د. الحاج محمد وصفي (جمعية القلب السعودية) : قال تعالى: {وكلوا وأشربوا ولا تسرفوا إنه لايحب المسرفين}، سورة الأعراف، الآية 31، وهذه الآية الكريمة تعد معجزة من معجزات الطب الخالدة، فهى تأمر بعدم الإسراف في الطعام والشراب لتنجينا وتحمينا ما يقع فيه المسرفين من أوجاع وأمراض ووهن وضعف.



الإسراف بتناول كمية من الطعام: إن كثيراً من الناس يتوهمون أنهم بتناولهم كمية كبيرة من الطعام يزدادون صحة وقوة، وخفي عليهم أن كمية الطعام الزائدة تسبب لهم عكس ما يرجون، إذ تسير بهم إلى الضعف والهزال.

إن الجسم لايستفيد بكل مايلقى فيه من طعام، وإنما يأخذ مجرد كفايته منه، ثم يبذل بعد ذلك مجهوداً كبيراً مما زاد منه عن حاجته، وبجانب هذا تصاب المعدة وسائر الجهاز الهضمي بإرهاق شديد يسلم المرء إلى أمراض معينة خاصة بذلك الجهاز.

- الإسراف في تناول مادة معينة من مواد الطعام: وهنالك إسراف من نوع آخر، وهو تناول مادة معينة من مواد الطعام بنسبة كبيرة تطغى على النسب اللازمة من المواد الأخرى، كالإسراف في تناول الزلاليات كاللحوم، بحيث تطغى هذه الزلاليات على مايحتاجه الجسم من نشويات، كالخبز والأرز، أو مواد سكرية، أو دهنيات، كالسمن والزيت، أو بالعكس.

فالطعام يجب أن يكون محتوياً على جميع العناصر اللازمة لعمليات البناء والهدم في الجسم بنسبها الصحيحة مع عدم إغفال الفيتامينات الموجودة في الفاكهة والخضروات، وعدم إغفال مايلزم الجسم من ملح الطعام وغيره من سائر الأملاح والماء.

فاللحوم مثلاً، والإكثار منها، يعرض الإنسان للإصابة بأمراض الكُلى وضغط الدم وتصلب الشرايين، والإسراف مثلاً في تناول السكر الأبيض النقي والحلويات المصنوعة منه يضر كذلك بالجسم ضرراً بليغاً للميل العجيب الذي في السكر إلى الأتحاد بالكلسيوم، فعندما يزيد السكر الذي في الجسم عن حد معين فإن المقدار الفائض يتحد ببعض الكلسيوم الموجود في الأنسجة، ويضطر الدم أن يعوض مافقده منه فيأخذه من العظام والأسنان، ويؤدي هذا إلى نخر الأسنان وضعف العظام، وهكذا الشأن في الإسراف في مادة معينة من مواد الغذاء.



- الإسراف بالإكثار من الأغذية المركزة: ومن الإسراف الإكثار من الأغذية المركزة، فتناول الأغذية البروتينية المركزة مثلاً، مثل البيض واللحوم والأسماك والجبن المركز والطيور، يضر بالجسم ضرراً بليغاً من ناحية معينة، فإن الجسم في حاجة إلى المأكولات التي تحتوي على مقدار كاف من الألياف والمواد السيلولوزية، كالفاكهة والخضروات، حتى لاتحدث الإمساك الذي يسبب الحموضة في الجسم ، فإن بقاء الكتلة البرازية في الأمعاء معناه أمتصاص الجسم لبعض ماتحتوي عليه من المواد السامة والنفايات الحامضية، وهكذا.

- فرضية الأكل والشرب: والآية الكريمة مع نهيها عن الإسراف في الأكل والشرب، تأمرنا أن نأكل ونشرب محافظة على أبداننا وحيويتنا، ولتعويض أجسامنا وخلاياها عما تفقده أثناء تأدية وظائفها الفسيولوجية الحيوية.

قال الله تعالى: {يأيها الناس كلوا مما في الأرض حللاً طيباً ولاتتبعوا خطوات الشيطن إنه لكم دو مبين}، سورة البقرة / الآية: 168، وقال: {يأيها الرسل كلوا من الطيبت وأعملوا صلحاً إني بما تعملون عليم}، سورة المؤمنون، الآية : 51.