ع.م/ ي.أ (رويترز) : رغم تأكيد باحثين قرب التوصل إلى طريقة لتصنيع مشتقات الأفيون، المستخدمة في تسكين الآلام، من الخميرة العادية المستخدمة في المنازل، ما قد يوفر منتجاً أرخص وأكثر كفاءة وأقل إدماناً. لكنها طريقة تبقى محفوفة بالمخاطر.



قال فريق دولي من الباحثين إن أنشطة صناعة الجعة (البيرة) في المنازل حالياً تتخذ منحى محفوفاً بالمخاطر، بعد أن قام العلماء بتعديل جيني في الخميرة العادية لتوظيف السكريات في تخليق مستحضرات مخدرة مشتقة من الأفيون، مثل المورفين والكودايين. وقال كريستوفر فويت من معهد ماساتشوسيتس للتكنولوجيا، الذي لم يشارك في الدراسة، للصحفيين: "سيصبح من الممكن في المستقبل القريب بالمنازل تخليق مشتقات الأفيون من الخميرة".

إنتاج جرعة مخدر المورفين
وتتطلب عملية إنتاج المورفين التقليدية، والتي أوردتها دورية الكيمياء الحيوية في الطبيعة، 300 لتر من الخميرة المعدلة جينياً لإنتاج جرعة واحدة من المورفين تزن 30 ملليغراماً فقط، وهي طريقة لا تتسم بالكفاءة. لكن فويت أشار إلى أنه، ومع إدخال تحسينات باتت في متناول اليد، يمكن الحصول على نفس تلك الجرعة من مجرد "كوب من مزرعة خميرة يمكن إنماؤها في وسط سكري موضوع على حافة النافذة بالمنزل".

ومنذ قرون، يُعتمد على المورفين ومشتقات الأفيون الأخرى في تصنيع أدوية مسكنة للألم. لكن هذه المشتقات ذات تركيب جزيئي معقد على نحو يصعب معه عزلها أو تصنيعها واستخلاصها من مركبات في نبات مثل الخشخاش. وقد عجز علماء الكيمياء عن إنتاجها من مركبات معروفة.

تحوير فطر الخميرة جينياً
لكن علماء أعلنوا في الآونة الاخيرة عن قدرتهم على تحوير فطر الخميرة جينياً لتنفيذ المرحلة الثانية من تفاعل يتضمن 15 خطوة لإنتاج مشتقات الأفيون. وكانت العقبة الوحيدة في السابق حث الخميرة على تنفيذ المرحلة الأولى، إلا أن فريقاً من العلماء تحت إشراف جون دويبر من جامعة كاليفورنيا في بيركلي نجح في تذليل هذه العقبة، بعد عزل إنزيم مهم من نبات البنجر السكري وتعديل تركيبه الجيني ليصبح ذا إنتاجية أعلى، ومن ثم إدخاله على فطر الخميرة.

بعد ذلك، قام العلماء بإضافة المزيد من هذا الحمض النووي المعدّل، إلى أن نجحوا في تحفيز الخميرة على القيام بالنصف الأول من التفاعل المسؤول عن إنتاج مشتقات الأفيون. حول ذلك أوضح دويبر أنه مع جمع الخطوات السابقة للتفاعل بتلك التي تليه، يبقى "الأمر منصباً الآن على ربط الخطوات معاً وتسريع إيقاع العملية".

قلق من الاحتمالات المستقبلية
لكن علماء آخرين أعربوا عن قلقهم من الاحتمالات المستقبلية. فعلى الرغم من أن تعديل الحمض النووي قد ينتج خميرة يمكنها تخليق مسكنات ألم أرخص ثمناً وأقل من حيث القابلية للإدمان وأكثر كفاءة، إلا أن إنتاج خميرة لتصنيع المورفين قد يزيد بدرجة كبيرة من توافر المشتقات المخدرة غير المشروعة، التي أدت الى كوارث تتعلق بالإدمان في عدة مجتمعات.

وأحاط واضعو الدراسة زملاءهم علماً بهذه الدراسة قبل نشرها، وحذر محللو سياسات في تعليق مرفق بالبحث من أنها قد تتيح تصنيع النباتات المخدرة غير المشروعة "وإخفاءها وتوزيعها" بعد الحصول على أجهزة بسيطة لتخمير البيرة منزلياً.

لكن دويبر أشار إلى أن "من الناحية النظرية، بوسع أي شخص تعلم أساسيات البيولوجيا الجزيئية أن يصنع هذه المشتقات".

يشار إلى أن فريقاً دولياً من العلماء نجح مؤخراً في تخليق سلسلة جينية (كروموسوم) معدلة للخميرة، وذلك بهدف الخروج بنوعيات وسلالات مختلفة من الخميرة قادرة على تصنيع الكيماويات الصناعية والأدوية والوقود الحيوي بشكل أرخص وأكثر كفاءة من الطرق التقليدية المتبعة حالياً.