نجران - واس : يعد مركز أبحاث تطوير البستنة بمنطقة نجران، واحداً من أبرز الملامح الحضارية بالمنطقة، والمراكز التخصصية الخدمية، بوصفه مختبراً ومعملاً دائماً لتغذية مناطق المملكة بأجود أصناف الحمضيات والفواكه، المحسنة والمطورة والخالية من الأمراض، وذلك منذ تأسيسه عام 1402هـ.



ويقع المركز على مساحة 160 هكتارا (1,600 دونم) في المنطقة الزراعية بحي "الغويْلّه"، ويحتوي على 5,000 شجرة تقام عليها تجارب في المساحات الزراعية، وأساليب الري، والتسميد، وتطوير الإنتاج، وتنوعاته، وغيرها من التجارب الهادفة لخدمة المشروع الوطني في استدامة الزراعة ودعم المزارعين.

ومنذ إنشاء المركز قام بتوقيع اتفاقية ضمن التعاون الفني بين المملكة ممثلة في وزارة الزراعة ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO) تتجدد هذه الاتفاقية كل خمس سنوات، حيث تم عن طريقها احضار باحثين وخبراء مختصين في الزراعة وتطويرها من مختلف دول العالم، حيث رافقهم خلال تواجدهم والقيام بأبحاثهم مجموعة من الكوادر الوطنية التي تم ابتعاثها للخارج في تخصصات الزراعة وأقسامها، ليعودوا بعد ذلك ويستلموا زمام التطوير والدراسات في المركز، الذي أصبح لاحقاً أبرز مراكز الأبحاث في المجال بمنطقة الشرق الأوسط، والعالم العربي.

ويشتمل المركز المكوّن من مجموعة أقسام متكاملة على: الإدارة، والحمضيات، والفاكهة، وخصوبة التربة وتغذية النبات، والري، ووقاية المزروعات الذي يحتوي على بنك الأصول الوراثية.

ورصد مراسل "واس" عددا كبيرا جداً من شجر الأمهات التي يحتويها البنك، حيث توضع في قوالب متخصصة، وتستنبت شتلات أشجار الحمضيات والفواكه من براعمها التي تمت المحافظة على مناخها بدقة عالية جداً باستخدام نظام المحميات الزراعية المطور، الذي يمنع دخول الحشرات، ويحافظ على درجة حرارة مثالية في الجو عن طريق جدران تبريد مائية، ومراوح كبيرة موزعة في جوانب المحمية.

وتضمن هذه الأجواء المحافظة على أنواع الأمهات، حيث يحتوي المركز على أكثر من 125 نوعا من الحمضيات الموجودة في العالم، منها 40 صنفا فقط من "اليوسفي"، و40 صنفا من "البرتقال"، و20 صنفا من "الليمون"، و20 صنفا من "القريب فروت"، وغيرها.



وأوضح مدير عام مركز أبحاث تطوير البستنة بمنطقة نجران المهندس علي بن عبد الله الجليل أن أعمال المركز تتمحور حول تنويع القاعدة الإنتاجية في مجال المحاصيل البستانية، ودعم مراكز وبرامج الأبحاث التطبيقية والمساعدة في تحقيق الاكتفاء الذاتي للمملكة فيما يتعلق ببعض المحاصيل وتخفيض الاستيراد خصوصاً في مجال الحمضيات، حيث كرست القيادة الرشيدة حفظها الله الكثير من الجهود والمشروعات العملاقة لتعميم الإصلاح الزراعي، والاستفادة من الأراضي الخصبة في شتى مناطق الوطن، وتسهيل الطرق للمزارعين لتحسين إنتاجهم ودعمهم في أكثر من سبيل من أجل الوصول إلى إنتاج وطني ذاتي ومستدام.

وأفاد أن من أبرز المهام التي يقوم بها المركز هي إنشاء مزرعة بساتين وحقول تجريبية نموذجية، بالإضافة إلى المختبرات التي تحتاجها، وتحسين وتطوير الطرق الزراعية المختلفة لتناسب الظروف البيئية المحلية، وإقامة مشاتل لإنتاج الفواكه والحمضيات – خصوصا الحمضيات - للاكتفاء أو التقليل من عملية الاستيراد، وكذلك تنفيذ برامج متكاملة في مجال الأبحاث الزراعية، من أجل إيجاد حلول للمشكلات والعوائق التي تواجه زراعة المحاصيل البستانية بصورة عامة والحمضيات بصورة خاصة، مع دراسة الاحتياجات المائية للمحاصيل الرئيسية وطرق الري الحديثة بهدف الاقتصاد في استعمال المياه، كما يقوم المركز بتنفيذ حزمة من البرامج الإرشادية والتدريبية للزارعين والكوادر الفنية بالمنطقة.



وأكد في حديث لـ"واس" أن منطقة نجران من الناحية الزراعية، هي منطقة نموذجية ذات خصبة نادرة، كما ساعد المجتمع الزراعي المميز في المنطقة، على إنشاء سلة غذاء عملاقة، تصدر إنتاجها من الحمضيات والتمور والخضار إلى خارج المنطقة، وصولاً إلى تصدير بعض المحاصيل المميزة إلى خارج المملكة، ورغم شح المياه في الوقت الحالي وجفاف بعض مصادرها، وتناقص إنتاج المزارع والبساتين عما كانت عليه في السابق، إلا أن المنطقة ما زالت حتى اليوم ولّادة للخيرات الزراعية والثمار العالية الجودة.

يذكر أن مركز أبحاث تطوير البستنة في منطقة نجران كان هو المصدر للعديد من الفواكه والحمضيات التي تعج بعض الأسواق العربية بشكل عام، والسوق السعودية بشكل خاص، حيث قام باستيراد بعضها من وجهات متعددة من جهات العالم كالولايات المتحدة والبرازيل وشرق آسيا، وعمل التجارب عليها، وتحقيق طرق استنباتها ورعايتها، ثم بعد ذلك توزيعها للمزارعين والمراكز الزراعية للشروع في زراعتها، منها على سبيل المثال:


- "العنب البناتي"،
- "الحبحب الأبيض"،
- "طماطم أبو شوكة"، وغيرها.