القاهرة - حسين محمود (الأناضول) : صادق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم الأربعاء، على عزل 44 قاضيًا من مناصبهم القضائية، وإحالتهم للتقاعد، على خلفية اتهامات بينها إصدار بيان يدعم اعتصام "رابعة العدوية" المؤيد لمحمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيًا في البلاد، وهو القرار الذي اعتبره أحد أبرز القضاة المعزولين "مذبحة للقضاة بتوقيع السيسي"



وكان القضاة الـ 44، صادر بحقهم حكمين قضائيين نهائيين بعزلهم في مارس/آذار الماضي، غير أن الرئاسة المصرية لم تعلن المصادقة على هذا الحكم، إلا اليوم الأربعاء، بالتزامن مع حلول ذكرى مرور 1000 يوم على فض قوات الأمن المصري بالقوة، اعتصام مؤيدي مرسي، في ميداني "رابعة العدوية"، و"نهضة مصر"، بالقاهرة الكبرى، في 14 أغسطس/آب 2013.

وبحسب ما نشر في الجريدة الرسمية لمصر، اليوم الأربعاء، أصدر السيسي، "قرار جمهوريين رقمي 192 و193 لسنة 2016 بإحالة بعض القضاة الى المعاش (التقاعد أو العزل) وذلك بعد حكمى مجلس تأديب القضاة بإدانتهم الصادرين في 14، 28 مارس (آذار) الماضي" في القضيتين المعروفتين إعلامياً بـ"قضاة من أجل مصر" و"بيان رابعة".

وطالت الإحالة الرئاسية، وفق ما اطلع عليه مراسل الأناضول في الجريدة الرسمية لمصر، قضاة من محكمة النقض (أعلي محكمة للطعون)، ومحاكم فرعية بالقاهرة وعدد من المحافظات، ومن أبرز المحالين للتقاعد، القاضي محمد ناجي حسن دربالة، نائب رئيس محكمة النقض.

من جانبه قال، محمد ناجي دربالة، نائب رئيس محكمة النقض (أعلى محكمة للطعون) الذي أحيل للتعاقد اليوم الأربعاء، بقرار رئاسي، إن "قرارات العزل هي امتداد لمذبحة قضاة وقعها عليه السيسي".



وفي تصريحات لوكالة الأناضول، أضاف دربالة :" إن القرار الجمهوري، دليل قاطع على مسؤولية السيسي عن تلك المذبحة، التي يذبح فيها قضاة شرفاء أحرار، ضد كلمة حق قالوها حماية للحقوق والحريات والعدل".

وتابع "تلك المذبحة القضائية اليوم ومن قبل وقعت في قرارات مماثلة، وهي كاشفة لأكبر مذبحة تمس القضاء واستقلاله".

وعرف تاريخ القضاء المصري، في أغسطس/آب 1969 عزل الرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر، عزل أكثر من 200 قاض من بينهم رئيس محكمة النقض، ردًا على تمسك أعداد كبيرة من القضاة وقتها بالاستقلال القضائي (عدم تدخل السلطة التنفيذية أو أي سلطة في أعماله).

ورغم انتقادات كبيرة محلية ودولية طالت استقلال القضاء بمصر، غير أن السيسي في خطاب أمام القضاة الشهر الماضي، أكد حرصه على عدم التدخل في شؤون القضاة، مؤكدًا أن القضاء يتمتمع باستقلالية ونزاهة كبيرة.



وفق القانون المصري، فإن الموظف الذي تم تعيينه بقرار جمهوري لا يمكن عزله إلا بقرار جمهوري مثله، وهذا يقاس علي القضاة والدبلوماسيين ورجال الاستخبارات الذين يعينون بقرار جمهوري، ووفق دستور 2014، يحق لرئيس الجمهورية أن يعفو عن أي من صدر بحقه عقوبات والتي من بينها عقوبة العزل والتقاعد. ‎

وهذا القرار الأول ليس الأول من نوعه، فقد صدرت خلال الأعوام الثلاثة الماضية قرارات إدارية تم بموجبها عزل العشرات من القضاة من مناصبهم بسبب "الاشتغال بالسياسة".

وسبق أن وجهت السلطات القضائية المصرية قرارات مماثلة، بالعزل، تجاه عدد من القضاة كان أبرزهم وليد الشرابي، وأيمن الورداني، وعماد أبو هاشم، والتي اعتبروها "مذبحة ضد قضاة الاستقلال القضائي بمصر".

وحركة "قضاء من أجل مصر"، هم مجموعة من القضاة ينتمون إلى مختلف الهيئات القضائية، ارتبط اسمهم بشكل كبير بإجراء الانتخابات الرئاسية المصرية عام 2012، في مرحلة ما بعد ثورة 25 يناير/كانون ثاني 2011 (التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك)، خلال المرحلة الأولى والثانية، وتواصلوا مع الرأي العام بشكل مباشر من خلال مؤتمرات صحفية، وأعلنوا فوز محمد مرسي مرشح الحرية والعدالة بالرئاسة في يونيو/حزيران 2012 ووجهت لهم انتقادات على اعتبار أنهم يقومون بأداء دور سياسي.