شمع/جنوب لبنان - حسين سعد (رويترز) - بنى الصليبيون قبل أكثر من 800‬‬‬ عام قلعة "شمع"التي تستمد إسمها من مقام ديني يعرف بمقام النبي شمعون الصفا لتكون واحدة من حصونهم العسكرية من جهة ومقرا لحكامهم من جهة ثانية.



تشرف القلعة التي تتوسط قرية شمع على بعد 17 كيلومترا جنوب مدينة صور على ساحل المدينة وبعضا من ساحل مدينة حيفا في فلسطين وهي لا تبعد سوى كيلومترات قليلة عن الحدود اللبنانية-الاسرائيلية.

لعبت قلعة شمع إلى جانب القلاع الأخرى المترامية في جنوب لبنان ومنها الشقيف وتبنين خصوصا دورا عسكريا وسياسيا على طول تلك الحقبة الزمنية إبتداء من تاريخ إنشائها في القرن الثاني عشر الميلادي وحتى اليوم.

وفي عام 1978 استباحت إسرائيل التي إجتاحت منطقة جنوب الليطاني القلعة وحولتها على مدى 22 عاما إلى مركز عسكري مما تسبب في إلحاق ضرر كبير في بنية القلعة وأثرها التاريخي.

وبينما كانت الحكومة اللبنانية ممثلة بوزارة الثقافة والمديرية العامة للآثار تقوم بإعداد الدراسات فور الإنسحاب الإسرائيلي في مايو أيار عام 2000 لتأهيل القلعة عاجلت إسرائيل مجددا القلعة بغارات جوية خلال حرب يوليو تموز عام 2006 في حربها مع حزب الله فأدت الغارات إلى تدمير أكثر من 80 بالمئة من القلعة ولا سيما الأبراج المنتشرة على أطرافها وباحاتها الداخلية والخارجية إضافة إلى المقام الديني الذي يجاورها.

وتحملت الحكومة الايطالية -التي شاركت بعد إنتهاء حرب يوليو تموز بأكبر عدد من الجنود في قوات الامم المتحدة المؤقتة وفقا للقرار الدولي 1701- عبء إعادة القلعة إلى وضعها السابق وقدمت هبة قيمتها 700 ألف يورو إلى الحكومة اللبنانية للقيام بهذه الأعمال التي ستبدأ في الشهور القليلة القادمة بعد تأخير استمر ثماني سنوات نتيجة تأخر وصول التمويل من جهة والروتين الإداري اللبناني من جهة اخرى.

وتمهيدا لهذه الاعمال بدأت الكتيبة الإيطالية في تأهيل الساحة الخارجية للقلعة حتى تكون مهيئة لإستقبال السائحين واستعادة بريقها التراثي والسياحي.

وقال مسؤول المواقع الأثرية في جنوب لبنان علي بدوي إن مشروع تأهيل وترميم القلعة يتضمن بالدرجة الأولى رفع وجمع حجارة القلعة الصلبة والمستديرة التي تناثرت عند المنحدرات وأطراف القلعة بفعل غارات الطيران الإسرائيلي ثم ترقيمها استعدادا للبدء بعملية الترميم التي تحتاج إلى جهود كبيرة.



وأضاف بدوي أن تمويل إيطاليا لعملية الترميم والتي تحمل معانى ثقافية وحضارية وإنسانية جاء على أساس ملف شامل أعدته وزارة الثقافة والمديرية العامة للآثار مؤكدا "أن عملية تعجيل الأشغال في القلعة يخفف من تداعيات الأضرار التي تساهم الطبيعة في زيادتها"

وتعتبر القلعة واحدة من أهم القلاع في الجنوب نظرا لموقعها المطل على بحر صور من جهة والساحل الفلسطيني من جهة ثانية إضافة إلى إمتدادها الجغرافي وتحصيناتها وقاعاتها الرحبة وأبراجها العالية. وكان المماليك قد استعادوها من الصليبيين في القرن الثالث عشر وفي القرن الثامن عشر أصبحت من أملاك آل الصغير الذين كانوا يحكمون جبل عامل.

وتنقسم القلعة إلى أربعة أقسام رئيسية وهي الحصن والمقام والمعصرة والقرية. ويحتل الحصن الجزء الشمالي الشرقي ضمن أسوار القلعة وكان مقرا لحاكمها ويتألف من طوابق خصص السفلي منها للمخزن والإسطبل وإلى جانبها معصرة زيتون ونقوش وزخارف على الجدران الداخلية. وكان الطابق العلوي مسكناً للحاكم.

أما المقام الذي قامت قطر بتأهيله وترميمه بعد حرب يوليو تموز فيعتبر من أكثر أقسام القلعة حيوية حيث يزوره الآلاف سنويا مقدمين نذورهم على اختلافها.