الرياض - واس : أبان معالي نائب وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الدكتور توفيق بن عبد العزيز السديري أن من مقتضيات الانتماء والمواطنة حب الوطن والدفاع عنه، وتقديم الغالي والنفيس من أجله في ما ليس فيه مخالفة أو معصية، والسمع والطاعة لولاة أمره، وعدم الخروج عليهم، ولزوم جماعتهم، والمحافظة على مقوماته ومرافقه، وتعزيز وترسيخ مفاهيم الانتماء والمواطنة.



جاء ذلك في سياق محاضرة لمعاليه ألقاها بعد صلاة مغرب أمس الخميس في جامع الامام تركي بن عبد الله ــ رحمه الله ــ (الجامع الكبير) بوسط مدينة الرياض بعنوان: (شبهات حول الانتماء والمواطنة والرد عليها).

وقد ركز الدكتور السديري في محاضرته على عدد من العناصر هي:
- تعريف الانتماء والمواطنة،
- أهمية الانتماء والمواطنة، وأصول الانتماء والمواطنة من القرآن والسنة،
- مقتضيات الانتماء والمواطنة.


وعرف معاليه الانتماء بأنه الانتساب سواء كان هذا الانتساب لبلد أو قبيلة أو أسرة أو غير ذلك، أي هو علاقة منطقية بين الفرد والمجموع الذي ينتمي إليه، وعكسه اللا انتماء وهو شعور المرء بأنه بعيد عن البيئة التي ينتمي إليها، أما المواطنة لغة فهي: مصدر الفعل ـــ واطن ـــ بمعنى واطنه على الأمر، واصطلاحاً بأنها : التفاعل الإيجابي مع المجتمع الذي يعيش فيه الإنسان والشعور بالانتماء إليه.

وأشار الدكتور السديري إلى أن أهمية الحديث عن موضوع الانتماء والمواطنة تأتي من أهمية الظرف الراهن الذي نعيشه ونحن نرى التشتت الشديد والتفرق والتنازع من حولنا خارج هذه البلاد المباركة.

وقال: إن الانتماء والمواطنة يعني تحفيز الشعور بالأهمية الشرعية لأن يكون في داخلك انتماء لهذا الوطن لبلدك وشعورك بمعنى أنك مواطن ،بأنك واحد من أفراد هذا الوطن، لفظان مهمان انتماء ومواطنة، والانتماء دائرة مهمة لإدخالك في مجموعة التأثير، وعكس الانتماء العزلة الشعورية، وفكرة العزلة الشعورية طرحت من بعض الحركات أو الجماعات الإسلامية للتنفير من الإيجابية في المجتمع، يقول هذا مجتمع فاسد وجاهل فعش في عزلة شعورية، تكون معهم بجسدك ولكن انتماؤك يكون لجماعتك الخاصة ولفكرها، وهذا العزل الحركي والدعوي هو الذي سبب وجود الأفكار التكفيرية والتفجيرية والغالية في بعض شباب الأمة.

بعد ذلك استعرض نائب وزير الشؤون الإسلامية الأثر الذي يترتب على حب الوطن، وقال: إنه أثر عظيم جداً، فوجود الانتماء مع الناس يجعل بينك وبينهم شعور بأنكم شيء واحد، هذا مهم جداً في نشر الدين بقوة، الأثر في الدعوة والخير والإحسان في البذل.



وبين معالي نائب وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد أصول الانتماء والمواطنة من القرآن والسنة النبوية، وقال : نحن ننطلق في جميع أمور حياتنا العامة والخاصة من منطلق أساسي ورئيسي لدينا ألا وهو القرآن الكريم والسنة النبوية، ننطلق من ديننا وعقيدتنا والمنهج القويم الذي قامت عليه هذه البلاد المباركة منذ نشأتها الأولى حتى وقتنا الحالي، فالارتباط بالقرآن الكريم والسنة النبوية مرتكز في أدبياتنا وفي معاملاتنا وفي أخلاقنا ونصدر من خلالهما ونتوقف إذا أمرنا بالتوقف.

واستشهد معاليه بأدلة من القرآن الكريم، والسنة المطهرة عن الانتماء والمواطنة، قائلاً: ذُكر موضوع الانتماء والمواطنة وورد في القرآن الكريم في عدة آيات وأحاديث نبوية ، يقول الله ـــ جل وعلا ـــ : {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عن الله أتقاكم إن الله عليم خبير}، فالآية الكريمة تدعو الناس إلى الارتباط والانتماء تحت مسمى القبيلة أو الشعب ما لم يكن في ذلك مخالفة للإسلام وتعاليمه وأوامره.

وواصل قائلاً: أما الانتماء إلى الدولة أو الوطن وحبه والدفاع عنه والذود من أجله، فكثيرة هي النصوص التي دعت إليه، والسلف ــــ رضوان الله عليهم ـــ ما تركوا شاردة ولا واردة في هذا الأمر إلا وأصلوها، وبينوها أفضل البيان وأعظمه، وذلك فيما يتعلق بولاة الأمور والسمع والطاعة لهم وحب الوطن وعدم الخروج على ولاة الأمر، والانتماء إلى البلد معناه الانتماء إلى قيادتها وولاة أمرها والسمع والطاعة لهم في المنشط والمكره.

وختم الدكتور السديري ــ محاضرته ـــ بالحديث عن مقتضيات الانتماء والمواطنة، إذ قال: لا شك أن لكل أمر من أمور حياتنا تبعات ومسؤوليات وله كذلك مزايا وإيجابيات، ومن تبعات الانتماء والمواطنة:ـ حب الوطن والدفاع عنه وتقديم الغالي والنفيس من أجله في ما ليس فيه مخالفة أو معصية، والسمع والطاعة لولاة أمره، وعدم الخروج عليهم، ولزوم جماعتهم، والمحافظة على مقوماته ومرافقه وتعزيز وترسيخ مفاهيم الانتماء والمواطنة، فإذا عرفنا كل ما تقدم فيجب أن نعلم أن من مقتضاه أن ننطلق إلى رحاب أوسع، ونطاق أكبر من القناعة ثم التأثير، لا يمكن أن نؤثر إلا بفهم هذا الموضوع.

وقد شهد المحاضرة سماحة مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء ورئيس اللجنة الدائمة للإفتاء الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، إلى جانب عدد من الدعاة والأئمة والخطباء وجمع من الناس.