الطائف - واس : يختتم سوق عكاظ في نسخته التاسعة (1436هـ 2015م) يوم غد برامجه ونشاطاته الثقافية والتاريخية ليسدل الستار أمام زواره الذين تشوقوا خلال جولاتهم اليومية بين أركانه إلى الماضي التليد الذي نُقلت تفاصيلة برؤى فنية قيمة جعلت الكثير من مرتادي عكاظ يتطلعون بشوق لرؤيته العام المقبل بحلة جديدة - بإذن الله -.



وأوضح مدير الإعلام في سوق عكاظ محمد سمان أن حضور ومشاركة ضيوف سوق عكاظ هذا العام من الشعراء والأدباء والمثقفين والمفكرين والعلماء جاء ليؤكد مكانة السوق الثقافية، وأنه لا يهدف إلى محاكاة الماضي فقط، وإنما يسعى أيضاً إلى استشراف المستقبل، ونقل المفاهيم والعلوم المستقبلية من خلال برنامج "عكاظ المستقبل".

وقال محمد سمان : إن كلمة المستقبل هي العنصر الرئيس في برامج سوق عكاظ وأنشطته المتنوعة، وكانت حاضرة في حديث صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز مستشار خادم الحرمين أمير منطقة مكة المكرمة رئيس اللجنة الإشرافية للسوق مع ضيوف السوق من الأدباء والمثقفين والشعراء والإعلاميين، وفي تفاصيل جميع الندوات والمحاضرات المدرجة ضمن البرنامج الثقافي".

وأضاف أن الحدث الأبرز هذا العام ــ تمثل في إعلان انضمام حقل الريادة المعرفية كأحد أهم العناصر في "عكاظ المستقبل"، حيث أعلن سمو أمير منطقة مكة المكرمة ورئيس اللجنة الإشرافية استحداث جائزة جديدة ضمن جوائز سوق عكاظ السنوية تخصص لريادة الأعمال في الحقل المعرفي، وتضاهي في قيمتها المعنوية والمالية جائزة شاعر عكاظ، على اعتبار أن سوق عكاظ تعتني بالاقتصاد والصناعة والتجارة.



وخلال الندوة، أعلنت إمارة منطقة مكة المكرمة وبتوجيه من سمو أمير المنطقة تعاقدها مع شركة التجربة البصرية وهي شركة يملكها شابين من رواد أعمال حقل الريادة المعرفة، وذلك وفق الرؤية الطموحة لسوق عكاظ لأن يكون واجهه حضارية عن الإنسان السعودي والعربي. وبحسب العقد الذي وقعه الدكتور سعد مارق مستشار سمو أمير منطقة مكة وأمين عام اللجنة الإشرافية لسوق عكاظ وعبد الواحد الزايدي الرئيس التنفيذي لشركة التجربة البصرية بإنتاج محتوى إعلامي جديد عبارة عن وساط وتطبيقات تنقل رسالة ورؤية سوق عكاظ الحاضر والمستقبل إلى العالم في قالب عصري.

ولم يفوت البرنامج الثقافي لسوق عكاظ الرجوع إلى جذور الثقافة العربية، فعاد إلى تلك الجذور عبر ندوة "شعر لبيد بن ربيعة" قراءات نقدية"، وقدمها د. محمد ربيع، شارك بها د. عبد الله التطاوي، ود. ناصر الرشيد، ود. ماجد الجعافرة، ود. عبد الحق الهواس، وأتفق فيها النقاد على أن الدراسات التي وردت حول شعر لبيد بن ربيعة كشفت عن مقومات فنية لاسيما في معلقته، بدراسات موضوعية وفنية على اختلاف المناهج والمشارب النقدية، بين الأسلوبية والبينوية.

وأختلف النقاد حول شعر لبيد بعد إسلامه، لكنهم اتفقوا على أن لبيد آثر بالنجاة بنفسه منذ أن حسن إسلامه وفضل الزهد والورع والفرار من المهالك، فلم يشأ في الانخراط في مدارس شعرية أو اتجاهات فنية، في ظل عزلته الإنسانية.

وفي الندوة المخصصة للشاعر محمد الخطراوي التي شارك فيها كل من : الدكتور عبد الله عسيلان، والدكتور محمد الدبيسي، والدكتورة



أسماء أبو بكر، والدكتور حمد القحطاني، وأدارها الدكتور صالح الغامدي، أكد النقاد أن الشاعر محمد العيد الخطراوي لم يكن شاعرًا فحسب إنما كان معلمًا وموجهًا وباحثًا واسع الإدراك عميق النظر وناقدًا بصريًا وكاتبًا يملك مواهب أدبية متعددة، مشيرين إلى إن من يتأمل فيما ترك لنا من مؤلفات وبحوث علمية وأدبية وبرامج في الإذاعة والتلفزيون ومقالات في الصحف والمجلات يدرك مدى ما كان له من عطاء معرفي وثقافي وأدبي خصوصًا وأن أثرها الأدبية تجاوزت أكثر من خمسين كتابًا وبحثًا من بينها عشر دواوين شعرية.

وكون سوق عكاظ يهتم بالحاضر، فقد شهد البرنامج الثقافي أيضاً ندوة سلطت الضوء خلالها على التحديات التي تواجه دول الخليج العربي، وأدارها الدكتور عثمان الصيني، وشارك فيها كل من الدكتور علي فخرو، والدكتور محمد الرميحي، والدكتور مشاري النعيم، وأجمع المشاركون فيها على ضرورة الحفاظ على الهوية العربية وحل المشكلات الداخلية بالالتفات إلى القضايا المعاصرة وإيجاد مظلة لاستيعاب المتغيرات، مع الاستفادة من العقول والباحثين في الإصلاح السياسي والأنظمة الاقتصادية ونشر الثقافة الديموقراطية العادلة.

واستعرض المشاركون ما حققه مجلس التعاون الخليجي عبر مسيرته من تقدم ورقي لمنظومة دوله وتطرقه لمختلف القضايا التي تهم مستقبل المنطقة واقتراح الحلول العاجلة لها، كما تناولوا أهمية تحول دول الخليج إلى مجتمع منتج بدلاً من مستهلك والتركيز على التعليم والمناهج والاقتصاد والتدريب.



ووفد إلى سوق عكاظ مجموعة من الأدباء والكتاب لاستعراض تجاربهم في الكتابة أمام المهتمين بالتعرف على تلك التجارب، وذلك عبر محور "تجارب الكتّاب" الذي أفردت له اللجنة الثقافية جلستين خاصتين، بينهم لروائي التونسي حافظ محفوظ، والسعودي فهد الخليوي.

وهطل الشعر غزيراً في سوق عكاظ، فأغرق الحضور في بحر من عذوبة الكلمات، بأصوات مجموعة من الشعراء قدموا من داخل المملكة وخارجها، في ثلاث أمسيات شعرية، أدارها الأولى منها الدكتور عبد الله حامد، وشارك فيها كل من: شاعر عكاظ هزبر محمود، وحيدر محمود، وإيمان آدم، ومحمد يعقوب، وعلي عمران، وأدار الثانية الدكتور. عادل باناعمة وشارك فيها كل من: عبد الرحيم السليلي، جاسم عساكر، عفراء خوجلي، عيد الحجيلي، مناهل عساف، وعبد الله فيلكاوي، فيما خصصت الأمسية الثالثة للشعراء الشباب، بينهم ثلاث شعراء حصلوا على لقب شاعر عكاظ، وهم: حسن طواشي، حيدر العبد الله، وإياد حكمي، إضافة إلى مشاركة دلال المالكي، ومفرح الشقيقي، وأدارها الدكتور زياد آل الشيخ.

وفي الشعر أيضاً، كان ضيوف وزوار سوق عكاظ على موعد مع حدث جديد لهذا العام وهو المساجلات الشعرية التي أبرزت مواهب حفظ الشعر في منافسة استمرت أربعة أيام، كان من أبرزها مشاركة أب وثلاثة من أبناءه، وجاءت النتيجة بحصد ثلاث متسابقين المراكز الثلاث الأولى في جولات شارك خلالها ثلاثون متسابقًا تم توزيعهم إلى ثمان جولات على مدى ثلاثة أيام، وفاز بالمركز الأول فايز خميس محمد من مدينة جدة وهو طالب في مرحلة الماجستير بجامعة الطائف ومبلغ ثلاثون ألف ريال، وفاز بالمركز الثاني (عشرون ألف ريال) عبد اللطيف حضيض الحمياني معلم متقاعد من مدينة عنيزة، ونال المركز الثالث وجائزة عشرة آلاف ريال عبد العزيز إبراهيم الإمام من مدينة جدة ويعمل "محاسب قانوني" في إحدى المكاتب الأهلية بجدة.



وجسدت مسرحية سوق عكاظ "سراة الشعر والكهولة" شخصية الشاعر لبيد بن ربيعة، وتم عرضها خلال افتتاح السوق ولمدة خمسة أيام، شهدت خلالها حضوراً جماهيرياً وإعجاباً بالمستوى الفني الذي ظهرت فيه، ما دعا المتابعين للسوق بتسميتها أيقونة سوق عكاظ في دورته التاسعة (1436هـ 2015م).

كما شملت جادة سوق عكاظ أعمالاً مسرحية درامية تاريخية متنوعة "مسرح الشارع" تمثل جوانب الحياة والأنشطة التي كانت تتم في سوق عكـاظ قديماً وتؤدى باللغة العربية الفصحى، إضافة إلى إلقاء الشعر العربي الفصيح وبخاصة المعلقات، وإلقاء الخطب، التي بنيت عليها شهرة سوق عكـاظ، ويؤديها ممثلون محترفون وهواة.

ومثل "حي عكاظ" الأحياء القديمة التي كانت تقام في السوق، ويحتوي على عناصر مختلفة من الحياة القديمة، مثل بيوت الشعر المصنوعة من مواد خاصة بالسوق ومجهزة من الداخل على الطراز العربي، وشاهدوا عروضاً لنماذج من لحياة اليومية المعروفة في السوق قديماً، مثل مرور القوافل والشعراء على الإبل والخيل وإلقائهم قصائدهم وأدبهم في السوق باللغة العربية الفصحى، وتسوقوا من محال الحرف والصناعات اليدوية التي يعمل فيها حرفيون وحرفيات من المملكة وبعض الدول العربية.

وشهدت خيمة المعارض إقبالاً من الزوار شارك فيها أكثر من 20 جهة حكومية في معارض متخصصة، منها : الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، وزارة التعليم، مكتبة الملك عبد العزيز، وزارة الثقافة والإعلام، دارة الملك عبد العزيز، مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، أمانة محافظة الطائف، الجمعية السعودية للثقافة والفنون، الهيئة السعودية للحياة الفطرية، جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، أمانة جدة، هيئة تطوير مكة والمشاعر، إضافة إلى معارض للفائزين بجوائز سوق عكاظ للتصوير الضوئي، والخط العربي، ولوحة وقصيدة، لتتاح للزائرين الإطلاع على أفضل الأعمال المشاركة والمتميزة والتي حصدت الجوائز.

ونال محبوا وجماهير الفنون الشعبية عبر جادة عكاظ وجبة تراثية دسمة شارك فيها 15 فرقة من جميع محافظات منطقة المكرمة، تنافست خلال 9 أيام على تقديم عروض "العرضة"، "الخبيتي"، "المزمار"، "البدواني"، وفنون أخرى تفاعلوا معها بالتصفيق تارة، وبترديد الأهازيج تارة أخرى.