الرياض - محمد المساعد (واس) : تطلق الجمعية الخيرية لمكافحة التدخين (نقاء)، الأحد المقبل، حملة توعوية لمكافحة التدخين في الرياض، والدمام، والأحساء، وحائل، تستهدف أكثر من مليون شخص، بغية تخفيف ويلات انتشار ظاهرة التدخين بين أوساط الشباب والفتيات في المجتمع السعودي، والحيلولة دون تحولها إلى إشكال فمعضلة مجتمعية ترهق كاهل الأسرة والفرد، خاصة بعد الإحصائيات الأخيرة لمنظمة الصحة العالمية التي كشفت عن تزايدها في المملكة بين الأعمار السنية من 13 إلى 15 عامًا.



وتتضامن الجمعية في هذه الاحتفالية مع شعار الاحتفال العالمي بيوم التدخين الذي يأتي هذا العام تحت عنوان "فلنوقف التجارة غير المشروعة لمنتجات التبغ" وتقيم نشاطاتها على مدى سبعة أيام في مركز الملك فهد الثقافي بالرياض، وفي الأسواق التجارية، للوصول إلى أكبر عدد ممكن من الشباب والفتيات الذين بلغت نسبة المدخنين منهم في المملكة 21% بحسب إحصائية منظمة الصحة.

وأوضحت الجمعية أن المملكة من أوائل الدول التي وقعت على الاتفاقية الدولية الإطارية لمكافحة التدخين، وصدرت قرارات سامية تمنع التدخين داخل الدوائر الحكومية، إلا أن ظاهرة تعاطي التدخين لاتزال في تنامي مستمر ليس في المملكة وحسب بل في العالم، حيث أكدت منظمة الصحة أن التدخين يهدد حياة 6 ملايين شخص سنوياً في العالم، وسيصلون إلى أكثر من 8 ملايين شخص بحلول عام 2030م.

وارجع المختصون في الجمعية أسباب انتشار التدخين بين الشباب والفتيات إلى اعتقادهم الخاطئ في رغبتهم التخفيف من تفكيرهم بضغوط الحياة ونسيانها، أو في شغفهم اللاإرادي بتقليد الشخصيات المشهورة التي يبرزها التلفزيون عبر أفلامه، ومسلسلاته، مبينين أن هذه الاعتقادات ليست إلا ردود فعل نفسية نبتت في محيط التفكير السلبي للمدخن، نتيجة ضُعف الإيمان والإرادة الشخصية له.



وقال المختصون في حديثهم لوكالة الأنباء السعودية: إن بعض المدخنين يحاولون إقناع أنفسهم بمفاهيم خاطئة تقودهم إلى القول: إن خطورة التدخين تكمن في معدل النيكوتين الذي تحمله السيجارة، وكلما اتجه الإنسان لسيجارة أقل في النيكوتين قلت الخطورة، مؤكدين أن هذا الاعتقاد من الأخطاء الشائعة التي يتبادلها المدخنون فيما بينهم، خاصة الفتيات اللاتي يفتك بهن التدخين أكثر، ويشكل خطرًا على صحة المرأة والجنين، لأن السيجارة سواء قلت كمية مادتها المؤثرة أو كثرت، كفيلة بتدمير الرئتين التي من المفترض أن تتنفس الهواء النقي وليس الملوّث.

ولا يرى المختصون في "نقاء" بدائل أخرى للمدخنين سوى الإقلاع عن التدخين نفسه، بما في ذلك السيجارة الالكترونية التي ثبت علميًا خطورتها على صحة الإنسان، إضافة إلى الابتعاد عن تناول الأرجيلة بمختلف أنواعها التي تعادل تدخين 20 إلى 30 سيجارة، محذرين من التدخين في المنازل كي لا تتعرض الأسرة لأمراض الربو، والحساسية، والتنفس، والسرطان، بسبب ما يُوصف بالتدخين القسري أو التدخين السلبي.

وحذر المختصون من مخالفة القرار السامي رقم 7/78م في تاريخ 11 / 1 / 1404هـ الذي يمنع التدخين داخل الدوائر الحكومية في المملكة، والأمر السامي رقم 7/ب/17316 في تاريخ 3 /12 / 1408هـ، المتضمن الإشارة إلى ما لوحظ من تساهل بعض الجهات في تنفيذ الأمر الملكي السابق والتشديد على أهمية التقيد بما جاء فيه والتأكيد على تنفيذه.



وفي ذلك السياق، قال رئيس مجلس إدارة الجمعية الخيرية لمكافحة التدخين (نقاء) الدكتور محمد بن جابر اليماني، إن الجمعية تتابع مع الجهات الحكومية ضمان تطبيق ذلك القرار السامي، وتطبيق نظام مكافحة التدخين في المملكة الذي صدر مؤخرًا.

وأوضح اليماني في حديثه لـ"واس" أن النظام تنص بعض بنوده على حظر زراعة أو تصنيع التبغ أو مشتقاته في المملكة، ومنع استيراد المواد الإعلامية أو الملابس التي تحتوي على دعايات لمواد التبغ، إضافة إلى أنه لا يفسح للتبغ ومشتقاته بشكل نهائي إلا بعد تحليل عينات منه في المختبرات التي تحددها اللائحة التنفيذية، للتأكد من مطابقتها للمواصفات التي تعدها الهيئة العربية السعودية للمواصفات والمقاييس بالتنسيق مع وزارة الصحة.

ولفت النظر إلى أن النظام ينص أيضاً على منع التدخين في الأماكن والمساحات المحيطة بالمساجد، والوزارات والمصالح الحكومية والمؤسسات العامة وفروعها، والمؤسسات التعليمية والصحية والرياضية والثقافية، سواء كانت حكومية أم خاصة، والأماكن المخصصة للعمل في الشركات والمؤسسات والهيئات والمصانع والبنوك وما في حكمها.



ويحذّر النظام التدخين في وسائل النقل العامة برية أو جوية، وأماكن تصنيع الطعام والمواد الغذائية والمشروبات وتجهيزها وتعبئتها، وموقع إنتاج البترول ونقله وتوزيعه وتكريره ومحطات توزيع الوقود والغاز وبيعهما، والمستودعات والمصاعد ودورات المياه، كما يمنع استيراد وبيع ألعاب الأطفال والحلوى المصنعة على هيئة سجائر أو أي أداة من وسائل التدخين.

ويدعو النظام جميع الجهات الحكومية المسؤولة عن الشؤون الإسلامية، والتعليم، والإعلام، والرياضة، والصحة، والشؤون الاجتماعية، إلى إقامة برامج للتوعية بمضار التدخين بشكل مستمر وبطريقة فعّالة ومبتكرة، وحثّ القطاع الأهلي على المشاركة في هذه البرامج.

يأتي ذلك فيما تواصل "نقاء" جهودها في دعوة الجهات المختصة لمنع بيع التدخين في محلات التموين الغذائي (التموينات) المنتشرة وسط الأحياء سواء بالعلبة أو التجزئة، وتنسق في ذلك مع وزارة الشؤون البلدية والقروية لتطبيق قانون منع بيع التدخين لمن هم دون سن الـ 18 عامًا، وتعمل مع وزارتي التجارة والصناعة والداخلية من أجل تفعيل القرارات ذات الصلة بمكافحة التدخين في المملكة.

وتفتح الجمعية أبوابها للراغبين في الإقلاع عن التدخين من الرجال أو النساء، وتقدم لهم خدمات علاجية (بسرية تامة) من خلال جلسات طبية على جهاز الملامس الفضي، والرنين الحيوي، وتقديم عقاقير طبية معترفة بها، بالإضافة إلى تقديم الاستشارات النفسية اللازمة، وذلك برسوم رمزية في متناول الجميع.



وتهدف الجمعية من إقامة هذه الفعاليات إلى توعية المجتمع بخطورة التدخين، وضرورة التصدي له، ومساعدة المدخنين على الإقلاع عن التدخين من خلال عياداتها الثابتة والمتنقلة، وبيان الآثار السلبية للتدخين على المجتمع، علاوة على بناء شراكات إستراتيجية وقوية مع الشركات والمؤسسات الفاعلة في المجتمع لمواجهة هذه الآفة، والتعريف بدور الجمعية في مكافحة التدخين في مناطق عملها.

وبينت الجمعية أنها ستطلق خلال حملتها التوعوية حملة فرعية تستهدف الأسرة والطفل من خلال المسرح يشارك فيها نجوم الإذاعة والتلفزيون في دول الخليج العربي، وإقامة مسابقات مفتوحة، وأمسيات شعرية يتم خلالهما تناول التدخين كظاهرة غير صحية، بالإضافة إلى عروض فرق الإنشاد، والسيارات المعدلة التي تجوب شوارع الرياض وتحمل عبارات توعوية عن التدخين.

وخصصت الجمعية جناحا للتوعية بأضرار التدخين من خلال عروض للكاريكاتير، والصور الفوتوغرافي، إضافة إلى ركن العود والطيب وديوانية الضيوف التي تعبر عن أهمية استنشاق الإنسان لهواء نقي خالي من التدخين، والاستمتاع بالروائح الطيبة بعيداً عن رائحة التدخين الكريهة.



وتسعى جمعية "نقاء" التي أنشئت عام 1406هـ تحت إشراف وزارة الشؤون الاجتماعية إلى إبراز مشاركة المملكة في مكافحة التدخين ومواكبتها للفعاليات العالمية، والإسهام في تعزيز الصحة وتقليل الأمراض الناتجة عن التبغ في المجتمعات التي تكلف الدولة سنوياً 5 مليار ريال.

ويوجد لجمعية "نقاء" عيادات طبية ثابتة في فروعها بالرياض، والدمام، والأحساء، وحائل، لمساعدة المدخن والمدخنة في الإقلاع عن التدخين، وتمكنت العام الماضي من مساعدة 9,268 مدخناً، بلغ معدل نسبة المقلعين منهم 61%، واستفاد من عيادات الجمعية المتنقلة 25,082 زائراً، خضع منهم 2,482مدخناً للعلاج، وبلغ معدل نسبة المقلعين منهم 55 %، كما فحصت الجمعية من خلال هذه العيادات أول أكسيد الكربون لـ 4,850مدخناً، وقدمت 17,750 استشارة للمدخنين.