أنقرة - واس : انطلقت وزارة العمل من 5 محاور أساسية لمعالجة تحديات ومعوّقات تقف في طريق تكوين سوق عمل واثق وقوي يوفّر وظائف مجزية ترفد مساعٍ المملكة في تحقيق النجاح والتقدّم مستقبلاً، تزامناً مع الفوائد التي جنتها المملكة، وما تشهده من تحسّنات ملحوظة وواضحة المعالم في الأعوام الماضية حتى الآن، من أهمها انخفاض معدل البطالة إلى 5.7%، فيما بلغ معدل مشاركة القوى العاملة بنسبة 54%.



وأبانت الوزارة في تقريرها السنوي لسوق العمل السعودي الذي أفصحت أمس، على هامش اجتماعات وزراء العمل والتوظيف بدول مجموعة العشرين (G20)، بالعاصمة التركية أنقرة، أن المملكة ارتقت خلال العقود القليلة المنصرمة إلى مصاف دول مجموعة العشرين، جراء خطط التنمية الاقتصادية المتسارعة التي اعتمدتها.

ويجري في الوقت الحاضر - بحسب الوزارة - استكمال عمليات تحوّل واسعة النطاق في المملكة بشكل عام وفي سوق العمل فيها بشكل خاص، الأمر الذي سيُكسب التنمية الاقتصادية في المملكة تسارعاً أكبر على مدى السنوات المقبلة، مبينة وجود مجالات متاحة وإمكانات كبيرة للنمو بالاقتصاد الوطني، والارتقاء بهذه المعدلات، بعد إجراء مقارنة مع بقية دول مجموعة العشرين.

وعودة لأهم التحديات والمعوقات التي تواجهها المملكة على مستوى سوق العمل، أفاد التقرير أنها تتجلى في النقص الواضح في الوظائف المجزية في القطاع الخاص، التي يفضّلها السعوديين، والاعتماد الزائد على الوافدين في القطاع الخاص، كما إن نسبة البطالة لدى الشباب أعلى من نسبة البطالة على صعيد المملكة ككلّ، فيما يأتي التحدي الرابع في أن الطلب على العمالة لا يتطابق بشكل كفء مع المعروض من العمالة، وأخيراً مشاركة القوى العاملة النسائية ما زالت منخفضة بالمقارنة مع مشاركة الرجال، وللتغلّب على هذه التحديات، عمدت الوزارة إلى جانب منظومة العمل إلى وضع استراتيجية تساعد في تحسين مستوى سوق العمل.

ومن خلال الاستثمار المدروس الواسع، والتحليل الدقيق، وعبر استقاء الدروس والعبر من الدول الأخرى، طرحت الوزارة أكثر من 140 برنامجاً هادفاً في مجال العمل، حيث جرى تصميم كل برنامج منها ليكون لبنة أساسية تدعم الركائز الرئيسية الخمس التي تتكوّن منها استراتيجية سوق العمل، المتمثلة في إيجاد وظائف مجزية في القطاع الخاص، وتطوير وصقل مهارات القوى العاملة السعودية، وزيادة حصة المواطنين السعوديين في سوق العمل، وتزويد الآليات الأساسية الكفيلة بتشكيل ودعم سوق عمل سعودي قوي، ورعاية الأفراد عبر برامج الحماية الاجتماعية.



وشددت وزارة العمل في تقريرها على أن التطبيق والاعتماد الناجح لمثل هذه الاستراتيجية، لم ولن يتحقق بشكل فردي؛ إذ يعتمد أولاً بشكل كبير على توظيف التقنيات التي تساعد في ابتكار برامج إلكترونية، وتساهم في إبقاء عامة الناس على إطلاع دائم على المعلومات المهمة في سوق العمل، بينما تتطلّب ثانياً مراعاة السياسات المطبّقة بمشاركة فاعلة وواسعة النطاق من القطاع الخاص باعتباره المساعد في خلق الوظائف، واستيعاب العدد المتزايد من السعوديين ضمن القوى العاملة مستقبلاً، فيما يأتي الأهم ثالثاً في أن هذه الاستراتيجية تستند في المقام الأول على الأفراد السعوديين أنفسهم؛ فهم من يجب أن يغتنم الفرصة بالاستفادة من البرامج المتاحة والمتوفرة، وعليهم أن يوظفوا الوقت والجهد للارتقاء بقدراتهم وصقل مهاراتهم، لما فيه نهضة المملكة ورفعتها في المستقبل.

وتطرق التقرير إلى المبادرات المعتمدة، مشيراً إلى العديد من البرامج الواعدة للمملكة ولسوق العمل فيها، مثل برنامج التدريب والتطوير المهني والذي ساهم سلفاً في إفادة أكثر من 50 ألف شاب ممن انخرطوا في البرامج لتحضير أنفسهم والتزوّد بالأدوات والإمكانات اللازمة لدخول سوق الوظائف.

وفي خطوة جديدة وسعياً إلى توفير الدعم المطلوب للباحثين عن عمل، ولزيادة فرص حصولهم على وظيفة مناسبة ومساعدتهم على تحقيق المهارات المطلوبة في سوق العمل، وحّد صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف) البرامج الخاصة بدعم التوظيف والتدريب ضمن بوابة وطنية شاملة، باسم (البوابة الوطنية للعمل)، والتي تمثّل أداة إلكترونية فعالة تساعد الباحثين عن عمل في إيجاد الوظيفة المناسبة لقدراتهم.

وتناول التقرير مبادرة منصة "معاً" الإلكترونية بوصفها واحدة من أهم المبادرات التي تعنى بتحقيق الأهداف المنشودة في مجال صناعة سوق عمل قوي وواثق، لاسيما أن المنصة ستكفل مشاركة عامة الناس في عملية وضع السياسات، والتي وصل زوارها إلى أكثر من 228 ألف زائر خلال عام واحد فقط.

وأكدت وزارة العمل أن هناك العديد من البرامج التي ما تزال في المراحل الأولى التحضيرية، والتي سيكون لها أثر إيجابي واضح سيتعاظم نطاقه بشكل ملحوظ في المستقبل، لافتة إلى أن الحكومة السعودية على يقين وثقة بأن استراتيجية سوق العمل ستتكلل بتحقيق أفضل النتائج، ولكنها تدرك أنه ما يزال هناك دروس وعبر كثيرة لتستقيها من خبرات وتجارب ومعارف الدول الأخرى، و خبراء سوق العمل.



بدوره أوضح وكيل وزارة العمل للشؤون الدولية الدكتور أحمد الفهيد في تصريح صحفي لوكالة الأنباء السعودية اليوم خلال حضوره اجتماعات وزراء العمل والتوظيف بدول مجموعة العشرين (G20)، التي تستضيفها العاصمة التركية أنقرة، ضمن الوفد السعودي، أن الاستراتيجية من شأنها تكوين سوق عمل قوي يوفّر وظائف تدعم إتجاه المملكة نحو النجاح وضمان مستقبلٍ إقتصادي رصين.

ولفت النظر إلى أن من ضمن هذه الاستراتيجية إيجاد مقارنة من خلال إدارة جيدة ذات علاقة بالعمالة الوافدة والمحلية، وإقرار خطة متكاملة لتطوير مهارات الشباب عبر شراكة فاعلة بين الوزارة والقطاع الخاص، لخلق اقتصادٍ مرن وذكي بإمكانه التجاوب مع جميع متطلبات القطاع الخاص المتعلقة بالمهارات المتوافرة لدى الشباب، التي تقدم عملاً نموذجياً يرقى لتطلعات هذا القطاع الهام اقتصادياً.

وأشار الدكتور إلى التقرير الذي بدأت الوزارة إصداره منذ العام الماضي، ليقدم من خلال اجتماعات مجموعة العشرين (G20)، حيث يكون هناك عملية متابعة لما جرى الاتفاق عليه من جميع الدول، مشيراً إلى أن هناك مؤشرات أداء لكل الدول تكشف مدى تحقق من الاتفاقيات وما أنجز منها، منوها بالتقرير الأول الذي أصدرته أن المملكة العام الفائت، الذي يؤكد مبدأ الشفافية، بتسليطه الضوء على جهود الوزارة الدؤوبة لاستيفاء وتحقيق جميع ما جرى الاتفاق عليه في الاجتماعات السابقة لـ (G20)، وتناوله التحديات والعقبات التي واجهت العمل في سبيل تحقيق هذه الاتفاقيات، متضمناً المقتراحات التي تساعد على مواجهة هذه التحديات وتذليل العقبات التي تعقيق الوصول لنتائج مثالية في التعامل مع الاتفاقيات.

وأكد أن وكيل الوزارة أن تقرير هذا العام استعرض الأنجازات التي تحققت، فيما يتعلق بقرارات مجموعة العشرين (G20)، وتطلعات المملكة للمستقبل، التي شملت رفع نسبة المشاركة خصوصاً في المهن التي تتركز على الشباب والمرأة، إلى جانب الاتفاق مع بقية الدول على خطة خفض البطالة في شريحة الشباب إلى أقل من 15% لعام 2025م، كاشفاً عزم الوزارة على وتوجهها للاستمرار في إصدار التقارير المماثلة للأعوام القادمة.

وحول أبرز مبادرات الوزارة وأثرها على السوق أشار الدكتور الفهيد إلى مبادرة ذات علاقة باستراتيجية الوزارة الحالية تجاه سوق العمل في المملكة، لافتاً النظر إلى أن هناك عدد من التحديات التي لا تعيشها أسواق العمل بلدان أخرى، على غرار نسبة العمالة العالية في القطاع الخاص، وكيف تعمل الوزارة على تذليلها من خلال تلك الاستراتيجية تناولتها مبادرتها.