الطائف - عقيل الحاتمي (واس) - تتميز محافظة الطائف عن غيرها من محافظات المملكة بفنونها الشعبية الخاصة التي تؤدى على شكل رقصات وايقاعات تتنوع بحسب الاحتفالات والمناسبات الاجتماعية التي تخص أهالي الطائف وقراها.



ومن أقدم هذه الفنون الشعبية التي اشتهرت بها الطائف فن "القصيمي": وهو فن شعبي تراثي ظهر في محافظة الطائف وما جاورها من قرى، وينقسم لثلاثة أقسام: القسم الأول يخص سكان البوادي، وهو بداية هذا الفن، وطريقة أداءه تكون بضرب كفوف المؤدين بشكل منسق مع رد الشاعر وهو يشبه لحد ما فن "المراد" في الحجاز، وفن القلطة في الخليج العربي، والقسم الثاني يخص قرى الطائف ويؤدى بنفس طريقة القسم الأول ولكن مع استعمال طارين أو ثلاثة، ويتميز عن الأول بسرعة الأداء والضبط الايقاعي المنسجم، أما القسم الثالث هو خاص بسكان مدينة الطائف نفسها ويقوم المؤدون بتأديته على أنغام مجموعة من الطِّيران التي تزيد عن ستة، وهو شكل مطوّر للقسمين الأول والثاني، ويشبه فن "المجرور" من حيث الايقاع، وبعض طرق الأداء الجماعية، ويتطابق القصيمي مع المجرور كونه الأصل في ما يسمى بالكسرة، وعادةً المؤدين للمجرور لديهم القدرة على تأدية فن القصيمي.

واشتهرت الطائف بفن "المجرور الطائفي" الذي ميزها عن غيرها، ووصلت شهرة هذا الفن إلى خارج حدود الوطن واستعان بألحانه أشهر الملحنين العرب، وظهر فن "المجرور" عام 1280هـ، بمسمى "النص الرائق" وكان يؤدى على طريقة "الهزعة" و "الرجعة"، و "المجرور" انبثق اصلاً من فن "القصيمي"، حيث ادخلت عليه ألحان أخرى جديدة وطرأ عليه سلم موسيقي ينسجم انسجاماً تاماً مع ألحانه المعروفة، وتعددت الحركات التي يؤديها اللاعبون، وكان للفنان طارق عبد الحكيم والفنان مسفر القثامي دوراً كبيراً في تطوير السلم الموسيقي للمجرور، الذي صارت له عدة أنواع منها: "المربوع" و"المخموس" و"السامر" وهو خاص بالنساء.



واشتهرت عدد من الأحياء والمناطق بمحافظة الطائف بفن "المجرور" وهي : أحياء قروى والمثناة والسلامة والعقيق وأم الخبز (الفيصلية) والقطبية والجال والحزمان، بالإضافة إلى منطقتي الهدا ووادي المحرم الغربية عدد من الأحياء والمناطق الطائف، ومن اشهر شعراء المجرور عبد الله بن هزاع الشريف والشريف علي باشا والشريف ناصر الغالبي وحمزة الغالبي وكامل بن شحاته، ومن القبائل التي اشتهرت بهذا الفن الشعبي ايضاً قبائل طويرق وعدد من القبائل المجاورة للطائف، وغُنى بفن "المجرور" في بدايته بشعر "القصيمي" بدون الطار وفي عام 1230هـ أدخل سكان حي السلامة بالطائف عليه الرقصات والحركات الموجودة الآن مع رد التحية برقصة معينه بالإشارة اثناء الغناء والضرب على الدفوف.

والتقت "واس" بفنان الطائف الدكتور حسن عبد الله اسكندراني الذي أوضح أن فن "المجرور" من الفنون الغنائية الجماعية الحركية ذات الإيقاعات والشعر الوجداني الرقيق والرقصات التي تؤديها فرق مدربة وبملابس خاصة، تضيف إلى هذا الفن ملامح جمالية، إضافة إلى ما يتميز به من إبداع في الكلمات والإيقاعات والحركات المصاحبة للانفعالات والتأثيرات الناشئة عن التجلي والاندماج مع أداءه والمجرور له أنواع كثيرة تميزها أوزان الشعر وألحان المجرور.

ووصف الإسكندرني طريقة أداء المجرور تكون بتقسيم الفرقة التي يتراوح عددها ما بين (15 إلى20) إلى صفين متقابلين يتميز افرادها بلبسهم زي موحد يعرف باسم (الحويسي) وهو ثوب أبيض واسع وحزام يحتوي على الذخيرة الحية بطول محيطه، وفي وسط الصفين وعلى اطرافه يوجد قارعي الدفوف، وتكون بداية اللعبة من رئيس الفرقة بتلقين مجموعة الفن لحن الدور الذي يقال ثم يتبع ذلك ترديد الشعر الذي قاله رئيس الفرقة من قبل أحد الصفين، ثم يأتي رد الجواب واللحن من الصف الآخر، بعدها يقوم كل لاعب في الصفين بقرع الطار حسب الايقاع المحدد واللحن من قبل رئيس الفرقة، بشكل منسجم مع ايقاع الطبلة الكبرى.

بعد ذلك يأتي ما يسمى "بالشبشرة" و "المقاطعة" و "الدمدمة" بحسب اللحن الأصلي، ويخرج من بين الصفين أحد اللاعبين إلى وسط الملعبة بخطوات فيها من الرشاقة والخفة ويمشي بين الصفين بحركات رشيقة من الجلوس والقيام والتمايل منسجمة مع إيقاعات الطبول ويتابعه الصف الذي خرج منه في الجلوس والقيام دون إخلال بنغمات الإيقاع بينما هذا الراقص يغير طريقة الإيقاع على طاره بإيقاعات أخرى تعرف (بالكسرة) وهي هي ثلاث حالات "دخول، وسط، خروج".



وأفاد الفنان الاسكندراني أن فن المجرور عند أدائه تتبعه ثلاثة فنون هي "المجالسي" و "الحدري" و "القصيمي" تؤدى عند الجلوس والاستراحة، وتؤدى عند الوقوف مع الطيران، مبيناً أنه تستخدم في أداء فن "المجرور" عدد من الآلات الموسيقية وهي : الدف والطبلة.

وأضاف الفنان الدكتور حسن اسكندراني أن الطائف اشتهرت بعدد من الفنون الشعبية التي اصبحت قلما تمارس لعدم وجود من يؤديها بالشكل الصحيح، ولعدم توفر عوامل تدوين أهازيجها، مبيناً أن من تلك الفنون الشعبية لعبة "حيوما" وهي لعبة شعبية عُرف بها أهالي المناطق الجبلية الغربية للطائف والجنوبية، وتؤدى بتقسيم الفرقة إلى صفين متقابلين، ويتم الإنشاد وضرب الكف والطار مع الحركات الدائرية، ويرتدي المؤديين ملابس خاصة بهم و "للحيوما" ألحان خاصة بها، ولعبة "يلي" وهي لعبة اشتهر بها أهالي قرى الطائف الجبلية، يصدف فيها صفين متقابلين مع الإنشاد والحركة المتناسقة، وكذلك فن "السامر" الذي يقتصر على النساء ويقام داخل المنازل وهو على شكل غناء جماعي، حيث كان للنساء أيضاً أهازيج لحث الرجال على العمل أو الحج لبيت الحرام.

وبين الكاتب مناحي ضاوي القثامي صاحب مؤلف "تاريخ الطائف.. قديماً وحديثاً"، أن من الفنون الشعبية التي اشتهرت بها محافظة الطائف ايضاً فن المراد أو "الملعبة" وهو فن يشبه فن القلطة في الخليج العربي وهو من الفنون المحافظ عليه حتى الآن في بوادي الحجاز عامة والطائف خاصة، ويتكون المؤدون له من صفين متقابلين مع ترديد أبيات من الشعر الشعبي النبطي تقال من قبل شاعرين لهما مكانة معروفة في مجال قوة الشعر الشعبي على السليقة وبحضور جيد وقوة الذكاء والبديهة وتأتي بسرعة الرد بشئ فيه من غزارة المعنى وإصابة الإيجاز في القول والمراد، ويؤدي اللاعبون حركات متناسقة بضرب الكفين ورقصات خفيفة ثابتة لتحريك حماس الحضور.

وأضاف أن من الفنون المشهورة بمحافظة الطائف فن "المجالسي" الذي يقال والمؤدون له جلوس في مجلس واحد، ومن أشهر شعرائه الشاعر بديوي الوقداني، وفيه يعتمد على ترديد العجز الأخير من البيت الشعري وله شعر خاص يختلف في أوزانه ومضامينه الشعرية عن بقية الفنون الشعبية الأخرى، موضحًا أن من تلك الفنون الشعبية كذلك فن "الردح" وهو فن اختص به أبناء قبائل الطائف وخاصة في المناطق الجنوبية ويقام في عند المصاهرة بين القبائل وفي مناسبات "الختان"، وفيه يقوم مجموعة الناس القادمين إلى مضيفهم وهم على شكل مجموعة يسيرون بخطوات معينة مع ترديد بعض الأناشيد التي تمجد مآثر وفضائل القبيلة.



إعداد : عقيل الحاتمي تصوير : تركي البوق