ر.م/ ط.أ (دويتشه ïيله) : قد تبدو اضطراب نبضات القلب للبعض عارضا بسيطاً لا يستوجب القلق، لكن تبعات هذا المرض يُمكن أن تؤدي أحياناً إلى عواقب سلبية على صحة الإنسان. فماهي أسباب المرض وسبل العلاج منه؟


اضطرابات القلب تؤدي إلى الجلطة الدماغية

القلب محرك الجسم الذي يسهر على اشتغال باقي الأعضاء عبر تدفق الدم، وانتظام دقاته مؤشر جيد على أن صحة الإنسان بخير. غير أن عدم انتظام نبضات القلب من خلال سرعتها يعتبر بمثابة ناقوس للخطر يتطلب الحذر وزيارة الطبيب في أقرب الآجال. وفي هذا السياق يشرح طبيب القلب في مستشفى ماينز توماس رستوك، أن اضطراب نبضات القلب أو مايٌعرف طبياً "بالرجفان الأذيني" هو عدم انتظام نبضات القلب، بشكل يُسبب عدم انتظام في عمل الأذنين ما يؤدي إلى اضطراب النبضات وانكماشها فيما يشبه الومضات.

صعوبة التشخيص!
وتتباين أسباب الإصابة بالرجفان الأذيني لكل مريض على حدة، لكنها تتقاطع في عدة أسباب عامة كارتفاع ضغط الدم، الإصابة بمرض صمامات القلب، الإصابة بمرض الشريان التاجي، فضلا عن الإفراط بنشاط الغدة الدرقية ومرض السكري وأمراض الرئة.

وتكمن صعوبة مرض اضطراب نبضات القلب في تشخصيه، حيث لا تُصاحبه أوجاع قبلية ما يُصعب من مهمة اكتشافه. غير أن ظهور بعض الأعراض قد يُساهم في تحديد المرض مثل: الشعور بالدوار، الحر الشديد، ازدياد نبضات القلب وصعوبة التنفس.

ولكشف المرض تم تطوير تطبيقات خاصة تُساعد على اكتشاف المرض مثل وضع الأصبع على عدسة الكاميرا يتم الحصول على منحى النبض عبر إشارات الفيديو. ويوضح الدكتور توماس رستوك أهمية هذه التطبيقات بأنها "مفيدة وتمكن المريض من معرفة إن كان إيقاع نبضات قلبه طبيعياً أو يُعاني من الرجفان الأذيني". وفي نفس السياق يؤكد أطباء القلب أن أفضل التطبيقات المساعدة على كشف المرض هي التي تعمل بالمجسمات، حيث يتم تثبيتها على الهاتف النقال حيث تقوم بتسجيل ضربات القلب لثلاثين ثانية من خلال الأصبع.

خطورة المرض وطرق العلاج
وقد يؤدي المرض في أحيان كثيرة إلى الجلطة الدماغية، حيث يتوقف الجزء الأعلى من القلب (الأذنين) عن الانقباض وهو ما يحول دون وصول الشارات الكهربائية إلى القلب، التي يحتاجها لمواصلة عمله، الأمر الذي يُسبب رجفة ثم تجلط في الدم ينتقل عبر الدورة الدموية ليستقر بعدها في الدماغ ويؤدي إلى الجلطة الدماغية.

وتتعدد طرق العلاج بين تناول العقاقير المُسيل للدم، وبعض الأدوية الأخرى للحفاظ على نبضات القلب أو علاج القلب عبر ما يُسمى بالصدمات الكهربائية ،التي تُعيد عمل القلب إلى وضعه الطبيعي. كما قد يتم علاج المرضى عبر استخدام أنبوب القسطرة.

وعن هذه الطريقة في العلاج يقول جراح القلب بمستشفى هوبرتوس ببرلين هانس هنريش سيفرس" نُدخل أنبوب القسطرة إلى القلب ونتوجه إلى الخفرات التي أصفها بالشريرة، التي تُسبب الرجفان الأذيني". ويضيف: "ثم يتم حقنها جزءاً جزءاً بمواد تؤدي إلى انكماشها وكبح الموجات الكهربائية وبالتالي توقف الرجفان الأذيني".


القلب - الجهاز النابض العجيب
القلب – المضخة العجيبة: القلب هو عضو عضلي مجوف تتقلص عضلاته ما يقارب سبعين مرة في الدقيقة ويضخ بهذه النبضات نحو عشرة آلاف لتر من الدم في اليوم الواحد إلى جميع إنحاء الجسم. ويقوم القلب بعملية ضخ هذه الكميات الكبيرة على مدى الحياة. وفي بعض الأحيان، كما عند إجراء التمارين الرياضية، يزيد القلب كمية ضخه للدم إلى خمس مرات عن المعتاد.



عمل مزدوج للقلب: يتكون القلب من قسمين وكل قسم من القلب يحتوي على أذين وبطين. وجسم الإنسان يتكون من جهازين لدوران الدم وليس من جهاز واحد. لأن القسم الأيمن من القلب يضخ الدم إلى الرئتين لتزويد الدم بالأوكسجين، وفي الوقت نفسه يضخ القسم الأيسر من القلب الكمية نفسها من الدم إلى أنحاء الجسم. وترتبط أجزاء القلب مع بعضها بصمامات تسمح بمرور الدم باتجاه واحد وتمنع رجوعه في الاتجاه المعاكس.



جهد عضلي مضن: القلب هو عبارة عن عضلات من نوع خاص تشبه العضلات الموجودة في اليدين أو الساقين من حيث سرعة وقوة تقلصها. ولكن الذي يميز عضلات القلب عن غيرها هو قابليتها للعمل لفترة طويلة بدون تعب أو كلل. بالإضافة إلى ذلك فان خلايا نسيج عضلة القلب ترتبط مع بعضها البعض مشكلة شبكة كبيرة، كما يظهر في الصورة، والتي تساعد القلب على العمل كعضلة واحدة أثناء النبض.



الخلايا المحفزة لنبض القلب: هل حاولت يوما أن ترغم قلبك على إيقاف نبضه؟ حتى وان حاولت فانك لن تستطيع، لأن القلب لا يمكن السيطرة على عمله عن طريق الخلايا العصبية وإنما عن طريق الخلايا المولدة للنظم الجيبية الأذينية. وهي خلايا تقع في جدار الأذين الأيمن وتقوم بتنظيم عمل القلب عن طريق توليد الإشارة المحفزة له بشكل دوري. وفي حال تعذرها عن ذلك تقوم بدلا عنها العقدة الأذينية البطينية بتوليد الإشارة.



جهاز مزيل الرجفان: في حالة تعذر القلب عن العمل بصورة طبيعية، كما في حالة الرجفان البطيني، أي توقف القلب عن العمل بسبب خلل في منظومة القلب تؤدي إلى ارتجاف البطينين بدل انقباضهما، يستخدم جهاز مزيل الرجفان الذي يقوم بإعطاء صدمة كهربائية تنهي الاضطراب في نقل الإشارة الكهربائية في القلب وتعيده للعمل بصورة طبيعية. هذا الجهاز متوفر حاليا في معظم الأماكن وسهل الاستعمال.



جهاز مولد نبضات القلب: وإذا كان نبض القلب بطيئا جدا، يستعان عند هذه الحالة المرضية بجهاز طبي يزرع في جسم الإنسان يقوم بتوليد نبضات الكترونية ترسل إلى عضلة القلب. هذا الجهاز الطبي تم استعماله لأول مرة في عام 1958 والنوعيات الحديثة منه تستطيع العمل في جسم الإنسان لمدة تتراوح بين خمسة أعوام واثني عشر عاماً.



عملية القلب المفتوح: كان الأطباء يرغمون على إيقاف عمل الدورة الدموية في الجسم عند إجراء عملية جراحية في القلب. ولكن في خمسينات القرن الماضي اكتشف الجراحون طريقة جديدة مكنتهم من حل المشكلة عن طريق استعمال جهاز يستخدم مؤقتا إثناء العملية الجراحية ويقوم بتزويد الدم بالأوكسجين ومن ثم إرساله إلى باقي الجسم، وفي هذه الحالة يقوم الجهاز بعمل القلب والرئة معاً.



القسطرة الطبية: الطب الحديث بإمكانه الكشف الكامل عن عمل القلب والتعرف على مشاكله إضافة إلى القيام بتدخلات جراحية دون فتح بطن المريض. حيث يقوم الأطباء باستخدام عملية القسطرة، أي إدخال أنبوب معدني أو مطاطي في جسم الإنسان يتم عن طريقه إدخال أدوات جراحية وطبية وإجراء العملية الجراحية في قلب المريض.



صمامات اصطناعية للقلب: في حال تعطل صمامات القلب عن عملها الطبيعي أو في حال تآكلها يستعمل الأطباء بدلا عنها مواد بيولوجية بديلة مستخرجة من الخنازير أو صمامات معدنية. وفي الوقت الحاضر توجد أيضا صمامات اصطناعية صغيرة قابلة للامتداد، كما يظهر في الصورة، ويتم ربطها بقلب المريض عن طريق عملية القسطرة.



قلوب ومضخات دم اصطناعية: عندما لا يعمل القلب بصور منتظمة كما في حالة ضعف القلب، يتم الاستعانة بمضخة دم لتكمل عمل القلب ويتم زراعتها في الجسم، إضافة إلى ذلك يربط قلب صناعي لمساندة عمل القلب القديم في جسم المريض، أما المشغل الآلي والبطاريات الخاصة بالمضخة والقلب الاصطناعي فتكون في العادة خارج جسم المريض.



قلب اصطناعي قيد التطوير: وفي الوقت الحاضر يقوم العلماء بتطوير قلب اصطناعي يقوم بمهام القلب الطبيعي بالكامل، وتمت تجربة هذا القلب الاصطناعي الجديد بنجاح على الأبقار. يحتوي هذا القلب، كالقلب الطبيعي، على بطينين اثنين وأربعة صمامات. لكن ما زال أمام العلماء وقت طويل والكثير من الأبحاث لغاية تطوير هذا القلب الاصطناعي وجعله بديلا ناجحا عن القلب الطبيعي.



الكاتب: زمن البدري