بغداد - سيف حميد / ماهر شميطلي (رويترز) - ارتفع عدد قتلى التفجير الانتحاري في حي الكرادة بالعاصمة العراقية بغداد إلى 175 قتيلا مما أطلق دعوات لقوات الأمن للقضاء على الخلايا النائمة لتنظيم الدولة الإسلامية المتهم بالمسؤولية عن أحد أسوأ التفجيرات الفردية في البلاد.



وارتفع عدد القتلى مع انتشال مزيد من الجثث من تحت الركام في حي الكرادة حيث انفجرت شاحنة تبريد ملغومة ليل السبت بينما كانت المنطقة مزدحمة بالناس خلال شهر رمضان.

وذكرت مصادر طبية وأمنية أن عدد الضحايا بلغ حتى ظهر يوم الاثنين 175 قتيلا و200 مصاب وسط استمرار جهود العائلات وفرق الإغاثة في البحث عن 37 مفقودا.

وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عن الهجوم معلنا أنه تفجير انتحاري.

وكان انفجار ثان وقع في نفس الليلة جراء عبوة ناسفة في سوق بحي الشعب ذي الأغلبية الشيعية في شمال بغداد مما أسفر عن مقتل شخصين.

وألقت الهجمات بظلالها على خطابات النصر التي أطلقتها حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي بعد طرد القوات العراقية لتنظيم الدولة الإسلامية من الفلوجة معقل المتشددين على مقربة من بغداد.

وأمر المسؤولون الحكوميون بشن العملية العسكرية في مايو أيار بعد سلسلة من التفجيرات الدامية في أحياء شيعية من بغداد التي قالوا إنها انطلقت من الفلوجة التي تبعد 50 كيلومترا غربي العاصمة.

كانت الفلوجة أول مدينة عراقية كبرى تستولي عليها الدولة الإسلامية عام 2014 قبل ستة أشهر من إعلانها خلافة في أجزاء من العراق وسوريا. ومنذ العام الماضي يفقد المتشددون بعضا من الأراضي التي يسيطرون عليها أمام تقدم القوات الحكومية العراقية بدعم أمريكي ومقاتلين شيعة تدعمهم إيران.


خريطة توضح موقع الانفجار في حي الكرادة الذي قتل فيه أكثر من 150 شخصا - رويترز

وقال عبد الكريم خلف اللواء السابق في الشرطة والمستشار للمركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب ودراسات المخابرات الذي يتخذ من هولندا مقرا له "يجب أن يعقد العبادي اجتماعا مع رؤساء الأمن والمخابرات ووزير الداخلية وجميع الأطراف المسؤولة عن الأمن ويوجه لهم سؤالا واحدا: كيف يمكننا اختراق هذه المجموعات؟"

وأضاف أن للدولة الإسلامية متعاطفين في كل مكان من بغداد للبصرة وكردستان وأن كل ما يحتاجه التنظيم هو شخص واحد في كل منزل وحينها ستتوفر له قاعدة تخطيط وموقعا لشن هجمات من هذا النوع.

وفي مؤشر على الغضب الشعبي حيال الإخفاق الأمني قوبل العبادي يوم الأحد باستقبال غاضب في حي الكرادة الذي نشأ فيه حيث رشق سكان موكبه بالحجارة والدلاء الفارغة والنعال تعبيرا عن سخطهم.

وأمر العبادي بإجراءات جديدة لحماية بغداد بدءا بسحب كاشفات القنابل المزيفة التي استمرت الشرطة في استخدامها على الرغم من الفضيحة المتعلقة بصفقة شرائها عام 2011 في عهد سلفه نوري المالكي.

وبيعت المعدات المحمولة باليد على أنها كاشفة عبوات ناسفة في حين أنها تستخدم لتحديد مواقع كرات الجولف المفقودة. وسجن رجل الأعمال البريطاني الذي باعها للعراق بمبلغ 40 مليون دولار في بريطانيا عام 2013.

وأمر العبادي باستبدال المعدات بأخرى فعالة عند مداخل بغداد والمحافظات العراقية.

وفي وقت لاحق يوم الاثنين أعلنت وزارة العدل في بيان تنفيذ أحكام بالإعدام صباح يوم الاثنين بحق خمسة أدينوا بالإرهاب ليرتفع عدد الذين أعدموا عن نفس التهم إلى 37 خلال الشهرين الماضيين .

وأضافت الوزارة في البيان الذي نشر بموقعها الإلكتروني "نرفض بشكل قاطع أي تدخل سياسي أو دولي يطالب بإيقاف أحكام الإعدام تحت غطاء حقوق الإنسان أو أي غطاء آخر لأن حرمة الدم العراقي أسمى من كل هذه المسميات."

وأعلنت أجهزة المخابرات العراقية يوم الاثنين أيضا أنها اعتقلت 40 "إرهابيا" يشتبه أنهم شكلوا جماعة لتنفيذ هجمات في بغداد ومحافظة ديالى بشرق العراق.


رجال إطفاء في موقع هجوم انتحاري في منطقة تسوق في حي الكرادة - رويترز

شوارع مزدحمة
كانت الكرادة ذات الأغلبية الشيعية والأقلية المسيحية والتي تضم عددا من المساجد السنية مكتظة بالمتسوقين وقت الانفجار قبيل عيد الفطر.

وبدأ العراق الحداد العام لمدة ثلاثة أيام بينما يواصل عمال الإغاثة البحث عن جثث أو ناجين محتملين تحت أنقاض المجمع التجاري الذي يعتقد أنه كان الهدف الأساسي للتفجير.

وانتشلت ثلاث جثث هذا الصباح من قبو المجمع التجاري الذي كان يرتفع لثلاثة طوابق والذي حوله الانفجار لكومة من الحديد والخرسانة. وتطايرت واجهاته الزجاجية وانهارت جدرانه الداخلية.

وتجمع العشرات أمام المجمع أكثرهم من أقارب المفقودين أو أصدقائهم. وقال رجل يدعى محمد الطائي أثناء متابعة جهود رجال الإنقاذ إنه متأكد من وجود قريبه بالداخل لأنه اتصل به هاتفيا وأبلغه بعجزه عن الخروج من المبنى بسبب النيران.

وقال المحلل الأمني العراقي هشام الهاشمي الذي ألف كتابا عن الدولة الإسلامية بعنوان (عالم داعش) "داعش يتراجع وكلما تراجع تقلَص دوره من شبه دولة وتنظيم إرهابي إلى مجرد تنظيم إرهابي."

وأضاف أن هذا سيتطلب تعاملا أكبر من أجهزة الأمن والمخابرات وتعاونا من العراقيين السنة الذين يشتكون من التهميش منذ الغزو الأمريكي عام 2003 لإسقاط حكم صدام حسين.

وقال الهاشمي "إرشاداتهم ستكون بغاية الأهمية لكشف الخلايا النائمة التي قد تنطلق من مناطقهم."