مع بداية انتصار الثورة الشيعية في إيران، تأسّست عدة أحزاب في الخارج تابعة للنظام الإيراني، وذلك من أجل توسيع النفوذ الإيراني من خلال الشيعة في مختلف المناطق.
وفي البحرين تمّ التوجيه لهادي المدرسي بتكوين: الجبهة الإسلامية لتحرير البحرين! ومقرّها: طهران.
وأصدرت في بدايتها بياناً تبيّن فيه أهدافها، وهي على النحو التالي:
1- إسقاط حكم آل خليفة.
2- إقامة نظام شيعي موافق للنظام الثوري الخميني في إيران.
3- تحقيق استقلال البلد عن مجلس التعاون الخليجي، وربطها بالجمهورية الإيرانية[1].
وكانت الجبهة تُصدر من إيران عدداً من المجلات من أمثال: «الشعب الثائر» و«الثورة الرسالة» وغيرها، وكان المسؤول عن الدائرة الإعلامية في الجبهة: عيسى مرهون.
وكان «الصندوق الحسيني الاجتماعي» أحد قواعد ومنطلقات هذه الجبهة.
وفي نهاية 1979 م قام الشيعة بتنسيق من الجبهة الإسلامية لتحرير البحرين بتنظيم هذه المظاهرات التي وافقت مظاهرات شيعة السعودية في القطيف، وبعد أن تمّ تضييق الخناق، قامت الجبهة باغتيال أحد قادة المخابرات البحرينية، فقامت الحكومة بتضييق الخناق عليها واعتقال عدد من أعضاء الجبهة.
بعد ذلك أوقفت الجبهة عمل المظاهرات مؤقّتاً، وبدأت بالتحضير لعملية انقلابية قادمة، فقامت بتهريب الأسلحة إلى البحرين[2]، وفي ديسمبر من عام 1981 م قامت الجبهة بقيادة محمد تقي المدرسي بتنفيذ المحاولة الانقلابية على الحكم، وتم إفشال هذه العملية، وألقت الحكومة البحرينية القبض على 73 متّهماً باشر هذه العملية أو قام بمعاونة أصحابها.
وفي منتصف الثمانينات تم عقد اجتماع لقادة الجبهة الإسلامية لتحرير البحرين مع المسؤولين في المخابرات الإيرانية، وتم الاتّفاق على إنشاء الجناح العسكري للجبهة تحت اسم: حزب الله - البحرين.
وفي بداية نشأة هذا الحزب، كُلِّف الشيخ محمد علي محفوظ - الأمين العام للجبهة الإسلامية لتحرير البحرين! - بتجنيد ثلاثة آلاف شيعي بحريني لحزب الله البحريني، وتدريبهم في إيران ولبنان[3]، وزعيم هذا الحزب هو (عبدالأمير الجمري)، وخلفه الآن (علي سلمان).
كما أنّ هادي المدرسي - زعيم الجبهة الإسلامية لتحرير البحرين - يُعتبر المرشد والداعم لهذا الحزب، وكذلك محمد تقي المدرّسي، له دور كبير في الدعم اللوجستي والتنظيري لهذا الحزب.
وبدأ هذا الحزب بالتخطيط والترتيب لإحداث الفتن والثورات في البلد والسيطرة على بعض المناطق والمرافق المهمّة.
وكان الهدف الأوّل لهذا الحزب، هو عمل انقلاب على النظام القائم بُغية إحلال نظام موافق وموالٍ للنظام الصفوي الشيعي في إيران، ويؤكّد ذلك ما صرّح به آية الله روحاني والذي قال: إن البحرين تابعة لإيران، وهي جزء من جمهورية إيران الإسلامية[4]!
ومن أبرز أعمال هذا الحزب؛ ما قام به في عام 1994 م من ثورات ومظاهرات وأعمال شغب، وكان يتسمّى بأسماء مختلفة؛ مثل: منظمة العمل المباشر، وحركة أحرار البحرين، ومنظمة الوطن السليب، إلا أنّها في الواقع ترجع لما يسمّى «حزب الله - البحرين».
وهذه الأسماء كلها انصهرت في الحزب الجديد المسمَّى: جمعية الوفاق الوطني الإسلامية، بقيادة (علي سلمان) مع الاهتمام بالجانب السياسي والإعلامي، وترك العمل العسكري والتنظيمي بيد الجناح العسكري للحزب والمسمّى (حزب الله - البحرين).
وقد كان هذا الحزب باسمه الآخر «حركة أحرار البحرين» يصدر نشرةً شهرية في مقرّه الأول في لندن باسم «صوت البحرين» يبيّن فيها مطالبه وأهدافه وأعماله، وينشر فيها أخباره، وكانت هذه الحركة تتلقى دعماً من بعض المنظمات الأجنبية والحاقدة، وفي أحد التقارير يُقدّر أحد مبالغ الدعم التي حصلوا عليها عن طريق منبرهم في لندن والذي كان يسمَّى (منبر البحارنة) إلى أكثر من 80 ألف دولار، ويحاول حزب الله - البحرين، أن يجعل النهج الذي ينتهجه عبر اسم: حركة أحرار البحرين، ذا مطالب سياسية إصلاحية حتى يتسنّى للجناح العسكري القيام بأدواره على الوجه المطلوب.
وأبرز المسؤولين في حركة أحرار البحرين: سعيد الشهابي، ومجيد العلوي، ومنصور الجمري.
ثم شهدت البحرين عام 1996 م أحداثاً أخرى خطيرة من أعمال القتل والحرق والتخريب، قاموا بالترتيب لها في إيران ونفّذوها في البحرين.
ففي 14/ مارس/ 1996 م قام حزب الله البحريني بحرق مطعم في منطقة: سترة واديان، ليلقى سبعة آسيويين مصرعهم في مشهدٍ ينمّ عن حقدٍ أسود.
ثم قاموا في 21/ مارس/ 1996 م بإحراق «كراج» الزياني وأحرقوا السيارات الموجودة في المعرض.
ثم تنامى لديهم الحقد والبغض، فأحرقوا ودمّروا في تاريخ 6/ مايو/ 1996 م أكثر من تسعة محلات تجارية كبيرة، وتركوها أنقاضاً وأطلالاً.
كما قاموا بحرق وتدمير عدد من الفنادق والمدارس!، وكذلك بعض مولّدات الكهرباء العامة، وأجهزة الهاتف الثابتة في الشوارع[5]. كما قاموا أيضاً بحرق بنك البحرين الإسلامي، والبنك البحريني الوطني، ومركز المعارض الدولي، وذلك بهدف شلّ الحركة الاقتصادية للدولة.
وخلال النصف الأول من هذه السنة كانت إذاعة طهران لا تفتأ تثير الفتن والبلابل وتدعو إلى التمرد على الدولة والطعن في شرعيتها وقراراتها.
ففي 13 /فبراير/ 1996 م أعلنت عن دعوة وقف الحركة التجارية لمدة يومين اعتباراً من الأحد القادم، وفي 15 /فبراير/ 1996 م دعت الإذاعة لعدم الاحتفال بعيد الفطر القادم!
كما دعت في 2/ مايو/ 1996 م مواطني البحرين إلى العصيان المدني، وعدم الاحتفال بعيد الأضحى[6]!
وبدأت تثير النفوس الحاقدة، فقالت الإذاعة يوم 22 /مارس/ 1996 م أن الحكومة البحرينية لن تستطيع الوقوف أمام مطالب الشعب البحريني[7]!
وهم بذلك يقصدون (مطالب الشيعة) بقلب نظام الحكم، وتحويله لدولة صفوية شيعية أخرى، على غرار دولة إيران.
ولهذا ما يدلّ عليه؛ فقد أعلنت صحيفة «الأنباء الكويتية»[8] أن (حزب الله الكويتي) قد قام بشراء وأخذ الأسلحة التي خلّفها الجيش العراقي في الكويت، وقام بتهريبها إلى (حزب الله البحريني).
وتقول الصحيفة: إن الأوامر التي صدرت من السلطات الإيرانية إلى (حزب الله البحريني) تضمّنت إتباع خطة طويلة المدى لتهريب الأسلحة إلى البحرين، بحيث لا تستطيع أجهزة الأمن البحرينية اكتشاف خيوطها مرة واحدة، وكذلك ضرورة أن يتم توزيعها على عدة مخابئ وفي أماكن متفرّقة.
وفي الاعتراف الذي قدّمه: علي أحمد كاظم المتقوي - أحد قادة تنظيم حزب الله البحريني - يقول فيه:
عقدنا اجتماعاً مع ضابط المخابرات الإيرانية أحمد شريفي، وفي هذا الاجتماع طَرح علينا فكرة لتهريب الأسلحة إلى البحرين عن طريق البحر.
كما أكّد هذا الأمر المتّهم جاسم حسن الخياط، وقال: إننا وضعنا خطة مع ضابط المخابرات الإيرانية أحمد شريفي لتهريب الأسلحة إلى البحرين.
وصرّح المتّهم: جاسم الخيّاط أن الهدف هو قلب نظام الحكم في البحرين بالقوة العسكرية، وإقامة حكومة شيعية موالية لإيران، وأوضح أيضاً أن أول دفعة أرسلت لمعسكر «كرج» في شمال طهران كانت عن طريق ضابط المخابرات الإيرانية العميد محمد رضى آل صادق، واللواء وحيدي.
وفي الجانب التعبوي التحريضي قام الخطيب: عباس علي أحمد حبيل بإلقاء خطب تحرّض على العنف وتدعو إلى الوقوف ضد الدولة، وقام بتشكيل مجموعات لتندرج تحت حزب الله - البحرين[9].
كما كان للمدعو: عبدالوهاب حسين دور كبير في هذا الحزب، حيث كان يلقي دروساً للحزب في كيفية التعامل مع رجال الأمن ومع المحقّقين، وكيفية مواجهة الأسئلة المحرجة، وطريقة التعبئة الجماهيرية والشحن الاجتماعي على الدولة.
وكان الخطيب عباس حبيل يتلقّى الأوامر منه ومن الزعيم عبدالأمير الجمري عن طريق شخص اسمه: محمد الرياش.
وقد صرَّح وزير شؤون مجلس الوزراء والإعلام البحريني آنذاك، أن حزب الله في البحرين قد قام بمجموعة تدريبات في معسكرات الحرس الثوري في إيران - مثل معسكر «كرج» شمال طهران -، وبعد أن ظهر الضغط على إيران في ضلوعها في أحداث حزب الله البحريني، تم نقل المجموعات إلى معسكرات حزب الله في لبنان.
وكان التدريب العسكري يشتمل على الأسلحة، والمتفجرات، وألعاب الدفاع عن النفس، وكيفية جمع وتوصيل المعلومات، وجمع وتأمين الأوراق السرّية، وكيفية تزويرها[10].
وأبرز شخصيات «حزب الله - البحرين» الضالعة في أحداث 1996 م هم:
علي أحمد كاظم المتقوي - اللجنة المالية والمنسق مع المخابرات الإيرانية-، عادل الشعلة - لجنة التدريب العسكري -، خليل سلطان - اللجنة الإعلامية -، جاسم حسن منصور الخياط - اللجنة المخابراتية والأمنية -، محمد حبيب - شيخ بحريني مقيم في الكويت -، حسين أحمد المديفع، حسين يوسف علي، خليل إبراهيم عيسى الحايكي[11].
وتُقدّر قيمة المتلفات - على أقلّ التقديرات - التي قام بإتلافها وتخريبها «حزب الله - البحرين» إلى أكثر 658,224,15 دولار.
وبعد هذه الأحداث، ورغم التنازلات التي قدّمتها الحكومة البحرينية للشيعة ولقادة هذا الحزب (علي سلمان) و(عبدالأمير الجمري) وغيرهم من أمثال آية الله «محمد سند» من خطباء الحسينيات والشيوخ المعمّمين وقادة حزب الله البحريني؛ لا يزالون مستمرّين في مخطّطاتهم وتنفيذ أهدافهم، ومن آخر الأعمال المشينة لهذا الحزب، ما اكتشفته الحكومة البحرينية في شهر سبتمبر من عام 2006 م؛ إذ اكتشفت مخطّطاً إيرانياً لشراء عدد من الأراضي في مختلف مناطق البحرين، في محاولةٍ شيعيةٍ لتغيير التركيبة السكّانية وتوزيع حلفائها على جميع المناطق، والدعم غير المباشر للجهات والجمعيات الموالية لإيران[12].
بل كشفت التقارير الأمنية[13] عن إعادة تهيئة وتشكيل لـ«حزب الله - البحرين» وإقامة معسكرات تدريبية لعناصره في «ثكنة الإمام علي» قرب طهران.
وقد اجتمع «حزب الله» اللبناني ممثلاً بعدة شخصيات قيادية فيه، ومن بينهم: عكرم بركات وبين القوى الشيعية في البحرين، وذلك في دمشق، ثم في بيروت، ودار الحوارات حول خطة التحرك الشيعي وتنظيم العمل السياسي بهدف توسيع التغلغل الشيعي والنفوذ الإيراني في البحرين، وتعهّد «حسن نصر الله» بدعم القوى الشيعية في البحرين لمواصلة المشروع الذي يبغون الوصول له والعمل من أجله[14].
كما تمّ إقرار هدف توسيع النفوذ الاقتصادي، وتفعيل دور التجّار الشيعة، وذلك بدعمهم والشراكة معهم، للسيطرة على الاقتصاد، واحتكار بعض الأعمال لبعض المواد الأساسية لاستخدام ذلك كورقة ضغط للحصول على تنازلات جديدة!
كما تقوم الاستخبارات الإيرانية بدعم وتنشيط المشاركة الشيعية الإيجابية في الانتخابات النيابية، وحشد التأييد الشيعي لحصد غالبية المقاعد لفرض تشريعات تكون في صالح الطائفة الشيعية الموافقة لمصالح إيران ورغباتها في النفوذ الفارسي الصفوي على المستوى الخليجي والعربي[15].

________________________________________
1) انظرها في: الحركات والجماعات السياسية في البحرين، فلاح المديرس، ص 99 - 104.
الأحزاب والحركات والجماعات الإسلامية، 2/539، وفيه أنّ من الأهداف المرحلية للجبهة الإسلامية لتحرير البحرين: إسقاط حكم آل خليفة!. كما أعلنت ذلك في منشورها السابع ضمن مسيرة الثورة الإسلامية في البحرين.
2) تطور الحركة الوطنية والمعارضة في الجزيرة العربية، ص 13.
3) انظر – مثلاً - في نشاط هذا الحزب وتحركاته: جريدة الأيام 15/6/1996 م.
4) الحركات والجماعات السياسية في البحرين، فلاح المديرس، ص 99 - 100.
5) ما ذنب المدارس ومولدات الكهرباء والهواتف!؟
6) بينما لا تدعو إلى عدم الاحتفال بعيد الغدير، ولا عيد النيروز المجوسي، ولا تُوقف الاحتفال بمقتل عمر بن الخطاب على يد أبي لؤلؤة المجوسي، والذي يسمونه: فرحة الزهراء!.
7) راجع الأرشيف الخاص بإذاعة طهران.
8) 10/ يونيو/ 1996م.
9) راجع اعترافات هؤلاء في إرشيف تلفزيون البحرين، والصحف البحرينية والعربية في ذلك الوقت.
10) من تصريح وزير الداخلية الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة، وكذلك بقية الصحف البحرينية آنذاك.
11) وقد تم القبض آنذاك على 44 متهماً ينتسبون إلى «حزب الله - البحرين».
12) موقع إيلاف 3/ سبتمبر/ 2006 م، صحيفة الأيام البحرينية 4/ سبتمبر/ 2006 م.
13) مجلة الوطن العربي، عدد 1545، 11/10/2006 م.
14) مجلة الوطن العربي، عدد 1543، 27/ سبتمبر /2006 م.
15) مجلة الوطن العربي، عدد 1546، 18/ أكتوبر /2006 م.
من كتاب ماذا تعرف عن حزب الله لعلي الصادق.