بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كثير من الناس يقرأون الفاتحة في الصلاة بسرعة
وكأن الذئاب تلاحقهم ولا يعلمون ما فيها،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ
فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
حَمِدَنِي عَبْدِي وَإِذَا قَالَ: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي وَإِذَا قَالَ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} قَالَ: مَجَّدَنِي عَبْدِي
وَقَالَ مَرَّةً: فَوَّضَ إِلَيَّ عَبْدِي فَإِذَا قَالَ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}
قَالَ: هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ فَإِذَا قَالَ:
{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ
غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} قَالَ: هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ
". أخرجه عبد الرزاق (2/128 ، رقم 2767) ، وأحمد (2/285 ، رقم 7823)
، وأبو داود (1/216 ، رقم 821) ، ومسلم (1/296 ، رقم 395) ،
والترمذي (5/201 ، رقم 2953) ، وقال : حسن. والنسائي (2/135 ، رقم 909)
، وابن ماجه (2/1243 ، رقم 3784) ، وابن حبان (5/84 ، رقم 1784).
قال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم": قَوْله عَزَّ وَجَلَّ:
(مَجَّدَنِي عَبْدِي) أَيْ عَظَّمَنِي. قَوْله سُبْحَانه وَتَعَالَى:
(قَسَمْت الصَّلَاة بَيْنِي وَبَيْن عَبْدِي نِصْفَيْنِ) قَالَ الْعُلَمَاء:
الْمُرَاد بِالصَّلَاةِ هُنَا الْفَاتِحَة سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا لَا تَصِحّ إِلَّا بِهَا،
قَالَ الْعُلَمَاء: وَالْمُرَاد قِسْمَتهَا مِنْ جِهَة الْمَعْنَى لِأَنَّ نِصْفهَا الْأَوَّل
تَحْمِيد لِلَّهِ تَعَالَى، وتَمْجِيد وَثَنَاء عَلَيْهِ, وَتَفْوِيض إِلَيْهِ,
وَالنِّصْف الثَّانِي سُؤَال وَطَلَب وَتَضَرُّع وَافْتِقَار. انتهى كلامه رحمه الله.
وسوف ابين اختلاف المذاهب في قراءة الفاتحه للمأموم ...
الشافعية قالوا: يفترض على المأموم
قراءة الفاتحة خلف الإمام. إلا إن كان مسبوقاً بجميع الفاتحة أو بعضها.
فإن الإمام يتحمل عنه ما سبق به إن كان الإمام أهلاً للتحمل.
بأن لم يظهر أنه محدث أوأنه أدركه في ركعة زائدة عن الفرض.
الحنفية قالوا: إن قراءة المأموم خلف
إمامه مكروهة تحريماً في السرية والجهرية،
لما روي من قوله صلى اللّه عليه وسلم: "من كان له إمام فقراءة
الإمام له قراءة" وهذا الحديث روي من عدة طرق.
هذا، وقد نقل منع المأموم من القراءة عن ثمانين نفراً من كبار الصحابة،
منهم المرتضى والعبادلة. وروي عن عدة من الصحابة أن قراءة المأموم خلف
إمامه مفسدة للصلاة، وهذا ليس بصحيح، فأقوى الأقوال
وأحوطها القول بكراهة التحريم.
المالكية قالوا: القراءة خلف الإمام مندوبة في السرية، مكروهة في الجهرية،إلا إذا قصد مراعاة الخلاف، فيندب.
الحنابلة قالوا: القراءة خلف الإمام مستحبة
في الصلاة السرية،وفي سكتات الإمام في الصلاة الجهرية.. اهـ النقل
.. [ الفقه على المذاهب الأربعة - عبدالرحمن الجزيري - طبعة المكتبة العصرية / ص 131