غزة - علا عط االله (الأناضول) : تقطف حورية فرج (48 عاماً)، أوراق نبتة الخبيزة، (إحدى أصناف الأعشاب البرية ذات اللون الأخضر الداكن)، تمهيداً لطهوها وتقديمها وجبة لأبنائها السبعة.



فرج، هي واحدة من النساء في قطاع غزة اللواتي يجدن في نمو بعض الأعشاب البرية الصالحة للاستهلاك الآدمي، والتي لا تحتاج إلى بذور أو أي جهد زراعي، فرصة لتوفير لقمة عيش لعائلاتهن، مع تردي الأوضاع الاقتصادية.

وعادة، تنمو هذه الأعشاب البرية في الأسابيع الأولى لفصل الخريف، مع أول سقوط للأمطار على قطاع غزة، وتنتشر على مساحات واسعة من الأراضي، ويستخدمها الفلسطينيون كأكلات "شعبية".

تقول فرج لوكالة الأناضول، "لا نحتاج لشراء هذه النبتة من الأسواق، فهي متوفرة في الأراضي المحاذية، ومع بقاء زوجي عاطلاً عن العمل، فإننا نجد في هذه الأصناف من الطعام فرصة لخفض المصروفات عند أدنى مستوياتها".



ويعاني قطاع غزة، من ارتفاع في معدلات البطالة، وفق أرقام الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، الذي أعلن أن نسبة البطالة بلغت حتى نهاية الربع الثالث من العام الجاري 43.7٪.

ويقول المواطن الغزي سمعان الهندي (55 عاماً)، إن مشهد اللون الأخضر يبعث على الراحة النفسية، والأهم كما يضيف لوكالة الأناضول، أنه "يوفر وجبات طعام لعدة أيام لأبنائي وأحفادي".

ويتابع، "في غزة، تنمو العديد من النباتات البرية، التي تصلح كوجبات للطعام (...)، الخبيزة أشهر هذه النباتات وطعامها طيب للغاية، كما أنها مفيدة للكبار والصغار بفضل ما تحتويه من فيتامينات".



ويضيف الهندي، "يمر أكثر من أسبوع، ونحن عاجزون عن إعداد وجبة طعام واحدة، بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة، لهذا تشكل النباتات البرية التي تتنشر في فصل الشتاء، فرصة غير مكلفة لتوفير الطعام".

ووفقا لتقارير أعدتها مؤسسات دولية، فإن نحو 80٪ من سكان قطاع غزة، باتوا يعتمدون، بسبب الفقر والبطالة، على المساعدات الدولية من أجل العيش بالحد الأدنى.

بدورها تحوّل السيدة رحمة سليم (50 عاماً)، نبتة "الحماصيص" إلى وجبة طعام، وهي نبتة خضراء تشبه (الملوخية)، ورقها رفيع وطعمها حامض، مشيرة أن هذه الأكلة، "تكاد تكون من أشهر الأكلات الشعبية في فلسطين".



وتتابع، "نضيف حبوب العدس إلى هذه النبتة، ونضعها على النار لتشكل وجبة مفيدة (...)، وهي وجبة ليست مقتصرة على الفقراء فقط، إنها وجبة للفقراء والأغنياء معا".

ووفق كتاب صدر حديثاً في فلسطين حول التنوع الحيوي الصادر عن جمعية الحياة البرية (غير حكومية)، فإن نباتات فلسطين العضوية الطبيعية تتمثل بـ 128 عائلة نباتية، بينها 14 من السرخسيات و124 من النباتات الزهرية.

ويقول أحد المواطنين، ويدعى مدحت، "إن النباتات البرية تعمل على إغاثة الكثير من الأسر"، إذ يقوم بعض من يملكون أراضٍ نمت عليها الأعشاب البرية ببيعها في الأسواق، أو لجيرانهم.

ويستدرك، "الخبيزة أشهر هذه النباتات، ثم الحماصيص، وهناك الرجلة (البقلة)، واللسّيْنة (نبات بري خشن أخضر داكن)، وهناك نبتة الهليون يتم إعدادها مع البيض".

وأشار التقرير السنوي، الصادر عن منظمة مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "الأونكتاد"، مطلع تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أن غزة قد تصبح منطقة غير صالحة للسكن قبل عام 2020، خاصة مع تواصل الأوضاع والتطورات الاقتصادية الحالية في التراجع.

وتفرض السلطات الإسرائيلية حصاراً خانقاً على قطاع غزة، منذ مطلع العام ٢٠٠٦، تسبب في شلل قطاعات واسعة من مناحي الحياة في القطاع.

قراءات: