ابتسم ياخلف ودع عنك التجهم

د. خليل بن عبد الله الحدري

حين تنطوي النفس البشرية على سلوك خفي غير مقبول أو بالأحرى يصعب على صاحبه البوح به في بيئة فطرت على حب الخير مهما كان تقصيرها فإن هذا السلوك الخفي لا بد أن يظهر على فلتات اللسان وسقطات القلم وعليه حين يريد تجاوز هذه المسالك غير المقبولة أن يتمتع بذكاء يفوق ذكاء الشيطان وإلا وقع فيما حذر منه ونقض اليوم ما أبرمه بالأمس .

وقد وقفت على مقال لأخي خلف الحربي كتبه في صحيفة عكاظ يوم الاثنين 8 / 3 / 1431هـ ينتقص فيه الكاتب الكبير عبدالرحمن بن محمد الهرفي وهو يتحدث عن موقع لجينيات بمقال وسمه بـ " لجينيات كعبة المجد " فلم أر أبلغ – في وصف محتوى مقال الأخ خلف - من الهدي النبوي الكريم القائل :" يلبسون مسوح الضأن وقلوبهم قلوب الذئاب " ولا تقولوا لا تتحدث في أعمال القلوب فأرد عليكم بحديث " المضغة " .

إن المتأمل في مقال الأخ خلف يشعر بأن " موقع لجينيات " أصبح رافدا من روافد ثقافته وهو يتابع أخباره ( الطازجة ) ويتنقل بين موضوعاته ( الغضة الطرية ) ذات العمق والشمول في معالجة الأحداث والأفكار بلغة موضوعية هدفها نشدان الحقيقة ليس إلا في زمن مل الناس لغة العمعمة والغمغمة والسمسمة والدمدمة والدوران في الأفلاك المؤطرة البالغة حد السماجة .

وهذه دلالة على أن " موقع لجينيات " قد اكتسح عقول كتاب الصحف فضلا عن غيرهم واستقطب كبار العلماء والمفكرين والأدباء وأساتذة الجامعات وفرض نفسه على الساحة بقوة الكلمة ومسؤولية الفكرة مهما شتمها الشانئون ، أو اعتدى عليها ( الهكرز ) أهل الغيلة الظالمون .

لقد تجاوز الأخ خلف الحربي الكاتب الكبير عبدالرحمن الهرفي إلى الموقع ذاته – لتعلموا مدى حب الأخ خلف لموقع " لجينيات " وأن المسألة ليست ردا على كاتب أصاب أو أخطأ إنما هو التشفي والاستعداء ليس إلا .

لقد وصف أخي الحربي " موقع لجينيات " بالمتطور مهنيا إلا أن لغته عنيفة كما زعم ، ويبدو أن الأخ خلف قد تفاجأ بلغة الحقيقة المسؤولة التي لم يعتد على سماعها من قبل ، تلك الحقيقة المنضبطة التي يعلم تمام العلم أنه أقل من أن يبوح بنصفها في عموده الصحفي فصارت الحقيقة في نظره تطرفا والصدق مسلكا مقززا وتلك انتكاسة أربأ به أن يتوشحها .

أخي خلف : كان بإمكانك أن تنتقد كاتبنا الكبير عبدالرحمن الهرفي في عنوانه إن كان العنوان قد سبب لك مشكلة ، أما أن تتجاوزه إلى الموقع ذاته فتلك مكنونات الضمير أبى الله إلا أن يخرج أضغانها .

وحتى أكون موضوعيا فإني أجزم أن مكنونات الضمير البشري لا تتأبط شرا محضا فقد وصف الأخ خلف " موقع لجينيات " بأنه يقبل الرأي الآخر ، ثم كر ثانية على الكاتب الكبير الهرفي فوصفه بين قوسين بـ ( الشيخ ) لنعرف جميعا معنى هذه المفردة ومكانتها ومدلولاتها في لغة الأخ خلف الفكرية الراقية التي ترصعت بعدد من المفردات ذات المدلول الثقافي المحترم بمعياره النظيف كقوله ( لغته عنيفة ) ( لغته متطرفة ) ( شعرت بالاشمئزاز ) (مقاله المقزز ) ( متأثرا بأغنية أم كلثوم ) ( يدعي الدفاع عن الدين ) ( مؤسسة أبي لجين ) --- طبعا على سبيل التندر --- ( كان يخبص ) ( يستخدم عبارات خطيرة ) ( لا يعي خطورة ما يقول ) ( التراث المتخبط ) ( هذا الهراء ) ( الشارع ) ( الاستراحة ) (تورطه بتراث منتديات الإنترنت ) ( منتديات الإنترنت الهابطة ) ( انقلوا هذا الشيخ من فريق الكتَّاب إلى فريق المعلقين ) ( بعض المعلقين أكثر وعيا من الكاتب ) الخ ... وهذه الكلمات المحترمة كلها في مقال واحد فقط .

أما ما أثار عجبي فهو وصف الأخ خلف الصحف المحلية بأنها ليست إقصائية لأنها تحترم نفسها فترفض نشر الهراء وتلتزم بقواعد واضحة للنشر إلى أن قال :" أما من لا يستطيع أن يعبر عن رأيه بعبارات نظيفة فبإمكانه أن يردد مثل هذا الكلام في الاستراحة أو في الشارع أو في منتديات الإنترنت الهابطة " .

قلت : هل نسيت أخي خلف قولك في صحيفة عكاظ يوم 5 / 9 / 1430هـ عن الحلقة التهريجية في برنامج " طاش ما طاش " : ( حلقة واحدة مدتها (20) دقيقة لعبت في حسبة تيار طويل عريض سيطر على المؤسسة التعليمية أكثر من 70 عاما " وأنت تقصد الصالحين في مواقعهم المختلفة بالوزارة .. وقلتُ أنا لقراء لجينيات حينها : هل هذه العبارة ( لعبت في حسبتهم ) عبارة عاقل يقدر مسؤولية الكلمة ؟؟!! وأين مكانها في ميثاق الشرف الإعلامي السعودي ؟؟!!

وأزيدك اليوم – أخي خلف وأزيد القراء - عددا من التساؤلات على معيارك الصحفي النظيف فأقول : ما رأيك بهذه العبارة ( لعبت في حسبتهم ؟؟؟!!! )

هل هي عبارة نظيفة ؟!

هل هي عبارة مُصلِحة ؟!

ما علاقتها بقيم التواصل ؟!

هل يقبلها مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني ؟!

هل تدعم عبارتك العدوانية هذه مبادىء العلاقات الإنسانية ؟!

حبيبي خلف بالله عليك أين مكانها الحقيقي لو سمحت ؟! في الاستراحة ؟ في الشارع ؟! في القهوة ؟ في منتديات الإنترنت الهابطة ؟ ! مع الشلة في المجالس الخاصة ؟! أم في منبر صحفي سعودي يقرأه العالم كله في الداخل والخارج ؟! .

واسمحوا لي يا قراءنا الأوفياء أن أبلبل عليكم كما بلبل عليكم أخي خلف - مع الفارق بين البلبلتين - فأقول : بالله عليكم هل هذا كلام مقبول في منبر إعلامي سعودي رسمي ؟؟؟!!! ولا تتعجبوا إن قلت لكم : إنه قال هذا الكلام " النظيف " في مطلع شهر رمضان الفارط !!! دعونا أكررها عليكم إنه يقول في مطلع شهر رمضان المبارك : فريق طاش ما طاش لعب في حسبة الأخيار المتدينين في وزارة التربية والتعليم ؟؟؟!!! هذا ما قاله أخي خلف الحربي بالتمام والكمال .

حبيبي خلف أي نشر محترم تتحدث عنه ؟؟؟!!!

أي قواعد للنشر تلتزمها الصحف التي تتحدث عنها .. لحظة .. لحظة : الكتاب الذين يقولون بأن اليهود والنصارى ليسوا كفارا إلا إذا حاربونا !!!

الكتاب الذين يقولون : من وصف المرأة بأنها " عورة " فقد استحق الضرب إن لم تكن هناك محاكم اجتماعية لتأديبه !!!

الكتاب الذين يسطحون عقولنا بأن الاختلاط يبلد الإحساس ويكشف أصالة التربية !!!

الكتاب الذين يستهزئون بالحجاب ويسخرون من المحرم ويرفضون قوامة الرجل على المرأة !!!

الكتاب الذين يدعون إلى نشر كتب الإلحاد والزندقة والجنس الرخيص !!!

الكتاب الذين يزعمون أن صناعة الإرهاب تمت بأيدي لابسات القفازين وفي مدارس التحفيظ وحلقاته وعبر المراكز الصيفية !!! الكتاب الذين يحرضون على العلماء الربانيين !!!

الكتاب الذين يكتبون ضد العقيدة والوطن !!!

الكتاب الذين يفترون الكذب ويشوهون سمعه الوطن ويدوِّلون قضاياه بعد ( فبركتها ) بلغة استعدائية ظاهرة على البلد وأهله ؟؟؟!!!

هل هؤلاء كلهم نظيفون ؟؟؟!!!

هل الصحف التي تنشر هذا الهراء صحف تحترم نفسها ؟؟؟!!!

هل هذه المنابر تحترم قواعد النشر ؟؟؟!!!

هل تراعي ميثاق الشرف الإعلامي السعودي ؟؟؟!!! .

ولم تنته عجائب أخي خلف فقد استهجن – بسم الله على قلبه - قول الكاتب الكبير الهرفي (كعبة المجد التي يحج إليها القريب والبعيد) ظنا منه أن الحج اللغوي الذي يقصده الهرفي هو الحج الشرعي الذي فهمه – رقَّى الله فهمه – ولا أدري كيف غابت عنه لغة العرب وأساليبها البلاغية في نحت الأفكار والعبارات لتوظيفها ببراعة تدل على أهمية المعنى ولفت الأنظار إليه .

ثم عمعم أخي الحربي وغمغم - هداه الله - بنسبة قول: ( يا أبناء الخنازير ) للكاتب الهرفي أو لغيره منتزعا العبارة من سياقها ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله .. وانتزع الدعاء على الأشرار والمبطلين سواء كانوا من الكفار المحاربين أو المستهزئين بثوابت الدين ومحكمات الشريعة بقول قائله : ( اللهم اهتك سترهم واقطع نسلهم وشل أركانهم ) ووصف هذا كله بالهراااااااااء .

ولولا ضيق الوقت وكثرة المشاغل لتتبعت مقالات أخي خلف ولأتيتكم منها بالعجائب فإني على يقين أني سأجد فيها إيحاءات ( الشارعين ) ما دام يكتبها تحت مظلة ( على شارعين ) معيذا زاوية أخي خلف الحربي من قول ابن القيم رحمه الله :

وقلَّما أبصرتْ عيناك ذا لقبٍ ... إلا ومعناهُ إن فكَّرتَ في لَقَبِه

اللهم وفق عبدك خلف الحربي لكل خير واهده واهد به واشرح صدره عندما يتحمل مسؤولية الكلمة فينشرها على الناس واحفظ شدقه من قالة السوء يا رب العالمين .

إشراقه باسمه : أخي خلف .. تفاعل بالأخذ والرد وابتغ فيما آتاك الله

الحقيقةَ .. ابتسم يا خلف ودع التجهم فأنت في " موقع لجينيات " .

د . خليل بن عبدالله الحدري