح والعذراء ، قُتل في هذه المجازر 100000 قبطي .
في عام 610م تولي حكم الإمبراطورية الرومانية هرقل ، كان هذا العام بالنسبة للنبي محمد ( ) هو عام نزول الوحي ، في عام 619م سقطت مصر على يد جيوش الفرس ، الذين فرضوا على الشعب القبطي ضرائب باهظة ، وفي عام 624 انتصر النبي محمد ( ) على المشركين في أول معركة ( معركة بدر ) ، وفي عام 627م استرد هرقل مصر مرة أخري من يد الفرس .
وفي عام 630م تم فتح مكة بالطريقة التي سبق وأن ذكرتها
وربما بعد فتح مكة تنبأ الرسول( ) بفتح مصر ووصي المسلمين بأهلها خيرا
(إنكم ستفتحون مصر. وهي أرض يسمى فيها القيراط. فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها. فإن لهم ذمة ورحما )
( الله الله في قبط مصر؛ فإنكم ستظهرون عليهم، ويكونون لكم عدة وأعوانا في سبيل الله )
( إذا افتتحتم مصر فاستوصوا بالقبط خيرا، فإن لهم ذمة و رحما )
وربما في هذه الفترة أو قبلها قال «من آذى ذميا فهو خصيمي يوم القيامة».أي انه يسكون خصم لمن يظلم سكان البلاد الإسلامية من اليهود والمسيحيين .
في عام 631م بدأ هرقل محاولة جديدة لتوحيد العقيدة المسيحية ، وعين حاكم هو المقوقس الذي قام بمجموعة من الإجراءات التي يعتبر بسببها عصر الإحتلال الفارسي عصرا ذهبيا ، فقد قام بحرق بعض المسيحيين المصريين أحياءا ، وبانتزاع أسنان البعض ، وأحرق شقيق البطريرك المصري الأنبا بنيامين حيا ، لرفضه قرارات الإمبراطور ، وهرب الأنبا بنيامين للصعيد ، وخلفه دماء الأقباط المسيحيين تتحرك فيها سيقان الخيول الرومانية بصعوبة ، إذ وصلت الدماء لرٌكب الخيول ، ولم يخرج الأنبا بنيامين من مخبئه إلا بعد أن قام عمرو بن العاص بأربعة آلاف جندي مسلم فقط يفتح مصر ويطرد الرومان منها ، وخرج آلاف من الرهبان الأقباط من وادي النطرون بيد كل منهم عكازا حفاة الأقدام وبثياب ممزقة ، مهللين للفاتح المسلم عمر بن العاص . حيث كتب كتاب أمان ( أينما كان بطريرك القبط بنيامين، نعده الحماية والأمان وعهد الله فليأت البطريرك إلى هنا في أمان واطمئنان ليلى أمر ديانته ويرعى أهل ملته ) . بل تسامح عمر بن العاص مع الجنود الرومان وسمح لهم بموجب عقد الأمان الذي ابرمه للحاكم المقوقس بأن يرحل الجنود في أمان ومعهم أمتعتهم وأموالهم ، وألا يتعرض المسلمون لكنائسهم . وتنفس الأقباط الصعداء ، وفُرض عليهم ضريبة مقابل الدفاع عنهم هي ( الجزية ) مقدارها ديناران على الفرد يعفي منها القصر والنساء والشيوخ والعجزة والرهبان ، أي حوالي 70 % من الأقباط ، وأين هي من ضرائب الرومان ؟! .. كانوا يفرضون ضرائب على كل نفس حية من بشر وبقر، وعلى البيوت ، وعلى أثاث البيوت ، هذا عدا ضرائب على المحاصيل والتجارة ، وآخر ما ابتكروه هو ضريبة على الموتى يجب أن تسدد قبل دفن الميت . .. وحالة مصر هي عينة لأحوال البلاد المسيحية الشرقية تحت وطأة الحكم الروماني .
[/align]
مواقع النشر