بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,

فشل القلب قد يسبب الهلوسة والجنون المؤقت !

ان العلاقة بين امراض القلب والامراض النفسية متداخلة ويؤثر كل منهما على الاخر ويتأثر به .... وسنعرض لتلك العلاقة اجمالا فيما يلي... مع التركيز على مفاهيم هامة لابد من توضيحها للقارئ الكريم ، فقد وجد في الدراسات الطبية ان حوالي 10% من المرضى الذين يأتون بأعراض نفسية الى الاطباء النفسيين يكون لديهم امراض عضوية ووجد ان حوالي نصف هؤلاء لم يكن معروفا لديهم او لطبيبهم المتابع لحالتهم ذلك المرض العضوي من قبل .......وقد ورد في تلك الدراسات الطبية المنشورة ان كثيرا من الامراض العضوية قد تظهر بأعراض نفسية مثل :-
امراض القلب ونقص السكر والجلطة الحرارية (ضربة الشمس)،امراض الغدة الدرقية ، الالتهابات البكتيرية عموما وبالذات التهاب الرئة في كبار السن، فشل الكبد، المرحلة المتأخرة من مرض الزهري (SYPHLIS) ومن الاورام مرض سرطان الرئة .

وهناك كثير من امراض القلب او الاعراض الجانبية لبعض أدوية امراض القلب من الممكن ان تأتي شكوى المرضى منها على شكل اعراض نفسية اما بتقطع النوم او ضعف عام او عدم القدرة على التركيز او فقدان الذاكرة او الهلوسة السمعية او البصرية delirium حيث يتهيأ للمريض الكلام مع اشخاص او رؤية اناس معينين ...وبعضهم قد يأتي الى الطبيب بتغير في الشخصية والسلوك او الانعزال عن الناس او عدم الرغبة في الاكل او سرعة الانفعال.......وقد يكون ذلك نتيجة لنقص الاكسجين وتأثيره على الدماغ او بتأثير الاعراض الجانبية للادوية على المريض وخصوصا في كبار السن ......

وأهم امراض القلب التي من الممكن ان تأتي بهذه الاعراض هو فشل القلب حيث من الممكن ان يسبب الهلوسة والجنون المؤقت psychosis reactive وبعض امراض القلب مثل ارتفاع الضغط الشرياني غير المتحكم به ويصل الى قراءات مرتفعة قد يسبب اضطرابا في الشخصية وتغيرات في السلوك . General Hospital Psychiatry 29 (2007) 325–334)

ويجب التنويه ايضا ان مرضى القلب مثل غيرهم قد يصابون بالامراض النفسية بل انهم – حسب الاحصاءات الطبية- اكثر عرضة للاكتئاب والقلق مقارنة بغير مرضى القلب وذلك في جميع دول العالم ، فمرضى جلطات القلب 15% منهم يعانون من الاكتئاب ومرضى فشل القلب 20 % كذلك ،والمشكلة تكمن في ان الاكتئاب في هؤلاء المرضى من الممكن السهو عنه وعدم الالتفات اليه في علاجهم ومن جهة اخرى فان الاكتئاب يؤثر كثيرا على مريض القلب باهمال ادويته ونسيانها، وعدم الحرص على مواعيد مراجعة عيادة القلب وعدم الرغبة في مقابلة الطبيب وعدم الالتزام بالنظام الغذائي المحدد له واخيرا عدم الالتزام ببرنامج المشي اليومي والتمارين .وبالتالي فانهم اكثر تعرضا لمضاعفات امراض القلب من مرضى القلب الذين لايعانون اعراضا نفسية .

ومن المعروف ان الادوية عموما لها اعراض جانبية نادرة وقد تكون تلك الاعراض على شكل اعراض نفسية وادوية القلب ليست استثناء من ذلك ، ويؤخذ الدواء مادام ان فائدته المرجوة ترجح على ضرره المحتمل او الحاصل ، ولا يصح ان يوقف المريض الدواء من دون الرجوع الى الطبيب في ذلك فقد يترتب على ايقاف الدواء ضرر اكبر من الأعراض التي يعانيها المريض او ان المريض يرمي اللوم على ذلك الدواء بدون دليل واضح ولذلك فانه من الأفضل ان يترك ذلك القرار للطبيب المختص المتابع للحالة .

ومن جهة اخرى فانه يجب التنويه على ان المرضى النفسيين اكثر عرضة لأمراض القلب بسبب تواجد عوامل خطورة امراض القلب لديهم ضعف المرضى غير النفسيين.

والخلاصة انه ينصح اهل المريض بعدم التساهل في اطلاق المرض النفسي على المريض والبدء في علاجه بدون عرضه على الطبيب المختص .....والطبيب بدوره سيتأكد هل هناك امراض عضوية مسببة لهذه الاعراض ام لا ؟ اما مرضى القلب فيجب على الاهل مراقبتهم عن كثب ومناقشة اي اعراض محتملة عند مراجعة الطبيب المتابع لحالة المريض وماهي الخيارات المتاحة للتعامل مع هذه الاعراض ......... مع تمنياتى للجميع بالصحة والعافية ...والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,


د.خالد عبد الله النمر