المدينة المنورة - خالد المطيري (واس) : تعدّ ساحة شهداء أحد في منطقة المدينة المنورة أحد أهم المعالم التاريخية التي يحرص زوار مدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم على الوقوف على أطلالها، لاستنهاض ذكرى أحداث عظيمة سجّلها التاريخ الإسلامي في السنة الثالثة من الهجرة النبوية، إذ شهد المكان معركة أحد، ويحوي ثراه أجساد 70 صحابياً استشهدوا في المعركة الخالدة.


وشهد الموقع قبل أيام افتتاح جامع "سيد الشهداء" الذي تم شيد بطراز معماري متميز على مساحة تزيد على 54 ألف متر مربع، ليستوعب نحو 15 ألف مصلٍ، ويحوي مختلف الخدمات والمرافق المساندة تشمل ساحات محيطة لوقوف السيارات، ويقع قبالة "جبل الرماة" الذي يعدّ معلماً بارزاً دارت في قمته ومحيطه أحداث المعركة.

ويشكّل المسجد وميدانه الكبير مدخلاً رئيساً لساكني حي الشهداء والقادمين إليه، حيث تزامن مع تنفيذ مشروع بناء المسجد، إعادة تشكيل الطراز العمراني للمساكن والبيوت التي تقع في واجهة الحي وعلى الطريق الرئيسي بمحاذاة المسجد، بحيث تتخذ شكلاً معمارياً موحداً، إذ استوحى المهندسون والقائمون على المشروع تصميمه من طبيعة المكان، وتاريخه العريق، وحظي باهتمام ومتابعة صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة المدينة المنورة، كما لا تزال الأعمال الميدانية قائمة لاستكمال تنفيذ خطوات المشروع.



ورصدت وكالة الأنباء السعودية خلال جولتها في محيط مسجد "سيد الشهداء" الجهود التي بذلت لتنفيذ مشروع بناء المسجد الذي تشرف عليه وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف، فأضحى أحد دور العبادة التي يقصدها الزائرون لطيبة الطيبة ويوفّر لهم سبل الراحة والسكينة والتيسير، ليؤدوا عباداتهم وزياراتهم للأماكن الدينية والمعالم التاريخية بيسر وطمأنينة، كما تؤدى فيه صلاة العيدين، والجمعة لخدمة أهالي حي الشهداء والأحياء المجاورة.

وعبّر جبار حبيش القريشي الذي قدم من محافظة واسط بالعراق الشقيق زائراً للمدينة المنورة عن سعادته بما شاهده من تنظيم وعناية بالمكان لخدمة الزائرين، مبيناً أنه أفواج الحافلات تأتي للمكان بواقع ثلاث حافلات عند كل زيارة، يمكث خلالها الزائرون لمدة ساعتين في منطقة الشهداء، يؤدون الصلاة ويزورون شهداء أحد في المقبرة المجاورة للمسجد، ثم ينتقلون لزيارة مسجد قباء وبعض المعالم التاريخية للمدينة المنورة قبل العودة لمسكنهم مجدداً في أحد الفنادق المجاورة لمسجد النبوي.



بدوره, أثنى الزائر علاء غازي من دولة الإمارات العربية المتحدة على روعة ما شاهده من خدمات متكاملة في مسجد سيد الشهداء، مشيراً إلى أنه قدم العام الماضي للمكان ذاته, ولم يكن المسجد حينها قد اكتمل بناؤه، ولم تكن الخدمات المرفقة بالمسجد قد بنيت، مضيفاً: "عند مجيئي هذه السنة سررت بما رأيت من جمال المنظر داخل المسجد وخارجه، ووفرة دورات المياه ونظافتها، حيث إن غالبية الزوّار يحبّون القدوم إلى هذا المكان".

وقال الزائر هادي فرج حسين من العراق إن الخدمات المتوفرة في مسجد سيد الشهداء الذي يبعد مسافة تقل عن خمسة كيلومترات عن الحرم النبوي الشريف "شمالاً" تمثّل إحدى الأعمال الجليلة التي تقدمها حكومة المملكة العربية السعودية للحجاج والمعتمرين الذين يأتون للبقاع المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، منوهاً بسهولة التنقل وتوفر الخدمات والتسهيلات في كافة الأماكن والمساجد التي قاموا بزيارتها.



وأضاف: نفرح كثيراً عند زيارة المملكة، ونزداد شوقاً وفرحاً حين نحل زائرين في بلد الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم للصلاة في مسجده الشريف، وزيارة الأماكن الدينية والتاريخية التي حفلت بأحداث عظيمة في سيرة الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام، والصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين. ومن جهته، عبّر المهندس جعفر سعيد من العراق الذي كان منشغلاً بالتقاط صور للذكرى داخل مسجد سيد الشهداء عن سعادته بزيارته للمدينة المنورة، ولميدان سيد الشهداء بشكل خاص، منوهاً بمجمل الخدمات التي تهيأت للزائرين بدءاً من رحابة المكان الذي يوفّر الراحة والسكينة، وإمكانية الحصول على كل الخدمات الأخرى من أغذية وشراء بعض المستلزمات والهدايا في الساحة المجاورة للمسجد.

وفي داخل المسجد, يمكث علي عنيزان الزايدي وزملائه، بضع ساعات تمثّل فترة عمله اليومي لمساعدة الزائرين، وتوجيه المصلين حيث يعمل مراقباً مكلفاً من فرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف بالمدينة المنورة، وأشار إلى أن المسجد وما به من تجهيزات يوفّر راحة للمصلين والعاملين فيه، يمثل إحدى حلقة صورة مشرقة من أوجه العناية والرعاية التي وفرتها الحكومة الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، حفظه الله, للزائرين والحجاج إثناء قدومهم للمدينة المنورة، سائلاً الله العلي القدير أن يجزي ولاة أمرنا خير الجزاء على ما يقدمونه من أعمال جليلة لخدمة الإسلام والمسلمين.



وظلّت ساحة الشهداء على مدى أعوام، مكاناً يحوي عشرات المباسط, يعرض من خلالها الباعة أصنافاً مختلفة من السلع للزائرين، كالهدايا التي ترمز للمدينة المنورة، والأطعمة، والمشروبات الساخنة والباردة.

وأبدى الشاب المواطن أحمد شلالي الذي يبيع الهدايا للزائرين في الساحة المجاورة لمسجد "سيد الشهداء" رضاه عن إقبال الزائرين على الشراء منه, حيث يبيع أواني منزلية طبع عليها صور المسجد النبوي والكعبة المشرّفة، مثل كاسات المياه والصحون الزجاجية، وأواني الشاي والقهوة وبعض المستلزمات الأخرى، مبيناً أن الزائرون من باكستان وإندونيسيا هم أكثر من يقبل على الشراء منه.

وفي موقع أخر من الساحة يقف الشاب عبد الرحمن أمام أصناف متنوعة من تمور المدينة المنورة, عاداً موسم الحج من أكثر الأزمنة ازدحاماً في أعداد الزائرين للمكان، حيث تفوق فيه المبيعات باقي مواسم السنة، معبراً عن سعادته بإعادة تنظيم وترتيب وتهيئة الميدان,ليستوعب كل البسطات ويوفّر باحة كبيرة للزوار وراحة للمشترين.

إعداد : خالد المطيري - تصوير : فايز المطيري