إسطنبول - مجاهد تورتكان (الأناضول) : يسعى مركز "الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية" (إرسيكا) إلى إحياء الآثار الإسلامية المتضررة في مناطق الحروب والصراعات وعلى رأسها دول سوريا والعراق ومالي التي دمرت التنظيمات الإرهابية جزءًا ليس بقليل من تراثها التاريخي.


يسعى إلى تأسيس"مستشفى الكتب" لإصلاح وتجديد الكتب التاريخية المتضررة - الأناضول

وفي حديث للأناضول، قال مدير المركز، خالد أرَن، إن مؤسسته، التي تتبع منظمة التعاون الإسلامي وتتخذ من إسطنبول مقرا لها، تهدف إلى إحياء الآثار الإسلامية المتضررة في مناطق الحروب.



وأضاف أرَن أن مركز "إرسيكا" يتعاون مع مسؤولي منظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة (يونسكو) لاستعادة الآثار المُهرّبة من مناطق الحروب والصراعات.

وأوضح أن المركز يتعاون مع "اليونسكو بشأن أعمال الجرد منذ بدء الحرب في مدينة حلب، وسنلتقي لاحقًا في الجامعة الأمريكية ببيروت لإعادة إنشاء وإحياء الآثار المتضررة في سوريا والعراق واليمن".



ومنذ حزيران/ يونيو 2014، دأب تنظيم "داعش" على تدمير معالم أثرية وحضارية وثقافية في المناطق التي يسيطر عليها في سوريا والعراق، لاسيما مدن الموصل ونمرود بالعراق و"تدمر" في سوريا.

وبحسب أرَن، يعتزم مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية تأسيس "مستشفى الكتب" لإصلاح وتجديد الكتب التاريخية المتضررة، والإشراف على تدريب وتأهيل الموظفين في مؤسسات تركية مرموقة للعمل في المشروع الجديد.



وتابع: "كان لنا مشروع آخر يشمل الفترة 2005 – 2015 لحماية التراث التاريخي المتبقي داخل أسوار مدينة القدس، ونجري أبحاثًا أكاديمية حولها لضمان بقائها حية وحمايتها من الإهمال والنسيان".

وأكّد أن المركز أشرف على نشر الكتب المتعلقة بالقدس في عهد الإمبراطورية العثمانية وعرضها في معارض مختلفة حول العالم، كونها تضم معلومات ووثائق تاريخية بالغة الأهمية عن تلك الحقبة من التاريخ.

أرّن كشف أيضا أن المركز وقّع مؤخرا بروتوكولًا مع وزارة الثقافة في مالي بهدف حماية أكثر من 370 ألفًا من المخطوطات الإسلامية الأثرية في مدينة "تمبكتو" المالية التي تُعدّ من أهم العواصم الإسلامية في غرب أفريقيا.



وأِشار إلى أهمية تلك المخطوطات التاريخية بالنسبة للتراث الإسلامي حيث تعد "تمبكتو" من أهم مراكز الثقافة والعلوم الإسلامية على مدى التاريخ، وتضم آلاف الآثار.

ولفت مدير "إرسيكا" إلى أن المركز سيبدأ بتنفيذ البروتوكول اعتبارًا من يناير/كانون الثاني الجاري.

من جانبه، قال الرئيس التنفيذي لمشروع حماية المخطوطات والتراث الثقافي الإسلامي في "تمبكتو"، عبدالقادر حيدرة، إن مالي تتمتع بأهمية بالغة من ناحية الثقافة الإسلامية وتراث الكتابة بالرغم من كونها دولة أفريقية.



حيدرة أوضح أن "الكتب التاريخية الموجودة في المدينة تضم كتابات حول علوم القرآن الكريم والفلسفة والتاريخ وعلم الفلك والرياضيات والمذكرات والحياة اليومية، فضلًا عن الرسائل المكتوبة باللغة التركية".

وكشف أن "هناك رسائل وكتب تفسير مكتوبة باللغة التركية، ورأينا أيضًا بعض الفرمانات (قرار موقع من السلطان) والوثائق القادمة من السلاطين العثمانيين الذين تُذكر أسماؤهم حتى الوقت الراهن في خطب الجمعة ببعض المناطق شمال مالي".

الآثار الموجودة في "تمبكتو" تعرضت للخطر- بحسب حيدرة- عندما سيطرت مجموعات تابعة لتنظيم "القاعدة" على المنطقة عام 2012، مبينًا أن هذه التنظيمات لا تحترم المقدسات وقامت بهدم أضرحة عدد من رجال الدين.



ومدينة "تمبكتو" مدرجة على لائحة "اليونسكو" للتراث العالمي، بفضل أضرحتها ومساجدها ومكتباتها التي تشهد على عصر "لؤلؤة الصحراء" الذهبي، عندما كانت أحد أهم المراكز الروحية والثقافية للإسلام في إفريقيا.

غير أن المدينة تعرضت لعدة هجمات من جماعات تتبع تنظيم "القاعدة في المغرب الإسلامي"، دمرت خلالها مواقع أثرية من بينها 14 ضريحا مدرجة جميعها، منذ 1988، على لائحة الـ "يونسكو"، مدّعية بذلك محاربة الوثنية.