القاهرة - سيد صالح (الأهرام) : الأسواق المصرية بلا ضابط ولا رابط.. والأسعار ترتفع بمبرر أو بدون مبرر.. سواء ارتفع سعر صرف الدولار أو انخفض.. ويبقى المواطن هو الضحية لحمى الأسعار التى تضرب الأسواق بين الحين والآخر، ليظل ملايين المصريين من محدودى الدخل- وهم يمثلون السواد الأعظم من المواطنين- في حالة شقاء دائم لتلبية احتياجات أسرهم البسيطة!



ارتفاع مفاجئ في أسعار اللحوم والدواجن والخضراوات والفاكهة والسكر والزيوت

الأسواق المصرية بلا ضابط ولا رابط.. والأسعار ترتفع بمبرر أو بدون مبرر.. سواء ارتفع سعر صرف الدولار أو انخفض.. ويبقى المواطن هو الضحية لحمى الأسعار التي تضرب الأسواق بين الحين والآخر، ليظل ملايين المصريين من محدودي الدخل - وهم يمثلون السواد الأعظم من المواطنين - في حالة شقاء دائم لتلبية احتياجات أسرهم البسيطة!

في النهاية لا أحد يعرف سببا محددا لارتفاع الأسعار: هل هو بسبب جشع التجار؟.. أم بسبب ضعف الرقابة على الأسواق؟.. أم بسبب ارتفاع الأسعار العالمية؟.. أم بسبب ارتفاع أسعار الخامات المستوردة، أم لأسباب أخري، أما ارتفاع أسعار السلع المحلية، فهو أمر يدعو إلى العجب!!

ويبقى السؤال: كيف يمكن مواجهة ظاهرة ارتفاع الأسعار؟

داخل أحد محال السوبر ماركت في منطقة الجيزة، اقتربنا من أحد المواطنين، ويدعى محمود هاشم «موظف بأحد المصانع»، سألناه عن الأسعار، لم يلتقط الموظف أنفاسه، حتى بادرنا بالشكوى من تكاليف الحياة المرتفعة، بدءا من فواتير الكهرباء، والغاز، والمياه، مرورا بإيجار الشقة (850 جنيها شهريا) قانون جديد، وأخذ يعدد لنا تكاليف ذهابه إلى مقر عمله والعودة إلى مقر سكنه، تتراوح بين 250 جنيها و300 جنيه، ناهيك عن تكاليف الطعام، والملبس، والعلاج، والدروس الخصوصية، وغيرها من احتياجات أسرته البسيطة، وأنهى كلامه، بأنه يجب أن يبحث عن عمل إضافي لتدبير تكاليف المعيشة، علما بأن راتبه مرتفع نسبيا ولايقل عن 2,000 جنيه.

قامت «تحقيقات الأهرام» بجولة داخل محال الدواجن، واكتشفنا ارتفاع سعر كيلو الدجاج الأبيض من 14 جنيها إلى 16جنيها ونصف الجنيه، أما الدجاج الأحمر «المزارع» فقد ارتفع سعر الكيلو من 18 جنيها إلى 22 جنيها، أما الدجاج البلدى فقد ارتفع سعر الكيلو من 22 جنيها إلى 28 جنيها، أما الدجاج الـ «بانيه» فقد ارتفع سعرها من 38 جنيها إلى 46 جنيها، وارتفعت أسعار اللحوم البلدية من 65 جنيها إلى 80 جنيها، وترتفع إلى 85 جنيها لدى بعد محال الجزارة.

أما الخضر والفاكهة، فقد ضربها جنون الأسعار هى الأخرى، حيث واصلنا جولتنا في السوق، ودخلنا أحد محال الخضر والفاكهة في منطقة فيصل للسؤال عن الأسعار، قال لى راضى محمود » تاجر«: إن الأسعار زادت خلال الأيام الماضية، حيث وصل وصل سعر كيلو الفاصوليا الخضراء إلى 5 جنيهات والخيار 4 جنيهات والطماطم 7 جنيهات، كما ارتفع سعر كيلو الملوخية إلى 8 جنيهات، بينما ارتفع كيلو الفلفل الألوان من 10 إلى 20 جنيهاً، وارتفع سعر الليمون من 4 إلى 10 جنيهات ،والبطاطس 3 جنيهات بعد ما كانت جنيهين للكيلو الواحد، وبلغ سعر البصل جنيهين، والفلفل الرومى بين 6 و8 جنيهات، والكوسة 4 جنيهات، والباذنجان من 6 إلى 7 جنيهات، والخيار من 3 إلى 4 جنيهات. وعلى صعيد الفاكهة بلغ سعر الموز 6 جنيهات ، وارتفع كيلو الخوخ من 6 إلى 8 جنيهات، والجوافة إلى 5 جنيهات، والفراولة من 4 إلى 5 جنيهات، مشيرا إلى أن الأسعار ارتفعت بشكل مفاجئ بسبب موجة الحر، حيث أدت إلى فساد بعض أنواع الخضر والفاكهة، مما أدى إلى انخفاض المعروض، فضلا عن ارتفاع تكاليف النقل بين المحافظات، والتعدى على الأراضى الزراعية، مما أدى إلى تقليص المساحات المنزرعة بالخضر، والفاكهة أضف إلى ذلك ارتفاع الأسعار مع فرق العروة بين الصيف والشتاء.

والحال هكذا، يكشف تقرير أصدره الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء مؤخرا، عن ارتفاع سعر كيلو دجاج المزارع من 26٫50 جنيه في مارس 2015، مقابل 25،50 في فبراير، بنسبة زيادة قدرها 3٫9%، بينما بلغ سعر كيلو العدس الصحيح البلدى من 15،54 جنيها في مارس الماضى مقابل 14،54 جنيه في فبراير، بنسبة زيادة قدرها 6٫9%، بينما ارتفع سعر كيلو زيت بذرة القطن المخلوط من 10٫87 جنيه في مارس الماضي، مقابل 10.28 جنيه في فبراير الماضى، بنسبة زيادة قدرها 4٫9%.

السلع الغذائية مستقرة
وبالرغم من حالة الغلاء التى تضرب العديد من السلع والمنتجات في الأسواق المصرية، فإن أحمد يحيى رئيس شعبة المواد الغذائية بغرفة القاهرة التجارية- يؤكد أن معظم أسعار المواد الغذائية لم تتحرك، بل تشهد حالة من الاستقرار، باستثناء السكر، الذى ارتفعت أسعاره بمعدل 250 جنيها للطن، بعد صدور قرار فرض رسوم للحماية والإغراق على السكر المستورد، حيث زاد سعر الكيلو بمعدل 5% تقريباً في سوق الجملة، وتقل النسبة في أسواق التجزئة، مشيرا إلى أن أسعارالألبان ومنتجاتها، لم تتحرك منذ شهور، كما أن تجارة المواد الغذائية تواجه منافسة كبيرة، في ظل وجود السلاسل التجارية، التى تقدم عروضا للسلع والمنتجات الغذائية بأسعار مخفضة، حيث لا تستطيع محال الجملة والبقالات الصغيرة رفع أسعار السلع، بسبب المنافسة الشديدة التى تواجهها مع المولات والأسواق التجارية الكبرى. وكغيرها من القطاعات الانتاجية، ضربت موجة التضخم صناعة الملابس الجاهزة، هكذا قال لنا يحيى زنانيرى رئيس شعبة الملابس الجاهزة بغرفة القاهرة التجارية، حيث ارتفعت أسعار الملابس الجاهزة بنسب تتراوح بين 10% و20%، بسبب ارتفاع أجور العمالة، وارتفاع مستلزمات الإنتاج، كما أن ارتفاع أسعار الطاقة، والنقل، أسهم بشكل غير مباشر، في ارتفاع تكاليف الانتاج، مما أدى إلى زيادة الأسعار، بالرغم من ارتفاع معدلات الركود بنسب تجاوزت نحو 50% في سوق الملابس الجاهزة.

أسباب عديدة
وهنا نطرح السؤال: كيف تتعامل منظمات المجتمع المدنى مع قضية ارتفاع الأسعار؟

الإجابة تأتى على لسان الدكتور عادل عامر رئيس مركز المصريين للدراسات الاجتماعية الاقتصادية- والذى يرى أن ارتفاع الأسعار محليا يرجع إلى العديد من الأسباب منها ارتفاع تكلفة نقل البضائع، بسبب رفع الدعم عن الوقود، الأمر الذى أدى إلى تحميل هذه التكاليف على السلع المبيعة، بالإضافة إلى غياب الرقابة الفعلية على الأسواق، الأمر الذى يستدعى تفعيل دور أجهزة الرقابة، وكذلك تفعيل دور جمعيات حماية المستهلك، واتحادات المستهلكين، وتوعية المستهلك بضرورة الإبلاغ عن أى محاولات لرفع الأسعار، ومواجهة جشع التجار.

التسعير العادل
ويبقى السؤال: هل يقوم جهاز حماية المستهلك بدور في مواجهة جشع التجار ومراقبة الأسواق؟

- توجهنا بالسؤال للواء عاطف يعقوب رئيس الجهاز، والذى أكد لـ «تحقيقات الأهرام»، أن مشروع القانون الجديد لحماية المستهلك - والذى مازال بحوزة لجنة الإصلاح التشريعى - يضم نحو90 مادة، تنص إحداها على فكرة التسعير العادل، وتحديد هامش ربح للسلع ، لمواجهة جشع التجار، ومنع الاحتكار، وتحقيق العدالة الاجتماعية التى نادت بها ثورة 25 يناير.

ولكن العجيب في الأمر، هو أننا عندما نتحدث عن السعر العادل، نجد التجاريتهموننا بتسعير السلع والمنتجات، وكأننا نطلب أمراً غير مشروع قانوناً، مع أن قانون حماية المنافسة ينص في المادة 101 على أن الدولة يمكن أن تتدخل بالنسبة للسلع الاستراتيجية- بحيث تحدد سعرها لفترات محددة بقرار من مجلس الوزارء بعد الرجوع لجهاز حماية المنافسة ومنع الاحتكار.

سألنا الدكتور خالد حنفي وزير التموين والتجارة الداخلية: ما الإجراءات التى تقوم بها الوزارة لضبط الأسعار، ومراقبة الأسواق؟

الوزير: وضعنا خطة لمواجهة ارتفاع الأسعار- كما يقول الوزير الدكتور خالد حنفي - من خلال تكثيف المعروض من السلع الغذائية الأساسية وتشمل السكر، والأرز، والدواجن المجمدة، والمسلى، والدقيق، والزبدة وغيرها من السلع في فروع المجمعات الاستهلاكية، ومعظمها من منتجات الشركات التابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية، بأسعار تناسب كل الأسر المصرية، خاصة محدودى الدخل كما يتم حاليا صرف السلع التموينية وفارق نقاط الخبز من كل المجمعات الاستهلاكية بالاضافة إلى البقالين التموينيين، حيث يبلغ فارق نقاط الخبز نحو 6 مليارات جنيه سنويا، وهو قيمة السلع الغذائية المجانية التى يحصل عيها المواطنون مقابل توفيرهم في استهلاك الخبز

في المقابل، - والكلام ما زال لوزير التموين والتجارة الداخلية - تم التعاقد على 55 مليون كيلو لحوم بلدية ومستوردة، لطرحها بأسعار مخفضة في فروع المجمعات الاستهلاكية، وشركتى الجملة، ومنافذ البيع التابعة للشركات التابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية، استعدادا لقدوم شهر رمضان، من خلال السيارات المتنقلة المبردة التى تجوب الأحياء الشعبية ذات الكثافة السكانية العالية، وليس بها فروع للمجمعات الاستهلاكية، كما سيتم طرح هذه اللحوم في بعض منافذ الجزارة بالقطاع الخاص بأسعار مخفضة، عبر معارض «أهلا رمضان»، والتى ستقيمها وزارة التموين في القاهرة والإسكندرية، وفي كل المحافظات بالتنسيق مع الغرف التجارية.