هامبورغ - دويتشه ﭭيله : يستبعد المشككون في حقيقة ظاهرة التغير المناخي مسؤولية الإنسان عن حدوث هذه الظاهرة، ويحاولون الاستناد في ذلك على حقائق علمية. نحن نحاول إثبات عدم صحة الفرضيات الرئيسية الثلاث التي يستندون عليها.



يتفق العلماء على أن الظواهر المناخية القاسية المترافقة مع ارتفاع درجات الحرارة والعواصف وارتفاع مستويات البحار، وذوبان الأنهار الجليدية، نتائج مترتبة على التغير المناخي والتي تسبب فيها الإنسان. لكن هناك أيضا من يطلق عليهم المتشككين في حقيقة مشكلة المناخ، وينكرون دور الإنسانفي حدوث ظاهرة التغير المناخي، أو يقللون من تقدير أثره. هناك فرضيات رئيسية ثلاث يستند عليها هؤلاء المشككون، ونحن نحاول تقصي تقييم الباحثين المتخصصين لهذه الفرضيات.

الفرضية الأولى: "ظاهرة الاحتباس الحراري أصبحت غير موجودة منذ عام 1998"
يتم تداول هذه الفرضية على نطاق واسع في المدونات الالكترونية، وهي تقول إن ظاهرة الاحتباس الحراري تم وقفها منذ سنوات، وبالتحديد منذ عام 1998. وفي الواقع فإن تحديد هذا العام بالذات لميأت بمحض الصدفة، لأنه كان عاما دافئابشكل ملحوظ، الأمر الذي يعُزى إلى ظاهرة النينيو El Niٌo ، والتي تتسبب- مرةكل بضع سنوات – في ارتفاع درجة الحرارة.


على الرغم من أن الكثير من البحيرات تتعرض للجفاف، إلا أن
هناك بعض المتشككين يطعنون في وجود ظاهرة الاحتباس الحراري


ويستفيد المتشككون من هذا الظرف لعقد المقارنة، فعام 1998 الذي كان حارا للغاية، يؤخذ كنقطة انطلاق، وذلك لتفسيرالبرودة التي عمت في فترة لاحقة بوصفها تحولا طرأ على ظاهرة الاحتباس الحراري. إلا أن العلماء يرون أن هذه المقارنة مضللة، ويقول أورس نوي الباحث في الأكاديمية السويسرية للعلوم الطبيعية في بيرن: "إذاقورنت درجات الحرارة في الصيف مع تلك التي تسودفي فصل الشتاء، فيمكن الخروج بنتيجة مفادها أن الطقس يبرد بالفعل. لكن إذا أردنا وضع هذه الاتجاهات في الاعتبار، لا بد من مراعاة عدة عوامل، على رأسها العوامل الطبيعية."

إن الانفجارات البركانية أو ظواهر طبيعية أخرى كظاهرة النينيو El Niٌo بلو أيضا ظاهرة La Niٌa النينيا المناقضة لها تقريبا، لا تصلح للاعتمادعليها لاستخلاص نتائج نهائية. وظاهرة النينيو تتصف بانتقال كتل هائلة من المياه الحارة في المحيط الاستوائي بشكل يتجاوز المتوسط. هذا في حين تتميز ظاهرة النينا بالبرودة غيرالمعتادة في تلك المنطقة. هذه الاختلافات في درجة حرارة سطح البحر، تؤثر بدورها على حالة الطقس في جميع أنحاء العالم، وهكذا يمكن لظاهرة النينيو على سبيل المثال، أن تتسبب في هطول الأمطارالغزيرة في بيرو، وفي الوقت نفسه تتسبب في الجفاف الشديد في أستراليا. "إذاما أخذنا تلك العوامل في الاعتبار، يمكنن اأن ندرك بوضوح بأن اتجاه الاحترار العالمي لا يزال مستمرا."

الفرضية الثانية: "الشتاء الطويل والصيف البارد، دليل على عدم وجود ظاهرة الاحتباس الحراري"
يجد المتشككون في نقطة أخرى كذلك تأكيدا لما يعتقدون، وهي أنا لاحتباس الحراري يتناقص، وذلك بالنظر إلى الأجواء التي سادت خلال الشتاء الماضي في أوروبا الوسطى. وعلى سبيل المثال نقرأ على موقع "المعهد الأوروبي للمناخ والطاقة" على الانترنت، وهي إحدى منظمات المتشككين، أن سجلات مصلحة الأرصاد الجوية الألمانية وضحت انخفاض درجات الحرارة في فصل الشتاء في المتوسط بمعدل درجتين تقريبا، وذلك خلال ربع قرن.


شتاء طويل = توقف ظاهرة الاحتباس الحراري؟

"لماذا تخلف ظاهرة الاحتباس الحراري الجليد"
هذا يبدو قولا متناقضا، لكن علماء المناخ لا يستبعدون أن يحدث هذا بالضبط، كنتيجة لظاهرة الاحتباس الحراري، فلا ينبغي النظر إلى البعد الإقليمي وحده، إذ توجد علاقة إحصائية بين زيادة الكتل الجليدية في البحار في المنطقة القطبية الشمالية في أواخر الصيف، ثم يتبع ذلك شتاء بارد في أوروبا الوسطى وآسيا، كما يقول كلاوس ديتلوف من معهد ألفريد فيغنر للأبحاث القطبية والبحرية. لكن على المستوى العالمي لا يزال اتجاه الاحترار العالمي متواصلا، حتى لو كان هناك شتاء طويل وصيف بارد في بعض أجزاء العالم.

الفرضية الثالثة: "كمية انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي تترتب على الأنشطة البشرية ضئيلة للغاية"
يقول المتشككون إن ثاني أكسيد الكربون غيرضار وبالتالي لا يمثل خطرا، وإن الطبيعة في حاجة إلى هذا الغاز. فالعلماء لم يكن لديهم في البداية أي تحفظ حياله، فالنباتات تحتاج إلى ثاني أكسيد الكربونكي تعيش. ومع ذلك فإن أورس نوي يرى وجود توازن في الطبيعة، ويجب الحفاظ عليه عبر استهلاك ثاني أكسيد الكربون بكميات مساوية لمايتم إطلاقه. وبمجرد اختلال هذا التوازن، يرتفع تركيز ثاني أكسيد الكربون، وتحدث نتيجة لذلك ظاهرة الاحتباس الحراري. ويمكن مقارنة هذا بحوض استحمام، فالأمر يكون على ما يرام، طالما كانت كمية المياه التي تصب من الصنبور مساوية لتلك التي يتم تفريغها أسفل الحوض. لكن بمجرد أن تصبح الكمية التي تصب من الصنبور أكثر، فإن المياه ستفيض في وقت ما وتتدفق خارج الحوض."


يتشكك البعض في الفرضية التي نحمل الإنسان مسؤولية التغير المناخي



ما هي خلفية التشكك؟
يستند المتشككون على مجموعة من الحجج والفرضيات، من ضمنها أن انخفاض النشاط الشمسي وشيك، وبالتالي فإن ذلك سيكبح التغير المناخي كما يرى سيباستيان لونينغ في كتابه "الشمس الباردة". ويتعارضهذا مع آراء العلماء الذين يرون في كل هذا تغييرا هامشيا.


شركات النفط لا ترغب في إلحاق الضرر بأعمالها

أما كاريل موون المتحدث باسم المؤسسة الأوروبية للمناخ، فيرى وراء هذه الانتقادات دوافع اقتصادية في المقام الأول، وكما يقول فإن هنا كشركات كبيرة في البلدان المتقدمة تجني أرباحا طائلة عبر استخراج الوقود الأحفوري من الأرض وحرقه. وبالطبع فإن لديها مصلحة في مواصلة نموذج أعمالها بالشكل الحالي لأطول فترة ممكنة." وبالتالي فإن المتشككين في هذه البلدان يلجأون ببساطة وسهولة إلى استخدام تلك الفرضيات. ويرى عالم المناخ والمدير السابق لمعهد ماكسبلانك للأرصاد الجوية في هامبورغ، هارتموت غراسل أن "التشكك موقف لا ينأى بنفسه عن البعد السياسي، فبعض الناس يمكن أن يتقاضوا مالا من شركات النفط لنشر الشكوك، ويتم تمويل هذه الجماعات الصغيرة لتأدية المهمة الموكلة إليها، عبر المشاركة في المؤتمرات التي تعالج قضايا التغير المناخي، وهناك يقومون بمحاولة عرقلة التقدم المنشود."

نظريات مريبة بغطاء علمي
في كثير من الأحيان يسلك المتشككون نهجا انتقائيا، أي أنهم "يختارون النتائج التي تتوافق مع أهدافهم، ويتم خلطها ببعضها لخلق قصة تبدو مقبولة للوهلة الأولى، ويمكن للشخص العادي أن يعتقد بأن علم المناخ على خطأ"، بحسب كاريل موون من المؤسسة الأوروبية المناخ، والذي تدير منظمته موقعا على شبكة الإنترنت يهدف إلى إفشالمساعي المتشككين من خلال رفع الوعي والتثقيف."

ويعتبرهارتموت غراس الشكوك المثارة هي الدرجة الأولى في سلم "الشعوذة"، وهو يشدد على أن معظم النقاد يأتون من وسطالناس العاديين الذين لا يملكون خلفية أو خبرة علمية في مجال المناخ. ومن الشائع في الأوساط العلمية أن تخضع المنشورات لنظام محدد للمراجعة بهدف التحقق من المحتوى. وكما يضيف غراسل، فإن"90 فيالمئة من المتشككين لا يتبع مثل ذلك النظام، وهم يعمدون إلى نشر نظرياتهم حول المناخ دون رادع في المدونات الالكترونية أو في الصحف أيضا."

وبالرغم من ذلك فإن غراسل يرى في حجج المتشككين جانبا إيجابيا كذلك، فهي في بعض الأحيان مفيدة في تحفيز النقاش، ويضيف: "لكن في كثير من الأحيان تتم النقاشات على مستوى، يجعل العالم يقرر بأن الصمت هو الخيار الأفضل."