بسم الله الرحمن الرحيم



اللهم يارحمن يارحيم تغمد الموتى بواسع رحمتك, واكتبهم في الشهداء, وعوض أهليهم وذويهم خيراً واجبر مصابهم, واجمع شتات من تفرقوا وفقدوا, اللهم لاراد لحكمك ولامعقب لأمرك, ولك الحمد على كل حال, ونعوذ بالله من أهل الضلال, ولاحول ولاقوة إلا بالله, وإنا لله وإنا إليه إليه راجعون .

لصوص ماقبل الكارثة كانوا معلومين _سواء عند المسؤول أم عند المواطن_ فكيف لا والكتابات وحديث المجالس والمنتديات منذ أمد حول هذا الفساد؛ أما المسؤل فهو بلاشك أعلم, فما الحملة التي أطلقها خادم الحرمين لمكافحة الفساد منذ توليه الحكم إلا خير شاهد على ما أقول, وماتبع ذلك من ميزانيات ضخمة لإصلاح التعليم والقضاء والصحة... إلا خطوات في هذا الصدد, ولكنها تاهت وتسربت في بيداء الفساد والاختلاس.
تأتي كارثة جدة التي لم يستطع أحد أن يغطيها لهولها وكبرها, وكونها أتت في زمنٍ تطير المعلومة بالصوت والصورة في أفاق الفضاء, فيتلقفها الناس بالنقد والتحليل والنشر, فلا يستطيع أحد مهما كان أن يغطيها أو يدلسها, ولعل الإعلام الرسمي والمسؤلين لم يدكروا هذا الشأن فكان تعاطيهم ساذجاً وسطحياً أضحك الصغير قبل الكبير, وجعلهم في دوامة أظهرت تناقضهم وتسرعهم .

يأتي قرار خادم الحرمين الشريفين حفظه الله يخفف المصاب ويبعث الأمل من جديد إلا إن توجس المواطن وخوفه من العبارات الواسعة, وطرق اللصوص المذهلة في السير بالقرار نحو المجهول تبقى هاجساً لايفارقه, فقد اكتوى كثيراً ولايزال يكتوي بمثل هذه البيانات .

حين وقعت الكارثة تناثرت السيارات في الأودية, وتهدمت البيوت, وأصبح حمى الناس وأموالهم وممتلكاتهم في العراء؛ فجاس المجرمون واللصوص الصغار خلال الديار لينهبوا مابقي من أملاك هذا المواطن المسكين, وكأننا في أرض مسبعة خرجت علينا الوحوش والسباع من جنباتها؛ فأين الخوف من الله تعالى؟, مواطن ينهب أخاه المواطن المكلوم, ألم يكن الواجب النصرة والمعونة؟, يطول الحديث حول مايتناقله الناس حول هذه العمليات التي تذكرنا بنهب وسلب العراق عقب سقوطه...!! .

إننا قبل أن نسأل عن المتسبب ونحاسبه نحن في حاجة لأن نقيم الأخلاق في أنفسنا, فعندما لايردع الإنسان رادع عن فعل المنكرات والفتك بالآخرين, فلن يرده عن ذلك راد, وسيفعل مابوسعه؛ فاللص يسرق مايتمكن منه, وهنا لافرق بين اللص الصغير واللص الكبير إلا في توافر الأمكانيات واستغلالها .
إن فيما حصل عظة وعبرة في جميع جوانب الحياة, فعلى الجهات المعنية في المجتمع سواء تربوية أو علمية أو قضائية أو أمنية.... أن تقوم بمسؤوليتها تجاه ماحصل, فلن يستقيم الأمر ونحن نعالج جانباً على حساب جوانب أخرى .
لك الله أيها المواطن المكلوم .
عائض بن عبدالله القرني