المنامة - سكينة الطواش (الأيام) - فقدت البحرين والساحة الشعرية فنانا وشاعرا رفيعا من نوعه، فريد في موهبته إنه الشاعر البحريني القدير عبد الرحمن رفيع الذي وافته المنية صباح أمس بعد معاناة مع المرض والوعكة الصحية التي ألمت به مؤخرا، ونعت الاوساط الفنية والشعريه والاجتماعيه الشاعر الراحل معتبرين رحيله خسارة للفن والشعر، فقصائده التي لا زالت باقية في الذاكرة والتي ستبقى دوما شاهدا كبيرا على مكانته الشعريه والقلبيه عند جمهوره، فهو الذي تغنى بالوطن والحب والغزل، هو الذي أضحك و أبكى بشعره والتكنيك الفريد في الكتابه الذي لم نجده إلا عند شاعر رحل ولن يتكرر، رحل ليكون إلى جوار صديق دربه الشاعر الكبير الراحل غازي القصيبي الذي طالما جمعته مع رفيع المساجلات الشعريه والقصص الطريفه، رحل رفيع شاعر «البنات»- نسبة لقصيدته الشهيرة «البنات»- وخسرنا برحيله شاعر فصيح وآخر شعبي اجتمعا في روح عبد الرحمن رفيع. تتوجه أسرة «الأيام» بخالص العزاء والمواساة لعائلة الشاعر الراحل عبد الرحمن وجمهوره داعية أن يلهمهم الله الصبر والسلوان.



تميز بالشعر الساخر ومعجبوه من المحيط إلى الخليج

«الأيام» التقت بمجموعة من أصدقائه الشعراء والفنانين الذين تعاون معهم الشاعر الراحل، وتحدثوا عن تجربته الشعرية، مراحلها، و أهم ما امتازت به.

لعل قصيدة «البنات» التي ليست بالجديدة لها فضل كبير في توسيع قاعدته الجماهيرية بين الجنس الناعم وحتى الرجال، ولهذا أطلق عليه شاعر «البنات» نظرا لنجاح القصيدة وانتشارها الواسع، فظرافته وتفرّده بمفردات شعبية دارجة خاصة كان لها دور في التأثر به وانتشار مقاطع قصائده عبر وسائل التواصل الاجتماعي أكبر دليل على ذلك.

تحدث رئيس أسرة الأدباء والكتاب والشاعر ابراهيم بو هندي عن تجربة عبد الرحمن رفيع الشعرية فقال «تميز عبد الرحمن رفيع بجانب كونه شاعرا بالفصحى ومبدعا في هذا الجانب، وتميز جدا بالشعر الشعبي في جانب السخرية اللاذعة، فلديه قصائد عن الغلاء والمبالغة في المهور والمبالغة في التبرج، فهو بذللك ينتقد بعض الممارسات الاجتماعية التي لو تخلى عنها الإنسان فلن تؤثر على شخصيته، كما له تجربة جميلة أيضا في كتابة الأغنية وله بعض القصائد المغناة، إلى جانب الكتابة وكتابة بعض الأغنيات والمقاطع المغناة لبعض المسلسلات، كما كان يملك تنوعا وتميزا في جانب القصيدة الساخرة مما جذب العديد من المتلقين من الخليج والوطن العربي، وكون رفيع عضوا في أسرة الأدباء والكتاب نفتخر أنه عضو وله مشاركات قيمة وفعّالة».



ولعبد الرحمن تجربة غنائية ناجحة مع الفنان القدير أحمد الجميري الذي وصف الشاعر بالقول «عبد الرحمن رفيع صديق عزيز وجليس ونيس وشاعر يسجل كل ما يدور من المناسبات في قصائد شعرية، فمنذ بداية معرفتي به كنت في بداية حياتي الفنية وذلك في نهاية الستينات من القرن الماضي، فبعد أن قدمت الأغاني الرومانسية قدم لي «خضر نشلج على عودج» فهذه الأغنية غيرت من مساري الذي كنت فيه فانتقلت من الأغنية الرومانسية إلى الأغنية الشعبية وتجلى ذلك في الألفاظ التي أضافها إلى تفكيري كلفظ «الحنة» والياسمين، وثوب النشل وبكلماته هذه نقلني إلى أن أوجد لحن شعبي يليق بهذه الكلمات، وكانت هذه أول أغنية غنيتها لعبد الرحمن رفيع، وغنيت له أغنية اعجبتنني بعنوان «فكة منه»، وظلت علاقتي مع عبد الرحمن رفيع وطيدة ونلتقي دائما، فلقد غنيت بعض أشعاره في أوبريتات مختلفة، وقدّمت قصائده كمواويل وجمعتني معه أغنية وطنية من ألحان وحيد الخان بعنوان «أوال»، وكان يتمنى أن أغني له من ديوانه الذي يضم أغنية «تذكرين» وحاولت أن ألحنها ولكنها تحتاج مجهودا كبيرا وصبرا ولم أوفق في تلحينها». أما عن زميله وصديقه ورفيق دربه الإعلامي والشاعر حسن كمال وصف رفيع بالقول «هو شاعر باللغتين الفصحى والشعبية، فهو قوي في الجانبين، ففي الفصحى شعره رصين وكلاسيكي، وله قصائد في البحرين والعروبة والوطن، وله أيضا قصائد كثيرة في الحياة وفيها نوع من الظرافة مع الاصدقاء، فشعره تطرق لكل النواحي ومنها القضايا العربية وقضية فلسطين».

وأضاف «أما في الشعر الشعبي فصار شعره مدرسة في هذا الموضوع، وانفرد فيه وله معجبون كثر في الخليج ككل، كما تتلمذ على يده العديد من الشعراء في الشعر العامي، فشعره يفوح بالظرف والنكتة الجميلة والنقد الجميل الذي يبني المجتمع، وله تجربة في القصائد المغناة كأغنية «خضر نشلج على عودج» فهو شاعر مجيد للغتين وغزير الانتاج أيضا، وظريف جدا في جلساته مع الأصدقاء والشعراء، وتميز بحركاته التعبيرية المميزة واستعداده للخوض في أي موضوع شعري، وكان يحفظ الكثير من الشعراء والأبيات الشعرية المعروفة ويرددها دائما».

وعن طبيعة العلاقة التي كانت تجمعهما قال «كانت تجمعنا علاقة صداقة قديمة جدا، وكنا زملاء في إدارة الثقافة والفنون، فقد كانت علاقتنا وطيدة وجميلة، وكنا دائما نتبادل فيها الشعر وبيننا مسامرات ومساجلات كنا ننشرها أيضا في الصحف».

وتحدث عنه زميله وصديقه الشاعر البحريني القدير علي الشرقاوي فقال «الشاعر الكبير عبد الرحمن رفيع مر بالكثير من المراحل الشعرية في حياته منذ كتاباته الأولى في المدرسة في البحرين، حيث أن هناك ثمة تنافسا بينه وبين الشاعر غازي القصيبي، ثم ذهابه إلى الجامعة في مصر في منتصف خمسينات القرن الماض، حيث كان أيضا يتنافس مع غازي في الكتابة الآنية، سواء في التغزل بالطالبات اللواتي يدرس معهن، في مدرج المحاضرات أو في الكافتيريا، كان يكتب ويرد عليه غازي أو بالعكس، وهذا ما أتاح له أن يكون سريعا في اقتناص الفكرة وسريعا في كتابتها، مما أعطاه القوة على إجادة التصوير في الكلمة».

وتابع «بعدها بدأ يكتب الكثير من القصائد بالشكل التقليدي أو الكلاسيكي، وذلك لقربه من القصائد القديمة، فأبدع فيها، وبعد ذلك قام بكتابة شعر التفعيلة، فحرك أجواءها ومن أهم كتابات شعر التفعيلة قصيدته التي تحدث فيها عن ثورة الطلبة العالمية والتي كما رأيت انه أول من اهتم بها وذكر أهميتها العالمية في قصيدته تلك».

وبالنسبة للمرحلة الأهم في حياة رفيع، «هي كتابته القصيدة العامية بشكلها الذي عرفه القراء بها، فهو استطاع إن يقوم بتصوير الحياة كما يراها، سواء في قصائده الغزلية «تذكرين» و»البنات» أو في قصائد النقد الاجتماعي كما في قصيدة «أمي العودة» و»الكنديشن العظيم» أو في قصائده التي يطرح من خلالها تجربته الحياتية كما في قصيدة «براهيم».

وأضاف «هو مدرسة في الإلقاء، هو مدرسة في دعم الآخرين وتشجيعهم، هو مدرسة في المحبة الفطرية، هو مدرسة في العطاء غير المحدود، فمهما تحدثت عن عبد الرحمن رفيع فاني أراه اكبر من كل الكلام الذي يقال والذي يكتب».

وقال الشرقاوي «عبد الرحمن رفيع كل تجاربه الشعرية، في الفصحى والعامية، مما يؤكد على حضوره القوي في الساحة الشعرية المحلية والخليجية والعربية، يكفيه فخرا أنه الشاعر الوحيد الذي يقرأه جميع فئات الشعب، ويكفيه فخرا انه يستحوذ على قلوب وعقول الذين يحضرون أمسياته الشعرية بالآلاف، ويكفيه فخرا أنه أكثر الشعراء الذين يتابعونهم الناس في الإذاعة والتلفزيون وقنوات التواصل الاجتماعي». فإذا أردت تلقيبه فسأطلق عليه «الشاعر العظيم».