شيكاجو - جولي ستينويسن (رويترز) - يعمل الباحثون في مجال السرطان بهمة على فهم أبعاد الاكتشافات التي حصلت على جائزة نوبل للكيمياء لعام 2015 التي منحت يوم الاربعاء لثلاثة علماء اكتشفوا كيفية قيام الخلايا باصلاح التلف الذي يلحق بالحمض النووي لدى انقسام الخلية.



حين تفشل آلية اصلاح الحمض النووي (دي.ان.اي) يصبح الإنسان عرضة للاصابة بالسرطان. ويصدق هذا تماما مع الاشخاص الذين تتلف لديهم آلية الاصلاح التي اكتشفها بول مودريك الباحث بمعهد هاوارد هيوز الطبي وكلية الطب بجامعة ديوك الامريكية.

وفاز كل من الامريكي مودريك والسويدي توماس لندال والتركي عزيز سنكار بجائزة نوبل للكيمياء عن ابحاثهم الخاصة بآليات اصلاح الحمض النووي ووضع خريطة لكيفية قيام الخلايا باصلاح هذا التلف حتى لا تظهر هذه الاخطاء في المعلومات الوراثية.

وأثبتت الأبحاث اللاحقة التي قام بها الدكتور بيرت فوجيلستاين من مركز كيميل للسرطان التابع لجامعة جونز هوبكينز وريتشارد كولودنر الذي كان في ذلك الوقت في كلية الطب بجامعة هارفارد ويعمل حاليا بجامعة كاليفورنيا في سان دييجو أن فشل آلية الاصلاح هي السبب الرئيسي للنوع الشائع الوراثي لسرطان القولون والمستقيم الذي يصيب 15 في المئة من مرضى سرطان القولون.

هذا التلف قد يساعد الآن على تحديد المرضى الذين يمكن أن يستفيدوا من العلاجات القائمة على تنشيط الجهاز المناعي وهو ما يعد بطرح عقاقير جديدة تجند الجهاز المناعي لمحاربة السرطان.

وأظهرت دراسة صغيرة نشرت في دورية نيو انجلاند الطبية في وقت سابق من العام ان 92 في المئة من مرضى الحالات المتقدمة لسرطان القولون والمستقيم الذين لديهم تلف في الية الاصلاح استجابوا للدواء الذي تطرحه شركة ميرك آند كو باسم كيترودا القائم على تنشيط الجهاز المناعي مقارنة بنحو 16 في المئة فقط من المرضي الذين لا يعانون من هذا التلف.

ويقول فوجيلستاين إن هذه الاكتشافات يمكن أن تطبق أيضا على مرضى أنواع اخرى من السرطان لديهم تلف في آلية اصلاح الحمض النووي.

وقال في حديث هاتفي "تلف الية الاصلاح لا يوجد فقط لدى مرضى سرطان القولون والمستقيم الوراثي بل لدى نحو اثنين في المئة من اجمالي مرضى السرطان."

ويقول إن تلف هذه الآلية هو علامة واضحة لمدى استجابة المرضى لعقاقير مثل كيترودا لان المرضى الذين يعانون من هذا التلف لديهم أورام تتكاثر مع التحورات أكثر من المرضى الذين لديهم جينات اصلاح تؤدي وظيفتها.

ويعتقد الباحثون في هوبكينز أنه نظرا لان جهاز المناعة مدرب على التعرف على الغزاة الدخلاء فيمكن للعلاجات التي تعزز الجهاز المناعي مثل عقار كيترودا أو عقار اوبديفو الذي تنتجه بريستول مايرز سكويب ان تعمل بكفاءة أكبر للتصدي للاورام التي تنطوي على تحورات.

وحتى الآن رغم قوة هذه الاكتشافات الا انها لا تزال مبدئية ويقول فوجيلستاين انه اذا طبقت نفس هذه الاستراتيجية على أنواع السرطان الأخرى "فقد توفر علاجا مفيدا للغاية لواحد من بين كل خمسين مريض بالسرطان على مستوى العالم."




من هو عزيز سنجار "التركي الفائز بجائزة نوبل للكيمياء"؟
جلال سلمي - (ترك برس) -- أعلنت الهيئة العامة لجائزة نوبل، بتاريخ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2015، بأن المواطن التركي عزيز سنجار أحد الفائزين الثلاثة بجائزة نوبل للكيمياء، وفي ظل حصول سنجار على هذه الجائزة أصبح لازمًا التعريف به وبشخصيته وحياته ومسيرته العلمية التي تُعتبر بمثابة تحدي يُقتدى به من أجل الوصول إلى النجاح الباهر والقمم العالية.

ـ ميلاده وطفولته:
وُلد عزيز سنجار بتاريخ 8 أيلول/ سبتمبر 1946 في بلدة سفور التابعة لمدينة ماردين الواقعة جنوب شرق تركيا بين أحضان عائلة فقيرة تعتمد في تأمين قوتها على الزراعة. يُعتبر عزيز سنجار الابن السابع لعائلته من بين ثمانية أبناء، كان والداه لا يجيدان القراءة والكتابة ولكنهما كانا على دراية تامة بأهمية وفائدة العلم لذا قاموا بالاهتمام بجميع الأبناء وحرصوا على أن يتلقوا تعليمًا جيدًا.

أنهى سنجار مرحلة تعليمه الابتدائية والاعدادية والثانوية في مسقط رأسه، كان سنجار مُحترف في حراسة المرمى وتم دعوته من قبل الدولة ليكون أحد أعضاء الفريق القومي للمتدريبين الناشئين.



ـ مسيرته التعليمية والحياتية:
على الرغم من انجذاب سنجار إلى كرة القدم إلا أنه فضل إكمال مسيرته التعليمية علي الرياضة، وفي عام 1963 تخرج من الثانوية العامة بعلامات تؤهله للدراسة في كلية الطب التابعة لجامعة إسطنبول، وبعد إنهائه لدراسة الطب عام 1969 عاد إلى بلدته سفور وعمل بها طبيبًا عامًا لمدة عامين، وفي عام 1971 ذهب إلى ولاية دالاس الأمريكية ليلتحق ببرنامج الدراسات العليا الخاصة بعلوم الأحياء الجزيئية في جامعة تكساس دالاس، وبعدها التحق بجامعة ييل ليعمل بها كدكتور أكاديمي مُحاضر وأكمل رسالته الخاصة بمرحلة الأستاذ المشارك بها وذلك في مجال "تحسين وإصلاح الحمض النووي".

أكمل سنجار عمله في نفس الجامعة وأبقى على أبحاثه الخاصة بتصنيف الحجرات والساعة البيولوجية وعلاج مرض السرطان وكتب في هذه المجالات أكثر من 415 مقال علمي و33 كتاب بحث علمي. تزوج عام 1997 من زميلته الأمريكية في الجامعة الدكتورة ساره جراهام وأكملا أبحاثهما ومسيرته البحثية مع بعضهما وفي نفس الجامعة والمختبرات.

إلى جانب إبداعته البحثية يتمتع سنجار بحس إنساني رقيق إذ عمل مع زوجته على تأسيس "جمعية العلاقات التركية الأمريكية" لمساعدة الطلاب الأتراك بشكل خاص والطلاب المغتربين من جميع أنحاء العالم بشكل عام، تقع الجمعية في ولاية كارولينا حيث مكان إقامة الزوجين.



ـ جوائزه:
كرس سنجار نفسه لمسيرة البحث العملي منذ تخرجه من جامعة إسطنبول عام 1969 وبعد انتقاله إلى الولايات المُتحدة الأمريكية كثف من أبحاثه ونشاطته البحثية لوجود البيئة المُساعدة والداعمة لذلك؛ كانت أبحاثه تُركز بشكل عام على العلاج الكيميائي لمرض السرطان، واستطاع مع أصدقائه الوصول إلى علاج يُعلاج سرطان الدم وسرطان الكبد كما يسعون إلى إيجاد علاج لجميع أنواع الأمراض السرطانية؛ ويمكن سرد الجوائز التي حاز عليها خلال مسيرته التعليمية بالشكل التالي:


ـ جائزة جمعية العلوم القومية في أمريكا الخاصة بالباحثين الشباب عام 1984

ـ جائزة جمعية علوم الأحياء الأمريكية عام 1990

ـ جائزة المعهد الصحي القومي عام 1995

ـ جائزة مؤسسة تركيا للأبحاث العلمية والتقنية "توبيتاك" عام 1997

ـ جائزة الأكاديمية الأمريكية للعلوم عام 2004

ـ جائزة أكاديمية العلوم التركية عام 2006

ـ جائزة وهبي كوتش التركية 2007

ـ جائزة نوبل للكمياء بتاريخ 7 أكتوبر 2015


وبعد إعلان فوز سنجار بجائزة نوبل اتجهت وسائل الإعلام إلى خلق "تصنيف عرقي" لشخصية عزيز سنجار الذي يتوقع أن يكون من أصول عربية، وبعد وصول نبأ هذا التصنيف لسنجار الذي علم بذلك من خلال لقائه مع قناة بي بي سي الإنجليزية ظهرت عليه علامات الغضب والانزعاج الشديدين من هذا التصنيف" المُخزي"؛ على حد تعبيره.

وخلال اللقاء الذي تم بتاريخ 8 أكتوبر 2015، قام صحفي البي بي سي بتوجيه سؤال إلى سنجار بخصوص أصوله العرقية وسأله "هل أنتم من أصول عربية كما تتدعي بعض القنوات الإعلامية؟" وانزعج سنجار من هذا السؤال انزعاجًا شديدًا ورد على الصحفي بالقول "إن كنت عربيًا أو كرديًا هذا أمر جميل ولكنني لا أعرف لغة أي من تلك القوميات أنا لا أعرف إلا اللغة التركية ولا أحمل إلا الجنسية التركية إذًا فأنا تركي وأمثل الجمهورية التركية ولا داعي للتداعيات القومية والعرقية".