برلين - خالد سلامة (دويتشه ﭭيله) : لا يزال قرار إغلاق قاعة للصلاة بالجامعة وعدم تمكين الطلاب من القاعة الرياضية لإقامة صلاة الجمعة يتفاعل. فبينما ترى الجامعة في الإغلاق حياداً إزاء الدين، يشدد الطلاب المسلمين على حقهم في ممارسة شعائرهم الدينية بالجامعة.



اعتاد الطالب التونسي محمد العثماني على أداء الصلاة في قاعة مخصصة لهذا الغرض في جامعة برلين التقنية، حيث يدرس الماجستير في هندسة السيارات. لكن الوضع تغير الآن والسبب يوضحه ابن 29 عاما بالقول "فوجئت في أحد الأيام بورقة معلقة على باب قاعة الصلاة مكتوبة باللغات الألمانية والعربية والإنكليزية تقضي بإغلاق المصلى اعتبارا من الرابع عشر من آذار/ مارس الحالي".

وقع الخبر كالصاعقة على رأس محمد، كما يقول، فأسرع إلى حسابه على الفيسبوك ليكتب: "يذكرني هذا القرار بوقائع كانت تحصل في جامعات بلدي تونس ألا وهي إغلاق المصليات". وختم محمد تعليقه بالسؤال: "هل يتحرك الطلبة للمحافظة على مكسبهم أم سيحصل هذا ويمر مرور الكرام؟".

عريضة واجتماع
قام محمد كرئيس لرابطة الأكاديميين التونسيين مع ثلاث جمعيات طلابية مسجلة في الجامعة وهي رابطة الطلاب المسلمين ASES Berlin، اتحاد طلاب اليمن في ألمانيا واتحاد الطلاب والأكاديميين السوريين بجمع توقيعات 575 من طلاب وموظفي الجامعة المسلمين وقدموها مع رسالة في 22 من فبراير/ شباط إلى رئيس الجامعة، البرفيسور كريستيان تومسين، وطالبوا فيها "باستمرارية استخدام غرفة الصلاة واستمرارية السماح باستخدام القاعة الرياضية لإقامة صلاة الجمعة"، حسب ما جاء في بيان صحفي أصدرته الجمعيات الأربعة في الثالث من آذار الجاري توصلتDW عربية نسخة منه.

بيد أن رئاسة الجامعة أصرت على قرارها. وقالت شتيفاني تيرب، رئيسة قسم الإعلام والعلاقات العامة والمتحدثة الإعلامية باسم الجامعة، في تصريح خاص لـ DWعربية: "لن يتم التراجع عن القرار أو تغيره". وهو ما أثار استياء الاتحادات الطلابية الأربعة أصدرت بياناً جاء فيه: "للأسف الشديد رمت إدارة الجامعة كل مبادرة لإيجاد تسوية عرض الحائط، وبالرغم من استعدادنا وعرضنا التعاون على المدى الطويل في تذليل أية عقبات حالية أو مستقبلية إلا أن الإدارة أبدت رفضاً وعدم رغبة واضحين في التعاون معنا".


قاعة الصلاة بجامعة برلين التقنية موجودة منذ ستينيات القرن الماضي، وقررت الجامعة مؤخراً إغلاقها.

حجج وحجج مضادة
عللت تيرب قرار إغلاق قاعة الصلاة بالجامعة بأن "الجامعة التقنية مؤسسة حكومية عامة تُمول من الضرائب وهي ملزمة بحسب المادة الثالثة من الدستور بأن تكون حيادية اتجاه الدين والمذاهب والمعتقدات". وتضيف، رئيسة قسم الإعلام والعلاقات العامة بالجامعة "الحيادية ومبدأ الفصل بين الدولة والكنيسة كانا رائدانا في قرارنا بأن لا نمنح أي من مبانينا مستقبلاً لقداسات أو صلاة جمعة".

في حين يرى أعضاء الاتحادات الطلابية أنهم "لم يجدوا ما يدل على أن وجود المصلى أو صلاة الجمعة مخالف بأي شكل من الأشكال لهذه الفقرة من الدستور، فما الذي يجعل المصلى الموجود منذ زهاء الخمسين عاماً فجأة مخالفاً للدستور"، يتساءل البعض.

وفي سياق عرضها لمبررات القرار تضيف تيرب: "عندما يقوم 550 شخصاً بالصلاة في القاعة الرياضية، فإننا والجهة المنظمة للصلاة نخرق القانون الخاص بالحماية من الحريق". وتتابع "هناك العديد من بيوت العبادة في أماكن قريبة من الجامعة. كما أن أوقات الدوام المرنة لدينا توفر لهم هذه الإمكانية".

غير أن بيان الاتحادات الطلابية رد على هذه الحجة بالقول "أقرب مسجد يمكن الذهاب إليه والعودة منه باستخدام المواصلات العامة يستغرق على الأقل ساعة، مما يجعل تردداً يومياً لعدة مرات بين الجامعة وأقرب مسجد غير ممكن عملياً على الإطلاق!"

رؤى مختلفة للاندماج
وأشار بيان اتحادات الطلاب إلى أن "الحاجة إلى قاعة للصلاة تتزايد مع تزايد أعداد اللاجئين وأعداد المسجلين بالجامعة من عائلات ذات أصول مهاجرة" وهو ما يفرض "الانفتاح على التنوع الثقافي والديني الذي تحمله معها هذه الفئة"، يضيف البيان.

وتؤكد الدكتورة في الإعلام والصحفية المصرية إنجي سلامة (43 عاماً) على ذلك، حيث تعتبر إصدار مثل كهذا قرار في هذا التوقيت بالذات "من شأنه زيادة الهوة بين اللاجئين والمهاجرين وبين المجتمع.. لأن مثل هذا القرار لا يسهم في حل مشكلة الاندماج ولكن يعقدها".

وترد تيرب على هذه النقطة بالقول إن جامعة برلين واحدة من أولى الجامعات التي قدمت "برنامجاً ضخماً وعالي الكفاءة لتحضير اللاجئين للدراسة منذ سبتمبر 2015 بتكلفة بلغت حتى تاريخه حوالي 350 ألف يورو". وتضيف رئيسة قسم الإعلام والعلاقات بجامعة برلين التقنية "هذا هو نهجنا فيما يتعلق بثقافة الترحيب، لا يلعب الدين في حرم الجامعة أي دور في هذا المجال".


قاعة الرياضة بجامعة برلين التقنية التي اعتاد الطلبة المسلمون على أداء صلاة الجمعة فيها

معركة الإعلام والعلاقات العامة
ويؤاخذ على اتحاد الطلاب المسلمين تأخرهم في إبداء رد الفعل حول قرار إغلاق قاعة الصلاة بالجامعة. ففي الوقت الذي أخذ رئيس الجامعة وشتيفاتي تيرب زمام المبادرة وأعلنوا عن قرار الإغلاق ومبرراته في مجلة الجامعة في عدد فبراير الماضي كما بادروا إلى التحدث لوسائل الإعلام والإجابة عن استفساراتها بانفتاح ورحابة صدر، لم يصدر أول بيان صحفي للاتحادات الطلابية إلا في الثالث من الشهر الجاري كما أن الاتحادات الطلابية لم تتحدث من قبل إلى أي وسيلة إعلامية.

وتعلق السيدة إنجي على ذلك بالقول: "عدم سرعة رد الفعل والاكتفاء ببيان على استحياء بعد شهر من صدور القرار أفقد المسألة زخمها". وتضيف الخبيرة الإعلامية "أرى أنه ينبغي على اتحاد الطلبة المسلمين طرح وجهة نظرهم إعلامياً".

ورغم اختلاف وجهات النظر بين الجامعة واتحادات الطلاب المسلمين إلا أن الطرفان أصرا على ترك باب الحوار مفتوحا، حيث اتفقا على الاجتماع مجددا في نهاية الفصل الدراسي الصيفي، وإن كان البعض قد هدد بإعادة تجربة الماضي وإقامة صلاة الجمعة في ممرات الجامعة وعلى أدرجاها كوسيلة للضغط من أجل الحصول من جديد على قاعة خاصة للصلاة.


جولة في مساجد شُيِدت حديثا في ألمانيا

مسجد المركز : في عام 2008 تم افتتاح أكبر مسجد في ألمانيا وهو مسجد المركز في مدينة دويسبورغ. ويتسع هذا المسجد التركي ل 1200 من المصلين.



المسجد المركزي في مدينة كولونيا : أثار بناء المسجد الكبير في مدينة كولونيا الألمانية في البداية جدلا كبيرا بين مؤيد ومعارض لرفع منارته.. غير أن هذا المسجد الذي يتوقع افتتاحه عام 2012 أصبح الآن رمزا للانفتاح والتسامح الذي يميز منطقة الراين في ألمانيا.



مسجد بينتسبرغ : مسجد مدينة بينتسبيرغ في ولاية بافاريا تم بناؤه في عام 2006. وتكتسي قاعة الصلاة المخصصة للرجال حلة زرقاء بسبب الزجاج المتلألئ الذي زينت به جدران القاعة.



في منطقة نويكولن البرلينية : يوجد هذا المسجد التركي داخل حديقة مقبرة تركية في منطقة نويكولن في برلين. وقد تم بناؤه وفق الطراز المعماري العثماني. يذكر أن تاريخ هجرة اليد العاملة المسلمة إلى برلين يرجع إلى أواخر القرن 18.



مسجد عمر بن الخطاب : يقع مسجد عمر بن الخطاب الذي بني عام 2008 في منطقة كرويسبيرغ في برلين. ويتوفر المسجد على أربع منارات، وتتسع قاعات الصلاة فيه والمكونة من طابقين لقرابة ألف مصلي. كما توجد في المسجد قاعات كثيرة تستخدم في تنظيم الحفلات وتحفيظ القرآن بالإضافة إلى مقهى ومحل تجاري.



مسجد الأحمدية : يعتبر مسجد الأحمدية الواقع في منطقة بانكوف في برلين أول مسجد يبنى في منطقة كانت تابعة لشرق ألمانيا سابقا. وكان ذلك في أكتوبر 2008. ويتسع المسجد لأكثر من 300 مصل ومصلية. ويقدر عدد المتبعين للطريقة الأحمدية في ألمانيا بين عشرين إلى ثلاثين ألف شخص.



المسجد المركزي : في سبتمبر من عام 2009 قام الفنان الألماني بوران بورشهارت بإعادة تشييد منارتي المسجد المركزي في مدينة هامبورغ بطريقة مثيرة وحولهما إلى تحفة فنية رائعة. ويصل علو كلتا المنارتين إلى 20 مترا.



مسجد فاتح في مدينة بريمن : يعد مسجد فاتح أول مسجد يتم بناؤه في مدينة بريمن وكان ذلك عام 1973. وتولى صينيان وأربع أتراك مهام تزيين جدران هذا المسجد الذي يتسع لأكثر من 1300 مصلي.



مسجد فاتح في مدينة إيسن : بعد تعرض مسجد فاتح التركي الواقع في مدينة إيسن الألمانية للحرق عام 1995 أعيد بناؤه عام 1997 ليحتضن عام 2005 ما يسمى بميثاق إيسن الذي أعلن فيه المسلمون عن رفضهم للعنف والإرهاب والتمييز.



دوسلدورف : مسجد فتحي في ضواحي مدينة دوسلدورف تم افتتاحه عام 2003 من طرف رئيس مجلس النواب الألماني السابق فولفغانغ تيرزه.



مسجد سليم : يتميز مسجد (يافوز سلطان سليم) في مدينة مانهايم بطابعه المعماري الذي يمزج بين الأصالة والمعاصرة.



مسجد بضواحي ميونيخ : استجابة للتزايد الكبير في عدد الجالية التركية في منطقة باسينغ بضواحي ميونيخ تم بناء مسجد بالقرب من مزرعة سابقة.



الكاتب: زابينه بيشيل / هشام الدريوش