في أحد المساجد بعد أداء الفريضة قام أحدهم في واحد من المشاهد التي نراها يوميا أو لأكثر من مرة أو مرتين في اليوم هذه المساجد دور العبادة التي نتعبد الله فيها ونحاول أن نخرج فيها من تعب ونصب الدنيا إلى راحة العبادة والطاعة والوقوف بين يدي الله بين راكع وساجد ومبتهل إلى ربه بالدعاء وذاكر لله وشاكر. هذه المساجد التي حولتها هذه الشريحة من هؤلاء الناس إلى أماكن للتسول وطلب المال والمساعدة بعد إلقاء خطبة عصماء يوضحون فيها ظروفهم وأحوالهم وما آلت إليه حياتهم البائسة مشفوعة ببعض الوريقات من هنا وهناك أو فاتورة كهرباء قديمة أو حديثة مدعومة تلك الخطب ببعض الدمعات والآهات والبكاء المرير المصطنع مستدرين بذلك عطف الناس ومستغلين رهافة قلوب المصلين وحبهم للبذل والعطاء.

للأسف الشديد أن نرى هذه الظاهرة أو بمعنى أصح ((المنظمة)) ينتشر أعضاؤها في كل مكان في المساجد وعند إشارات المرور وفي الأسواق وعند آلات صرف النقود وعند أبواب البنوك.. أطفال من الجنسين.. شباب.. رجال.. نساء.. شيوخ وعجائز.

تفاجأ بعد ركوب سيارتك في أحد المواقع بامرأة تقف بالقرب من زجاج النافذة المغلقة وتقرع عليها حتى يخيل إليك أنها سوف تتحول سريعا إلى شظايا متناثرة إن لم تسرع بالإجابة.. وبطبيعة الحال ومن البديهي أن تكتشف حالا أنها واحدة من إياهم تريد مالا أو أن تشتري لها غداء من أقرب مطعم بدعوى أنها جائعة فتلتفت يمينا وشمالا فلا ترى أي مطعم في الجوار فتبادرك بقولها (وهذا ما خطط له مسبقا) أعطني قيمة الغداء وأنا أشتري لنفسي.. غاية الاستغفال والضحك على الذقون.. هؤلاء الذين ينغصون عليك معيشتك بإلحاحهم بالمطالبة بالمال وكأنهم يطالبونك بحق لهم عندك.. بكل وقاحة وبكل همجية وبدون حياء قد تلمس ملابسك أو قد تلاحقك وأنت تمشي وتجذب شماغك وإذا بصوت نسائي خلفك يقول ((أعطني شيئا لله)) وحين تلتفت تقع عيناك على امرأة منقبة هيأتها حسنة ولباسها حسن وبقية المشهد يحكي باب من أبواب الفتن التي قد تعصف بقلب وعقل من لا يتورع عن الاستجابة لتزيين الشيطان لمثل تلك المواقف. نعم عندي يقينا كاملا بأن هناك أناس يحتاجون للمال.. للطعام.. احتياجات متنوعة ولكنهم قلة قليلة إذا ما قورنوا بهذه الأعداد التي تزداد يوما بعد يوم وبشكل خرافي.

متسول بعد أن تتم ورديته في ذلك الموقع يهب واقفا ويسير خطوات قليلة بعيدا عن موقعه ذاك ثم يتصل بالجوال وما هي إلا دقائق وتقف أمامه تلك السيارة الفارهة فيركب فيها ويمضي لتسليم ما لديه من عهدة وما حصل عليه من أموال المسلمين (بغير حق).

متسول آخر معاق به عرج واضح وإحدى يديه مغلولة إلى عنقه بواسطة رباط طبي. ينهي عمله في موقعه ثم ينهض ويسير هنا وهناك حتى إذا ما وجدا مكانا منعزلا عن الأعين أزال ذلك الرباط ومشى بين الناس سويا سليما معافى وجيوبه قد أصابتها تخمة واضحة للعيان جراء ما التهمت من أموال وصدقات المحسنين.

طفل لا يتجاوز عمره الثانية عشر يقف أمام إحدى السيارات يستجدي سائقها بعض المال ويبكي وينتحب ويدعي بأنه يتيم لا أم له ولا أب (لا أم له) فيحن قلب ذلك المخدوع المسكين ويهب له بعض الريالات فيولي مهرولا إلى ثاني وثالث ثم بعد ذلك يتجه للشارع الخلفي إلى حيث توجد امرأة قد امتلأ حجرها بالأموال فينثر في حجرها جميع الأموال التي معه فإذا هي أمه والتي لا يستبعد أن يكون في انتظارها ((سيارة فارهة)) تقلها إلى مسكنها الذي لا ينقصه أي شيء من مستلزمات الحياة وقد تجد عندها مالا يملكه الغير الذين هم حقا في أمس الحاجة لمن يمد لهم يد العون.. لديهم أسر وأطفال ومدارس والتزامات وفواتير وإيجارات و القائمة تطول فحسبنا الله ونعم الوكيل.

منظمات تعمل في الخفاء وبشكل منظم وبترتيبات معينة وتحت أستار معينة وباحتياطات معينة.. تبث سراياها ذات اليمين وذات الشمال وما هي إلا أربع وعشرون ساعة إلا وقد عاثت في الأرض فسادا.. تسولا وسرقة بالرضا لأموال المسلمين.. نشر للرذيلة.. بيع للجنس الرخيص.. إغواء لأبناء وبنات المسلمين .. عمليات سطو.. عمليات سرقة.. جرائم قتل.. وبمعنى أشمل ((جريمة منظمة)) والغالبية العظمى وبنسبة لا تقل عن الـ 99% من هؤلاء الناس هم من الأجانب الأجانب الذين أتوا إلى هذه البلاد بحجة أداء العمرة والبقاء فيها وعدم المغادرة.. أو من هؤلاء الذين دخلوا إلى البلاد بطرق غير مشروعة.. أو من أتو فعلا بطريقة نظامية لا غبار عليها ولكن قد تم إعدادهم في بلادهم لممارسة مثل هذه الأعمال في بلادنا الحبيبة. وأعلم كما يعلم غيري علم اليقين أن حكومتنا ليست بالعاجزة عن مكافحتهم والقبض عليهم ومنحهم ((خروج بدون عودة)) مع وضعهم في اللائحة السوداء.

هذا الأمر يحتاج إلى جهد جهيد ومكافحة يطول أمدها وتكون لها نهاية حتمية ولكن متى؟

متى نستطيع أن نضع لهذا الأمر نهاية حقيقية؟؟!

لن ينتهي هذا الأمر إلا بتحقيق عدد من النقاط تتمثل برأيي القاصر في ما يلي:

1. أن يجعل كل واحد منا نحن أبناء الشعب بجميع شرائحه وكل مقيم نظامي محترم ما أتى إلى هنا إلا للعمل وكسب رزقه ورزق من وراءه أن يجعل من نفسه جنديا صادقا لا يرضى بأي أمر يخل بأمن هذا البلد. بلد الحرمين الشريفين ومنطلق الرسالة المحمدية إلى الناس كافة.

2. أن يضع الجميع أيديهم بأيدي الحكومة ونكون يدا واحدة لمتابعة ومكافحة هذه الشرذمة والإبلاغ عمن يشتبه فيه أو من له علاقة بهذه الطغمة الفاسدة من بعيد أو قريب.

3. الامتناع عن تشغيل من لا يملك إقامة نظامية أو إيوائه مهما كانت الأسباب والظروف والإبلاغ عنه.

4. عدم تشغيل الخادمات في المنازل واللاتي لا يمتلكن الإقامة النظامية وخصوصا الوافدات من إندونيسيا والدول الإفريقية وكم سمعنا عن مصائب حدثت في البيوت بأسباب هؤلاء الخادمات من جرائم قتل وأعمال سحر وشعوذة وجرائم زنا أجلكم الله وما لحقها من أمراض وفتن وفضائح أعاذنا الله وإياكم من ذلك.

5. تتبع هؤلاء الناس ومحاولة التوصل إلى أماكن إقامتهم رغم شدة حذرهم فوالله لوقوع خلية واحدة منهم بعد جهد وعناء ستأتي بخلايا أخرى ويكون المبلغ عنهم هو الفائز بأجور لا حصر لها وسببا في توقف الكثير من هذه الجرائم المنظمة ومساهما في استتباب الأمن في بلادنا.

6. هؤلاء المرتزقة في المساجد وعند المساجد وفي المواقع الثابتة لهم حيث أن لكل جماعة منهم موقع لا يحق لغيرهم أن يعملوا فيه وتحصل بينهم مشادات كلامية علنا أمام الناس إذا ما تعدى أحدهم على موقع الآخر، فالواجب الإبلاغ عنهم حال التأكد من ذلك.

7. أخيرا وليس بآخرها فالكل يعلم علم اليقين ما هي عقوبة التستر على من لا يحمل إقامة نظامية.

فلا تكن يا أخي الكريم مواطنا كنت أم مقيما سببا في الإسهام في التواطؤ مع هؤلاء سواء بعلمك أو بجهلك فقد ميزنا الله عن بقية المخلوقات بالعقول وزيننا بزينة الإيمان فلا نلغي عقولنا ونعمل ما سيكون سببا في دمارنا ودمار بلنا ومجتمعاتنا المسلمة الآمنة ولا نبطل إيماننا بأن الله لا يحب الفساد في الأرض وهؤلاء مفسدون في الأرض.

فكن يا أخي الكريم مثالا راقيا يقتدى به.. فمتى يكتمل البناء إذا ما كنت تبني وغيرك يهدم؟.. متى نستطيع القضاء على هؤلاء وكف أذاهم ونحن نساعدهم على المضي في غيهم بمنحهم المال أو بتشغيلهم والتستر عليهم أو بإيوائهم بحجة أنهم مساكين ولا مأوى لهم؟

أقول هنا والحديث أعني به من يعاني العوز والفاقة وقلة ذات اليد أو انعدام المأوى:

حكومتنا أعزها الله استحدثت دور للرعاية.. لكل الأعمار.

استحدثت مصالح للضمان الاجتماعي ومفتوحة فيها جميع الخيارات وتستطيع الغالبية العظمى من أبناء البلد الاستفادة من هذه الخدمة في حال توافرت الشروط المطلوبة وليست بتلك الشروط المعجزة أبدا.

الحكومة فتحت أبواب الجمعيات الخيرية للجميع ولا تميز بين مواطن ومقيم فالكل في بلاد الإسلام فهباتها ومساعداتها المالية والعينية في متناول الجميع. كما فتحت من خلال هذه الجمعيات دور تعليم لجميع المراحل وإيواء الأطفال وتهذيبهم ومنحهم الفرصة للحصول على حياة كريمة مع منحهم فرصة ابتعاثهم للدراسة خارج البلاد في حال أثبتوا كفاءتهم وتفوقهم. وغير ذلك.

الحكومة أيدها الله فتحت باب القروض الميسرة لدى بنوك التسليف في جميع مدن ومحافظات المملكة وأيضا بشروط ميسرة. لمختلف شرائح المجتمع.

أما بالنسبة لهؤلاء فيكفيهم أن الحكومة في حال القبض عليهم جل ما يتخذ في حقهم من إجراءات في حال عدم ثبوت جنايات أو حقوق خاصة أو ما شابه في حقهم فيتم حجزهم إلى حين استكمال إجراءات ترحيلهم حيث يتم إطعامهم وإيوائهم وعلاوة على ذلك يسافرون على حساب الدولة .. فو الله إنهم لفي نعمة كبيرة هؤلاء الجاحدون الناكرون للمعروف ولو تم القبض عليهم في بلد آخر لتعفنوا في السجون ولا يكترث بهم في أي واد هلكوا.

قد أكون أطلت في المقال وأعلم علم اليقين بأنه ليس بالجديد عليكم وعلى الغير فلطالما قرأت من كذا مصدر عن هذه الظاهرة وما نجم عنها ولكن لا بد من أن يتجدد الحديث عنها بين الفينة والأخرى للأهمية البالغة التي تستحوذ عليها والتي لا بد لنا من العمل على إنهاءها بأي شكل كان.

تمنياتي لنفسي وللمسلمين كافة في كل مكان وخصوصا في هذا البلد أن ينعموا بحياة ملؤها الأمن والإيمان والراحة والاطمئنان سائلا المولى جل في علاه أن يمن علينا بالتوفيق والفلاح في كل أمورنا في الدنيا والآخرة. وأكرر أسفي على الإطالة.

والسلام عليكم.

المتظلم....!