القاهرة - نورا عبد الحليم (الأهرام) : فى لحظة من لحظات الفرح أو الحزن أو الانفعال قد تلمع العين فى مشهد مؤثر، معلنة سقوط الدموع، سواء كانت دموع فرح أم دموع حزن، وكلنا يمر بهذه اللحظات، لكن قد يحدث فى بعض الحالات النادرة أن تجف دموعك وتعلن عصيانها حتى فى أكثر لحظات الحزن أو أعلى درجات البكاء، وهى ظاهرة لا يهتم بها كثير من الناس إلا أنها تستحق الاهتمام والانتباه إليها.



ومن الطرائف العلمية عن الدموع أن هناك دراسة علمية تؤكد أن سر ارتفاع أعمار النساء هو هذه الدموع.. فهى ليست رمزا للحزن ولا الفرح، لكنها ظاهرة صحية لأنها تساعد على خروج الطاقة المكبوتة، فتقل الضغوط العصبية ومن ثم يطول العمر، وبالتالى فالنساء أوفر حظاً فى هذه الميزة بما أن دموعهن أقرب دائما، وكل ذلك يدفعنا لمعرفة المزيد عن هذا السائل السحرى الذى يخرج من العين، ومعرفة مدى أهميته وفقا لوجهة النظر الطبية.

يقول د. عمرو السمرة استشارى أمراض العيون بمعهد بحوث أمراض العيون: إن الدموع عبارة عن محلول فسيولوجى كغسول للعين يغسلها ويرطبها فى الوقت نفسه، وهى تتساوى فى إفرازها عند البنت والولد حتى سن 12 سنة، أى بداية مرحلة البلوغ، وبعدها تبدأ أعراض الأنوثة والرجولة على الجنسين فتتغير النسبة، حيث إن النساء يبكين بمعدل أربعة أضعاف الرجال، وهو ليس دليلا على أنهن عاطفيات وذوات مشاعر حساسة، ولكن بسبب ارتفاع هرمون بالبرولاكتين» الذى يزيد من إفراز السائل الدمعى لديهن.

وقد تسيل الدموع لسبب مباشر أو غير مباشر، ففى حالة دخول جسم غريب كذرة تراب أو تعرض العين لرائحة نفاذة كرائحة البصل مثلا ترسل المستقبلات العصبية رسالة إلى المخ الذى يبعث بدوره إشارة للغدد الدمعية فتفرز الدموع لغسيل العين مما أصابها، أما السبب غير المباشر فيحدث عندما ينفعل الإنسان ويتأثر عاطفيا سواء بالحزن أو الفرح، فيبعث المخ برسالة إلى الغدة فوق الكلوية التى تفرز هرمون الإدرينالين الذى يسير فى الدم فتنقبض الأوردة والشعيرات الدموية المجاورة للعين لتخزن السائل الدمعى فى الغدة الدمعية.

دموع الصحة
ويضيف د. إن تغير المناخ وزيادة الملوثات فى الجو، وكذلك ارتفاع درجات الحرارة خاصة فى فصل الصيف عن معدلاتها المألوفة بشكل ملحوظ، مع زيادة نسبة الرطوبة فى الجو، جميعها أمور هيأت فرصة مناسبة لانتشار كثير من الأمراض ومنها أمراض العيون، وللأسف الشديد هناك أعراض تصيب العين ولا نهتم بها ولا نبالى.. وهى جفاف العين، ولا نسأل لماذا جفت الدموع؟ رغم ارتباط جفاف الدموع بكثير من الأمراض الأخرى فى أعضاء مختلفة من الجسم.

وقد أدى تلوث البيئة وما أحدثه من زيادة اتساع ثقب الأوزون إلى ارتفاع نسبة الأشعة البنفسجية المتسربة إلى الأرض وكثرة التعرض لأشعة الشمس المؤذية.. وكل ذلك يؤدى إلى حساسية العين وإصابة الجلد المحيط بها بشيخوخة مبكرة بسبب نقص إفراز الدموع. ويضيف د. السمرة أن العين هى النافذة التى يطل منها الطبيب على جسم الإنسان لتشخيص كل الأمراض وليست أمراض العيون فقط، كما أن دموع العين هى أحد كواشف وأعراض تلك الأمراض، فتلك القطرات التى تتساقط من العين لحظة الانفعال من دون أن نهتم بها.. مفعولها أقوى من أى مضادات حيوية وإنزيمات ومواد مخاطية، كما أنها ترطب العين وتساعد على شفافية القرنية، إضافة إلى أن جزءا من هذه الدموع يتبخر فى الهواء ويؤدى إلى خفض حرارة سطح العين، فتقل سرعة تكاثر الميكروبات أو نموها على سطح العين، وهى فائدة أخرى للدموع.

لذا فإن هذه الدموع ظاهرة صحية وجفافها يجب أن يقلقنا، لأنه قد يكون علامة على الإصابة بأمراض أخرى، فرغم أن السبب الرئيسى لجفاف العين هو كثرة تعرضها لأشعة الشمس الضارة، فإن هناك أسبابا أخرى مثل الإصابة بأمراض الروماتويد أو أمراض الكبد والأمعاء أو نقص فيتامين بأ».. فكل هذه الأسباب يصاحبها جفاف فى الملتحمة والتهابات مزمنة فيها، والاستهتار بجفاف الدموع فى هذه الحالة قد يعرض العين لأضرار وفقدان بريقها لدرجة أنها تتجمد ويتحول لونها إلى اللون الرمادى أو البنى، كما تفقد العين بياضها البراق مع احتمال الإصابة بسحابات تؤثر على الرؤية السليمة، وكل ذلك بسبب عدم إفراز الدموع التى تعمل بمكوناتها المائية والمخاطية والدهنية على حيوية العين وحمايتها من الأمراض.

وعن التصرف السليم لمن تعانى عدم إفراز الدموع والشعور بجفاف العين، ينصح د. السمرة بضرورة غسل العين جيدا بالماء البارد ولكن بحذر شديد، ثم المداومة على تناول فيتامين (أ) خاصة الخضراوات الطازجة مع أهمية استشارة الطبيب وعدم الاستهانة بهذا الأمر حتى لو لم تصاحبها أعراض أخرى حتى لا تتطور الحالة، وطبعاً الحرص على ارتداء النظارة الشمسية وقت الظهيرة.