الرياض (واس) : نوه المتحدث الأمني باسم وزارة الداخلية اللواء منصور التركي بتميز المملكة العربية السعودية باحتوائها لأبنائها الذين تراجعوا وندموا على تنفيذهم أو مشاركتهم في أعمال وممارسات إرهابية، مشيراً إلى برامج التأهيل المعدّة خصيصاً لهذا الشأن، على غرار برنامج الأمير محمد بن نايف للمناصحة، الذي بات أنموذجاً عالمياً يحتذى على هذا الصعيد، إلى جانب امتلاكهم الحق الكامل في الحصول على قضاءٍ عادل، يستمد تشريعاته من كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.



جاء ذلك في ثنايا حديثه بالمؤتمر الصحفي الذي عقده اللواء التركي اليوم مع اللواء المهندس بسّام العطية من وزارة الداخلية في نادي ضباط قوى الأمن بالعاصمة الرياض، للحديث عن تفاصيل البيان الصادر عن وزارة الداخلية في وقتٍ سابقٍ اليوم، وتناول تفاصيل جديدة للتحقيقات المستمرة التي تباشرها الجهات الأمنية في أنشطة الخلية الإرهابية التي اتخذت من محافظة جدة مركزاً لها ونفذت عمليات إرهابية في بعض مناطق ومحافظات المملكة، وأحبطت لها عمليات أخرى، من أبرزها استهداف الحرم النبوي الشريف في شهر رمضان الفائت.

وأكد اللواء التركي أن وزارة الداخلية دأبت على الدعوة في كل إعلان لها عن قائمة مطلوبين أمنياً، التأكيد على أن الفرصة متاحة لهم للتراجع وتسليم أنفسهم، إلى جانب التنسيق والتواصل مع ذويهم للتمكن من إقناعهم بالعودة إلى أحضان وطنهم وعائلاتهم، وتصحيح مفاهيمهم وأفكارهم التي زرعها أعداء الدين والوطن، بهدف زعزعة أمنه وتحقيق أطماع سيظل تحقيقها مستحيلاً - بعون الله -.



وأكد المتحدث الأمني باسم وزارة الداخلية خطورة هذه الخلية الإرهابية ومدى الإجرام المتأصل في نفوسهم، حيث اتضح من خلال نتائج التحقيقات الجارية قتلهم للمطلوب للجهات الأمنية مطيع سالم الصيعري، الذي سبق الإعلان عن اسمه ضمن نتائج التحقيقات في جريمة استهداف مسجد قوات الطوارئ في منطقة عسير في 21 ربيع الآخر 1437هـ، مبيناً أن قتلهم له جاء بعد شكهم في مبادرة تسليم نفسة للجهات الأمنية، وتلقيهم التوجيهات من قياداتهم في سوريا بقتله، رغم أن الخلية كانت تعتمد على خبرته في تصنيع الأحزمة الناسفة.

وأوضح أن التحقيقات توصلت إلى شخصين آخرين مرتبطين بعلاقة مع الخلية الإرهابية، هما إبراهيم صالح سعيد الزهراني وسعيد صالح سعيد الزهراني، بقيامهما باستئجار منزل واستراحة بحي المحاميد بمدينة جدة، واستخدام المنزل والاستراحة لتصنيع الأحزمة الناسفة والمواد المتفجرة وضبط عدد منها، ليصبح إجمالي المتورطين في هذه الخلية المقبوض عليهم حتى الآن 46 شخصاً منهم 32 سعودياً و 14 أجنبياً من جنسيات مختلفة، لافتاً الانتباه إلى أن الوزارة ستعلن عن المستجدات في هذه القضية التي لا تزال التحقيقات فيها مستمرة.



من جانبه استعرض اللواء المهندس بسّام العطية تفاصيل تطور خلية حي الحرازات بمحافظة جدة، وبعض المعلومات عن أفرادها، مثل الإرهابي حسام الجهني الذي انتهج الفكر التكفيري ومؤيداً وعنصراً في تنظيمي القاعدة وداعش الإرهابيين من عام 2003م وحتى 2017م، وهو أحد العناصر المتحولة من داعم ومنسق إلى قيادي في هذي الخلية، التي أسهم في تجنيده داخلها الإرهابي إبراهيم الزهراني، ذات الشخص الذي سهل انضمامه إلى داعش عام 2017م، وأوكلت للجهني مهمة الدعم والإيواء.

وأبان اللواء العطية أن التنظيم الإرهابي ربط حسام الجهني بالإرهابي خالد السرواني المسؤول عن إدارة الخلية، وواحد من أخطر عناصرها، ويطلق عليه مسمى أمير الخلية وأمير الحجاز، مشيراً إلى التسمية ذات الأبعاد النفسية التي تمنح السرواني أهمية شخصية، وصفة اعتبارية أمام العناصر الآخرى الأقل منه داخل الخلية.



وأوضح أن التحقيقات تؤكد أن هذه الخلية هي المسؤولة عن العملية الإرهابية ثلاثية الأحداث، باستهداف القنصلية الأمريكية بجدة، ومستشفى فقية، ومركز تجاري في تلك المنطقة، وهي المسؤولة أيضاً عن التفجير الإرهابي قرب مسجد رسول الله عليه الصلاة والسلام في وقت الإفطار في شهر رمضان المبارك الماضي، وهذه كانت الجريمة الأسوء، التي مرت بست مراحل، بدأت بتصنيع الحزام وتقديمه في استراحة وادي النعمان، ومن ثم نقله إلى محافظة جدة، ثم إلى المدينة المنورة، فالتوجه به إلى مكان التفجير، وأخيراً تنفيذ العمل الإجرامي، لافتاً النظر إلى أن جميع هذه المراحل التي مرت بها العملية، استغرقت وقتاً، من خلال اتخاذها تطورات حركية.



وأوضح اللواء المهندس بسام العطية: أن مكافحة ومحاربة الإرهاب ومع الضربات الأمنية والنجاحات الاستباقية قادت هذا التنظيم والخلية إلى حالة من الاحساس بالخوف الذي أسهم في حدوث الانشقاقات بين عناصر الخلية مما أدى إلى فقدان الثقة بينهم وقيامهم بالأعمال الفاشلة داخل المملكة مما تسبب في محاولات إبعاد بعض العناصر وانقسام في اتخاذ القرار وتشتت الخلية الى مجموعات.

وأشار اللواء العطية إلى أن الحالة الداخلية وعدم الاستقرار والمخاوف أدى إلى تصفية مطيع سالم الصيعري، 27 عاماً (سعودي، أعزب، طالب في المرحلة الثانوية، خبير بصناعة الاحزمة الناسفة) في فترة تواجده وقيامه بتدريب عناصر الخلية على صنع الأحزمة الناسفة.

بعد ذلك أجابا اللواء التركي واللواء العطية على أسئلة الصحفيين، حيث أوضح اللواء التركي أن لكل مجموعة إرهابية تجتمع في كونها عناصر تستهدف الأمن والاستقرار ولها إرتباط مختلف عن الأخرى بمعنى أن تنظيم داعش وتنظيم القاعدة ربما يكونان وجهين لعملة واحدة ولكن يضل الشخص مرتبط بهذا التنظيم وذاك التنظيم وكل تنظيم تقف خلفه قيادات معينة ويعمل بصورة من ناحية العمليات، وبصورة منفصلة عن التنظيم الآخر وهذه كلها تنظيمات إرهابية ولكن ارتبطاتها تختلف عن بعضها البعض.

وبين اللواء التركي أن هؤلاء العناصر يتبعون الأوامر وينفذونها بلا تفكير فيها، وقيامهم بمقتل أحد عناصرهم (مطيع الصيعري) إنما تم بناء على أمر تلقوه من التنظيم الإرهابي..، لافتا النظر إلى أن هناك الكثير من الأسباب التي يستطيع من خلالها تجنيدهم لتنفيذ غاياتهم الإرهابية، مشيراً إلى أن إستهداف المسجد النبوي على سبيل المثال وحسب ما اتضح حتى الآن كان الهدف منه هو أن التنظيم أراد أن يشكك في قدرة المملكة وقوات الأمن السعودي في حماية أمن الحرمين الشريفين وحماية أمن حجاج بيت الله الحرام والزوار.

وعن آلية التواصل بين الإرهابيين والمتعاطفين مع التنظيم في سوريا، قال اللواء العطية: إن التواصل لتلقي الأوامر والتعليمات يظل خلال التطبيق في التيلجرام، مشيراً إلى أن التواصل الفكري والتواصل في الحدث والرغبة، والتواصل المسبق في الواقع لابد أن تكون هناك أحداث مسبقة يتم وضعها في بداية هذا التواصل وهي المرحلة من بعد التفكير.

وأضاف: إن قضية التأكد من نظرية وحالة الأسرة تضع أحداث وخطوط عريضة معينة تعمل من خلالها على مدى طويل ولكن تلقي الأوامر يتم من خلال أشخاص لهم معرفات مختلفة.. والحقيقة حدث خلل كبير جداً في هذه العلاقة وهو ما حقق نوع من إنعدام الثقة بالقيادة بسوريا وهو ما سبب مرحلة من الإحباط في هذه الخلايا وأدت إلى الانشقاقات الداخلية وهي فقدان عملية التواصل وهذه نتيجة الضربات الأمنية التي اسقطت خلايا التواصل.

ورد المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية اللواء منصور التركي على سؤال عن إعادة النظر في موضوع فتح العمرة طوال العام بعد اعتراض العملية الإرهابية في شهر رمضان الماضي بجوار المسجد النبوي، بقوله: لن يؤثر فينا كل ماتسعى إليه هذه التنظيمات الإرهابية سواء بالحج أو العمرة أو أي أمر داخل المملكة، مؤكداً القدرة - بمشيئة الله - على حماية الحرمين الشريفين وحجاج بيت الله الحرام وكل من يقصدهما، لافتا النظر إلى أن ما قام به رجال الأمن في اعتراض العملية الإرهابية في شهر رمضان الماضي هو دليل قوي على تضحيات رجال الأمن في سبيل المحافظة على أمن الحرمين الشريفين، مستبعداً أي تغيير فيما يتعلق في فتح باب العمرة والزيارة التي تخضع للتنظيمات التي تعتمدها الجهات المختصة خاصة وزارة الحج والعمرة في المملكة.

وأكد اللواء التركي أن المملكة أثبتت وعلى مدى سنوات قدرتها على حماية كافة الأعمال التطوعية والخيرية التي تتم في المملكة من استغلالها في الأعمال الإرهابية بمساندة المجتمع في المملكة سواء المواطنين أو مقيمين الذين يحرصون كثيراً على التحري عن من تصل إليهم أموالهم، بالإضافة إلى الجهود التي تبذلها الإدارة العامة للتحريات المالية في وزارة الداخلية بالتنسيق مع مؤسسة النقد العربي السعودي للتحقيق في أي عمليات مالية قد يشتبه فيها.

ونوه بقدرة المنظومة الأمنية في المملكة على مكافحة الإرهاب ومكافحة تمويله وملاحقة وتعقب كل العناصر التي تسعى من خلال تجنيدها بواسطة تنظيمات وجماعات بغض النظر عن هذه الجماعات سواءً كانت داعش أو القاعدة، لافتا الانتباه إلى أن تنظيم داعش فشل في تنفيذ أي عمل إرهابي بالمملكة منذ بداية هذا العام 1438هـ، مشيراً إلى أن آخر عملية إرهابية فاشلة أحبطت عند أحد المساجد في بلدة أم الحمام بالمنطقة الشرقية وسبقها 3 عمليات إرهابية فاشلة وتزامنت مع العملية الفاشلة التي استهدفت المصلين بالمسجد النبوي الشريف وكذلك في مواقف السيارات في مستشفى الدكتور سليمان فقيه.

وعن كيفية اكتشاف مقتل الإرهابي الصيعري، أوضح اللواء التركي أن كل العمل الذي أدى إلى إكتشاف الجثة ينسب إلى التحقيقات الأمنية أولاً حيث تم اكتشاف الآثار من خلال إجراءات المعامل الجنائية بإجراءات الضبط التي تمت في استراحة الحرازات، مشيراً إلى لقطة الفيديو التي عرضت مع البيان التي بينت وجود بقع دم موجودة على السجادة الموجودة في الاستراحة واتضح بتحليلها أنها تخص شخص غير الذين تم التعامل معهم في الاستراحة وبالتالي قادت المزيد من التحقيقات التي انتهت إلى كشف تفاصيل الجريمة من خلال الاعترافات التي أدلى بها المقبوض عليهم.

وعن مدى مشروعية تداول رسائل في مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية باسم سوريين مجهولين تدعوا إلى تشكيل ما يشبه تمويلات مدنية لأبناء الجالية السورية في المملكة، قال اللواء التركي: إن مثل هذه الدعوات محضورة ومرفوضة في المملكة، مشيرا إلى أن هذه الدعوة تم رصدها من قبل الجهات الأمنية وجاري التحقيق فيها ولايمكن الجزم بصحتها أو أنها انطلقت من شخص موجود في المملكة وخاصة وأن من يتابع شبكات التواصل الاجتماعي يدرك أن هناك الكثير من الحسابات التي تستهدف المملكة والمواطن السعودي وتوحي لمن يتابعها بأن الوضع داخل المملكة غير عادي وغير طبيعي ولكن - بحمدلله - المملكة تنعم بالأمن والاستقرار بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - ولم تجد صدى عند أي مواطن أو مقيم في المملكة وهم يحضون بكل رعاية وعلى وجه الخصوص الأشقاء السوريين.

وفيما يتعلق بالاستراتيجية المسبقة لتنظيم داعش لتقسيم المملكة لعدة مناطق أكد اللواء العطية أن هذه كانت استراتيجية بداية التنظيم في محاولة لتنفيذ الأعمال الإرهابية داخل المملكة، مؤكداً أن التنظيم أخفق في هذه الرؤية والاستراتيجية وسقط سقوطاً كبيراً، مشيراً إلى أن تنظيم داعش هو كيان محجوزاً إرهابياً بمعني أنه كيان يستطيع أن يظهر بأي شكل كان، منوها أن هذه الكيانات لاتعيش مفرده ولابد لها من شرايين تضمن لها الاستمرار في الحياة وهذه الروافد والشريين أما دول وأما منظمات.

وحول وجود ارتباط بين هلاك الصيعري وبين رغبة شقيقة بتسليم نفسه، أوضح اللواء التركي أن طايع الصيعري قتل أيضاً بمداهمة أمنية في حي الياسمين في بداية هذا العام قبل أسبوعين أو ثلاثة اسابيع من المداهمة التى تمت في حي الحرزات بجدة ولم يتم القبض عليه ولذلك لم تكن هناك آية فرصة حتى يمكن أن يستجوب.

وعن التطمينات التي يمكن أن تقدمها وزارة الداخلية للضاليين الراغبين يرغب بتسليم أنفسهم، قال اللواء التركي: دعوتنا قائمة لكل من غرر بهم للمبادرة لتسليم نفسه وفي كل مرة نعلن قائمة بأسماء مطلوبيين ندعوهم للمبادرة بتسليم أنفسهم منهم خارج المملكة، ندعوهم لتسليم انفسهم ونتعاون مع ذويهم لإقناعهم بالعودة إلى المملكة، مؤكداً أن المملكة تملك الأنظمة الكافية للتعامل مع مثل هذه الحالات هناك قضاء سينظر في أوضاعهم وما ارتكبوه من أعمال ويقرر الحقيقة ما يجب عمله معهم ولدينا ولله الحمد برنامج أثبت جدارته وقدرته على إعادة تأهيل من تأثروا بهذا الفكر ونملك كل المقومات للتعامل مع اي مواطن سعودي يرغب في العودة إلى المملكة ودعوتنا مفتوحة ومازلنا ندعو كل سعودي سواء داخل المملكة ممن تورطوا في نشاطات هذه الخلايا او ممن استدرج إلى مناطق تشهد صراع خارج المملكة.