جدة - سمير خوجه بكة (واس) : استطاع النادي الأدبي الثقافي بجدة من خلال ملتقى النص الـ 14 الذي اختتم أعماله مؤخراً، أن يسلط الضوء على أهم حقبة تاريخية مر بها المشهد الثقافي السعودي، من خلال ملتقى قراءة النص 14 الذي حمل عنوان: "الحركة الأدبية في المملكة العربية السعودية ما بين 1400 - 1410 .. قراءة وتقويم"، التي استضافت عددا من الأسماء البحثية البارزة من خلال 32 ورقة حكمتها لجنة علمية متخصصة.



وقد بدأ الملتقى بتكريم شخصية الملتقى الناقد والأديب عبد الفتاح أبو مدين، وركزت الجلسات التي عقدت على مدار يومين كاملين، بواقع ثلاث جلسات في كل يوم، على مختلف مواضع حقبة الخطاب النقدي الحداثي في الثمانينات الميلادية من القرن الماضي.

وتم تحديد 8 محاور رئيسية حددتها أمانة الملتقى، التي تمثلت في.. مداخل ورؤى نظرية إلى الحركة الأدبية في المرحلة المدروسة، وعلاقة الحركة بحركة التأسيس والتحديث الثقافي بالمملكة، وعلاقة الحركة بالتنمية الثقافية والاجتماعية في المملكة، وعلاقة الحركة بالحركات الثقافية في العالم العربي، إضافة إلى كتب إبداعية ونقدية مؤسسة للحركة، وشخصيات إبداعية ونقدية مؤثرة في الحركة الأدبية، ومؤسسات إعلامية وأدبية مؤثرة، والمحور الأخير تمثل في الظواهر والقضايا الإبداعية والنقدية.

ويمكن القول بأن المعالجات الثقافية التي عرضت من خلال مقدمي الأوراق الذين تنوع من ما بين ناقدين، وأدباء، وروائيين، وأكاديميين، وباحثين متخصصين، كانت تحمل صفة العمق في جوانب كثيرة ، وهو ما قابله جانب من النقاشات والانتقادات البناءة في بعض التفاصيل التي تحتمل أن تكون هناك وجهات نظر مختلفة.

وما أعطى ملتقى قراءة النص أهمية هو المسارات المتنوعة التي خاض من خلالها الباحثون والباحثات للموضوع الرئيس، برؤى مختلفة امتازت بها كل ورقة عن الأخرى، وبخاصة تلك الإضافات التي تتعلق بمسألة تجذير هوية تلك الحقبة من الزاوية الفكرية العميقة، التي أخدت شكلا صراعيا وجدلا له أبعاد دينية ومجتمعية.



وأكد المشاركون في الملتقى أن الأهمية التي حملها الملتقى في عنوان نسخته الأخيرة، ما قدمه في جوانب كثيرة، وبعض ملامح تلك التجربة ضمن مسار القراءة الهادئة التحليلية، بعد مرور ربع قرن أو ما يقارب الـ 27 عاماً تقريباً، خاض من خلالها في سياق عمليات تحديث والتغيرات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي صاحبت تحولات تلك المرحلة الفكرية والأدبية.

وتمكن الجيل الجديد من الأدباء والأديبات السعوديين، أن يعايشوا تلك المرحلة بفصول مختلفة، ومن خلال شهودها الذين حضروا للملتقى وحاضروا فيه ولا زالوا على قيد الحياة، ما يعني إعطائهم جرعات مهمة لأهم مكون في التاريخ الثقافي والأدبي المحلي، للحصول على الإجابة المهمة.. ماذا حصل؟ وماذا جرى؟ بعيداً عن التباس التعبئة الإيديولوجية، وهو ما كان واضحاً في حضور العناصر الشبابية التي تابعت الجلسات.

التوصيات التي خرج بها البيان الختامي، تحمل هي الأخرى قراءة خاصة، من تبني إعادة قراءة مراحل الحركة الأدبية في المملكة العربية السعودية في عقودها المتلاحقة، إضافة إلى تبني مشروع يؤرخ لمرحلة الثمانينيات الميلادية (العقد الأول من القرن 15 الهجري) تنطلق مما انتهت إليه أوراق الباحثين والباحثات، ضمن مشروع أوسع هو "التأريخ للحركة الأدبية في المملكة".

ولم تكتفِ التوصيات بذلك بل ذهبت إلى ما هو أبعد من ذلك في إعادة طباعة الإنتاج الأدبي النقدي، وجمع ما لم يجمع منه مما هو في أوعية المصادر ونشره، وضرورة التفات الجامعات إلى إعطاء قضايا الأدب السعودي، ما يستحق من الرسائل العلمية "درجتي مرحلتي الماجستير والدكتوراه"، أو المشاريع البحثية المختلفة.

واستطاع الملتقى أن يميط اللثام، عبر قراءة سردية وتحليلية لحقبة الثمانينات، بشكل منهجي وعلمي رصينين وتشكيل رؤية للأدب خلال تلك الفترة وحتى الوقت الحاضر.