رغبة، سعود الجنيدل (واس) في كل عام تأتي مناسبة اليوم الوطني للمملكة تحمل معها قصصاً وحكايات عن ملحمة التوحيد وبطلها الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن –رحمه الله– ومن كان معه من الآباء والأجداد الذين بذلوا الغالي والنفيس حتى يكون الوطن لنا داراً ولمن يأتي بعدنا من الأجيال المقبلة.



وفي هذه المناسبة التقت "واس" بالراوي عبد الله الهويمل ليسرد مواقف وقصصاً من سيرة موحد البلاد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن، حيث قال: "إن قصص موحد البلاد –رحمه الله– مليئة بالحكمة والحنكة، وحري بالأجيال أن تتعرف عليها وتستفيد منها"، مشيراً إلى أهمية استشعار نعمة التوحيد والأمن والأمان الذي يعيشه الناس في المملكة، فهي دار للجميع جيلاً بعد جيل.

وفي هذا السياق يذكر الراوي الهويمل قصة للملك عبد العزيز إبان عودته من قيادة أحد الجيوش وكان يمتطي ذلوله "بعيره"، وبدا عليه الضيق، وكان الجيش يسير من الصباح حتى آذان الظهر، وشعروا بالتعب وأرادوا أن يتوقفوا ليرتاحوا، لكن لم يجرؤ أحد على طلب ذلك من الملك عبد العزيز كونه هو القائد المسؤول عن الجميع، وتطوّع رجل من أهل رغبة يقال له مساعد بن مدلول، وهو شاعر، لكي يطلب من الملك عبدالعزيز التوقف، ولكن بطريقة أخرى غير مباشرة.

ذهب مساعد بن مدلول وهو يمتطي قعوده ليسير بمحاذاة الملك عبد العزيز، ورفع صوته منشداً:

عساك تسلم يا قعود يهج بي
من ديرة الهفهوف يا داداه
ينشر من الهفهوف ويمسي ثادق
قعودي اللي ما لحقت أقصاه
قعودي اللي ما نعوده السرى
لا جا القوايل...



وفهم الملك عبدالعزيز بذكائه وفطنته مقصد الشاعر، وقال له بعد أن أزاح لطمته: متى تريدنا أن نمشي؟ فأجاب الشاعر مساعد بن مدلول: بين البرادين، يا طويل العمر. فضحك الملك عبد العزيز وقال: أول مشجار –يقصد أول شجر– تشاهدونه سنقف عنده.. وبعدما وقفوا ليرتاحوا أمر الملك عبد العزيز بإعطاء الشاعر مساعد بن مدلول ذلولاً بدل الذي عنده... وهذه القصة كما يقول الراوي الهويمل تدل على جَلَد الملك عبد العزيز وصبره وتحمله وقوة شخصيته، حيث إن الرحلة كانت شاقة لدرجة أن الجيش تعب، إلا أن المؤسس ظل مواصلاً ولم يتوقف إلا بعد ما سمع أبيات الشاعر، كما أنها تدل على ذكاء وفطنة الملك عبدالعزيز ونظره في أحوال من معه.

ومما يعرف عن الملك عبد العزيز أنه كان يأخذ معه دائماً صُرراً فيها نقود فضة في السيارة ليساعد بها من يقابلهم من المحتاجين في الطريق، وروى المؤرخ خير الدين الزركلي في كتابه "شبه الجزيرة في عهد الملك عبد العزيز"،
«أنه في يوم من الأيام كان -رحمه الله- يتجه نحو عرفة، ورأى جمّالاً، وتوقف بالقرب منه، وجاء وسلم عليه، وسأله الملك عن أحواله، ثم ناوله صرة نقود، وبعدما تحركت السيارة قال السائق للملك: إن الصرة التي أعطيت للرجل كانت ذهباً، وليست نقود فضة، فطلب الملك من السائق العودة إلى الرجل، وكان السائق يعتقد أن الملك سيستعيد تلك الصرة ويستبدلها بأخرى، لكنه فوجئ بأن الملك يخبر الرجل أن الصرة التي أعطيت له هي صرة ذهب، وأن الواحد منها بعشرين من النقود العادية، ونبهه حتى لا يخدعه أحد لعدم معرفته بذلك، وأمر السائق أن يمضي في المسير قائلاً: أعطاه الله».
ومن جوانب کرمه كما أورد خير الدين الزركلي في كتابه أنه "نافس قلمه الذي أخطأ في كتابة رقم المبلغ المخصص لأحد المواطنين، فبدلاً من أن يكون مئة ريال أصبح ألف ريال، وعندما ذهب الرجل إلى شلهوب -رحمه الله– المسؤول عن الشؤون الخاصة نظر إلى المبلغ فوجده يزيد عشرة أضعاف على ما هو معتاد، فعاد شلهوب إلى عبد العزيز، وأخبره بهذه الزيادة الكبيرة، فقال الملك: ليس القلم بأكرم مني".



وفي موقف إنساني آخر، يذكر عبد الحميد الخطيب في كتابه "الإمام العادل" الجزء الثاني، أن "الملك عبد العزيز كان يضع نفسه محامياً عن المحتاج إلى أن يحصل على حقوقه. فها هي ذي المرأة المسنة من أهل مكة المكرمة تصل إلى باب قصره بمكة وتشكو إليه أمراً في قضية ميراث لها قائلة: ليس لديها من يدافع عن قضيتها، فأخذ جلالته ما بيد تلك المرأة من أوراق قائلاً: إنه وكيلها في هذا الأمر، وتابع الموضوع شخصياً مع المحكمة الشرعية حتى انتهت قضيتها".

وفي قصة تدل على عطف الملك عبد العزيز وإنسانيته ومحبته للناس وحرصه عليهم، أوردها عبد العزيز الأحيدب في كتابه "من حياة الملك عبد العزيز"،
«أنه عندما جاء عبد العزيز يتابع العمل في بناء القصر في المربع، وكان ذلك في رمضان، شاهد عمالاً يعملون تحت الشمس الحارقة، فتوقف، وسأل عن رئيسهم، فعندما جاء سأله جلالته عن مواعيد عملهم فأجابه أنه من الصباح الباكر حتى العصر، فقال جلالته: يا لله العجب! أنا لا أعمل بيدي، وأستعمل السيارة، وأشعر بالعطش، من الآن فصاعداً لا تعملوا في رمضان أكثر من أربع ساعات في أول النهار، ولكم أجركم كاملاً".
تم تصويب (25) خطأ، منها ابدال (») بــ (")
أيضاً في (عبدالعزيز) و(عبدالرحمن) و(عبدالله)
والصواب (عبد العزيز) و(عبد الرحمن) و(عبد الله)