عمان (عمان) : أشتهر رمضان بقائمه من الحلويات ، التى ارتبطت به بشكل وثيق للغاية ،فنجد كل ربه منزل تبدع فى تقديمها ويحبها الأطفال كثيرا، خاصة الكنافة والقطائف ولكن هل أحد خطر بذهنه هل تلك الحلويات التى يعشقها المصريين مصرية الاصل وماذا تعنى كلمه كنافة ؟



وردت معانى متعددة لكلمه كنافة فى المعاجم والقواميس؛ حيث ذكر معجم اللغة العربية المعاصر أن كلمة كنافة تعنى حلوى تُتَّخذ من عجين القمح، تجعل على شكل خيوط دقيقة ويتمُّ إنضاجها بالسّمن فى الفرن ونحوه، ثم يضاف إليها السُّكّر المُعْقَد ، وأكثر ما تؤكل غالبًا فى شهر رمضان، لأن الجسم خلال يوم الصيام يفقد احتياجات أساسية يعوضها بها سكر الكنافة المعقود وسمنتها ولذا تُؤكل بعد الإفطار.

ويوضح قاموس العادات والتقاليد والتعابير المصرية أن الكنافة نوع من الحلوى اشتهرت به مصر والشام، فكان من طعامهما الخاص كالفول المدمس، وطريقة صنعها أن يذاب الدقيق فى الماء حتى يكون للسائل قوام، ثم توضع الصينية الكبيرة على النار، وبوضع هذا السائل فى كوز مخرق، ويمسك الكوز من رقبته ليسيل هذا السائل من الخروق على الصينية المحاماة، ويترك بعض الوقت حتى يجف بعض الجفاف، ثم يلم ويباع فى الشوارع أو فى الأسواق باسم الكنافة.

وإذا أريد تحميرها وضع قليل من السمن فى صينية محماة حتى يسيح، ثم توضع عليها الكنافة معقود قد أعد وترك حتى يبرد ثم يوضع السكر عليها.

وإذا أريد إتقانها أيضًا وضع عليها ماء ورد، وتتشرب الكنافة كل ذلك وتكون حلوة لذيذة، وهى والفول المدمس من لوازم رمضان والعزائم. وأكثَرَ الأدباء المصريون من ذكرها والتغنى بلذَّاتها، فقال قائلهم: إليك اشتياقى يا كنافة زائد… إلخ. واشتهر فى مصر بعض المحال بإتقان صنع الكنافة من الدقيق النقي، ومن هؤلاء السيد على الكنافانى بجوار بوابة المتولي

ويعود أصل كلمه كنافة إلى تشنافة وهى فى اللغة الشركسية تتكون من كلمتين تشنا (البلبل) و فه (لون) أى تعنى لون البلبل.

بداية ظهورها
تعددت الروايات حول بداية ظهور الكنافة، فقيل إن صانعى الحلويات فى الشام هم من اخترعوها وابتكروها وقدموها خصيصًا إلى الخليفة معاوية بن أبى سفيان هى والقطائف أيضًا حينما كان واليًا على الشام، حيث يُقال إن معاوية بن أبى سفيان كان أول من صنع الكنافة من العرب؛ حتى إن اسمها ارتبط به رضى الله عنه فقالوا: “كنافة معاوية”؛ فقد كان معاوية يحب الأكل، فشكا إلى طبيبه ما يلقاه من جوع فى الصيام، فوصف له الطبيب الكنافة التى كان يتناولها فى فترة السحور كأكلة سحور حتى تمنع عنه الجوع فى نهار رمضان. و أصبحت طعام الأغنياء والفقراء ولقد تغنى بها شعراء بنى أميه فى قصائدهم ويقال إن ابن الرومى كان معروفا بعشقه للكنافة والقطا يف وتغنى بهم فى شعره.

هناك رواية أخرى تذكر إن الكُنافة صُنعت خصيصًا لسليمان بن عبد الملك الأموى؛ لهذا نجد أن أهل الشام يُعدُّون من أبرع المختصين بصنع الكُنافة، كما قيل إن تاريخ الكنافة يعود إلى المماليك وقيل إن أصل الكنافة يرجع إلى العصر الفاطمي، وقد عرفها المصريون قبل أهل بلاد الشام، وذلك عند دخول الخليفة المعز لدين الله الفاطمى القاهرة؛ حيث كان ذلك فى شهر رمضان، فخرج الأهالى لاستقباله بعد الإفطار ويتسارعون فى تقديم الهدايا له ومن بين ما قدموه الكنافة على أنها مظهر من مظاهر التكريم، ثم إنها انتقلت بعد ذلك إلى بلاد الشام عن طريق التجَّار، وهناك ابتدع صانعو الحلويات بالشام طرقًا أخرى لصناعة الكنافة غير التى تفنَّن بها المصريون، فأضافوا لها الجبن، خاصةً النابلسية التى تشتهر بها مدينة نابلس، وكذلك أضافوا لها الفستق وقاموا بالتفنن فى صناعتها بطرق مختلفة.

وهناك رواية ثالثة عن الكنافة لخما رويه الذى حكم مصر بعد أحمد بن طولون ولأن وجوده خارج مصر أكثر من داخلها بكثير كان يرسل ابنته أسماء المعروفة “بقطر الندى” بدلاً منه من آن لآخر، و لأن سفرها إلى مصر كان مستمراً أنشأ لها 11 استراحة على طول الطريق هى وحاشيتها وجلبت معها حلويات شامية منها الكنافة.

بينما الرواية الرابعة تقول أن أصول الكنافة تعود إلى عهد الأتراك الذين حكموا نابلس قبل مئات السنين، وقد تطورت الكنافة الإسطنبولية فى نابلس فيما بعد وأنتج منها أصناف كثيرة أشهرها الكنافة الناعمة التى تميزت بها نابلس لجودة الجبنة النابلسية التى تعتبر المكون الرئيسى للكنافة مما أدى الى إشتهار أهل نابلس بالكنافة ذات الجودة العالية. والسبب فى ذلك هو «الجبنة الحلوة» التى تعتبر «روح الكنافة»، إذ تحشى العجينة بالجبنة، ويضاف إليها السمن والسكر والفستق حلبى وشيئا فشيئا تطورت أشكال الكنافة، فمنها الخشنة والناعمة والأصابع والاسطنبولية.

فتلك الحلوى التى تسمى كنافة لها اثر عظيم أحدثته فى نفوس المجتمع المصرى حيث قام شيخ الإسلام جلال الدين الأسيوطى قام بجمع ما قيل فى الكنافة فى رسالةٍ سماها “منهل اللطائف فى الكنافة والقطايف”، ومع تطور صناعة الحلوى أصبحت علمًا يُدرس فى مختلف الجامعات ولا تزال الكنافة والقطايف من الأكلات المحببة لكثير من الشرقيين، وقد فرضت الكنافة سيطرتها على الشعراء فجاء شعرهم لها وصفًا وإعجابًا؛ حتى إن بعض شعراء العرب نظَّموا فيهما الشعر.

من أشهر صانعى الكنافة قديما
السيد أحمد الكنفاني: كان رجلًا بدينًا يبيع الكنافة عند المتولي، يلبس قفطانًا وعمة من غير جبة، واشتهرت كنافته بالجودة، واشتهر أيضًا بأنه عنده دواء يشفى الإجزيما والقوبة، وحدث أحد الأطباء الكبار أن خادمًا له أصيب بالإجزيما واشتد عليه المرض فوصف له العلاج فلم ينجح، ولكن عجوزًا ذهبت إلى هذا الرجل، ومن الغريب أنه شفى تمامًا، وربما كان علاجه نوعًا من الأدهان تنفع فى هذا المرض، ولكن الغريب أن.« كنفانى » الذى يقوم بهذا العلاج”.

جريدة عمان الإلكترونية