لندن - عامر سلطان (بي بي سي) : مصر سوف تصبح دولة رقمية خلال أربع سنوات رغم المشكلات السياسية والأمنية التي تواجهها، حسبما قال المهندس عاطف حلمي وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصري.


حلمي يؤكد إدراك القيادة السياسية في مصر لأهمية تكنولوجيا المعلومات في تحقيق التنمية

وقال الوزير في مقابلة هاتفية مع بي بي سي، إن هذا التحول سوف يكون دفعة قوية لتحقيق أهداف ثورة 25 يناير.

وكانت الحكومة المصرية قد وضعت استراتيجية لتحويل المجتمع المصري إلى مجتمع رقمي بحلول عام 2020.

إلا أنه استنادا إلى "إيمان القيادة السياسية في مصر بأهمية تكنولوجيا المعلومات في تحقيق التنمية والنهوض الاقتصادي" ، فإننا "نسعى الآن لأن نختصر الفترة إلى عام 2017 أو 2018 على أبعد تقدير، وأنا متفائل وأعمل على تحقيق هذه الهدف".

وعبر حلمي عن أمله في أن يزيد القطاع الخاص المحلي والعالمي إسهامه في مساعدة مصر لتحقيق هذا الهدف.

وكانت الحكومة المصرية قد أبدت، لأول مرة، اهتماما بتطوير قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في عام 1999. لكنها لم تضع استراتيجية محددة لتحقيق هذا الهدف إلا في عام 2007.

توقعات متفائلة
وتسعى هذه الاستراتيجية إلى تحقيق ثلاثة أهداف تشمل: التحول نحو مجتمع رقمي، وتطوير صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتحويل مصر إلى مركز رقمي عالمي يعزز قدرتها على التصدير بحلول عام 2020.

وقد أثر تفجر ثورة 25 يناير 2011، وما تبعها من اضطرابات سياسية شملت تغيير الوزارات المتكرر والاضطراب السياسي والأمني سلبا، كما قال الوزير، على مشروعات تنمية هذا القطاع في مصر.

وحسب أرقام الوزارة، فإنه من المتوقع أن ترتفع نسبة نمو قطاع الاتصالات وتنكولوجيا المعلومات في مصر من 10 في المئة عام 2014/13 في المئة عام 2015/14.

وتشير التوقعات أيضا إلى أن قيمة الناتج القومي المحلي الإجمالي للقطاع سوف ترتفع من 58.3 مليار جنيه مصري (حوالي 8 مليارات دولار أمريكي) حاليا إلى 65.9 مليار جنيه (حوالي 9 مليارات دولار أمريكي) عام 2015/14 بزيادة نسبتها 13 في المئة.

ويقول معارضو السلطة الحالية بقيادة عبد الفتاح السيسي إن سياساته تؤدي إلى زعزعة الاستقرار وخروج الاستثمارات الأجنبية من مصر.

ويشير هؤلاء، ومعظمهم من الإسلاميين أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، إلى أن السلطة حريصة على تأكيد أنها تخوض حربا شاملة ضد الإرهاب، ما يؤدي إلى زيادة مخاوف المستثمرين.

منافسة مع الهند
غير أن حلمي يرى أن مصر "بصدد تجاوز مرحلة عدم الاستقرار رغم كل ما يحدث، وهو ما يساعد على تعافي قطاع تكنولوجيا المعلومات".

ويدلل على ذلك بما يصفه بتحسن صناعة "تعهيد" خدمات التكنولوجيا ( Outsourcing Industry) في مصر.


المهندسة هبة صالح، مديرة معهد تكنولوجيا المعلومات
التابع لوزارة تكنولوجيا المعلومات، ترافق رئيس الوزراء
إبراهيم محلب (في الوسط) والمهندس عاطف حلمي خلال
عرض شاب من المعهد لأحد الابتكارات.
فحسب تقديرات عام 2011، بلغت صادرات مصر من هذه الصناعة 1.1 مليار دولار أمريكي. وقد ارتفع هذا الرقم أخيرا، كما قال الوزير، إلى 1.3 مليار دولار أمريكي.

وتقوم هذه الصناعة على استعداد وقدرة الدول، التي تتمتع بخبرات وقدرات في الابتكارات والإبداعات في قطاع البرمجيات وتكنولوجيا المعلومات، على توفير خدماتها للدول الغنية بالثروة المالية مثل الدول الأوروبية وأمريكا.

وتتصدر الهند والصين قائمة الدول المستفيدة من هذه الصناعة بفضل كثرة ورخص الخبرات الماهرة فيهما.

ويسعى القائمون على قطاع تكنولوجيا المعلومات المصري لمنافسة الهند، التي تحقق الآن قرابة 8 مليارات دولار تشكل 60 في المئة السوق العالمية، لتكون مصر هي مركز هذه الصناعة في الشرق الأوسط.

ويشير الوزير المصري إلى أن أحد أسباب تفاؤله هو أنه "أصبحت هناك قناعة الآن بأن تكنولوجيا المعلومات هي الحل الأمثل لمشكلات مصر الاقتصادية والاجتماعية والسياسية".

شعارات الثورة
وتقول تقارير المؤسسات الدولية المعنية إن متوسط أعمار العاملين في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مصر هو 24 عاما، الأمر الذي يعني أن العمالة المصرية قابلة للتدريب والتأهيل والاستفادة منها بأسعار رخيصة.

وتتصف هذه الصناعة بأنها من أهم الصناعات كثيفة العمالة، ما يوفر فرص عمل كبيرة ومتميزة للشباب.

وتقول إحصاءات رسمية مصرية إنه خلال السنوات القليلة السابقة على ثورة يناير، وفرت هذه الصناعة قرابة 35 ألف فرصة عمل مباشرة، و100 ألف فرصة عمل غير مباشرة للشباب المصري.

خلال السنوات القليلة السابقة على ثورة يناير، وفرت صناعة "التعهيد" قرابة 35 ألف فرصة عمل مباشرة، و100 ألف فرصة عمل غير مباشرة للشباب المصري.
احصاءات رسمية مصرية
"الرئيس عبد الفتاح السيسي مهتم شخصيا بهذا القطاع ويعطينا كل الدعم نظرا لأهميته في تقرير مستقبل البلاد"، قال الوزير.

وهذا ما دفع مخططي الوزارة ، كما أشار حلمي، إلى إعادة النظر في الاستراتيجية الرامية لتحقيق المجتمع الرقمي بحثا عن سبل تسريعها.

وتستهدف المراجعة وضع برامج محددة لتوظيف هذه الاستراتيجية لتحقيق أهداف ثورة يناير، التي رفعت شعارات العيش والحرية والعدالة الاجتماعية.

ووفق توقعات الوزير، فإن إسهام هذا القطاع في الناتج القومي المحلي سوف يرتفع من 3.8 في المئة عام 2014/13 إلى 4 في المئة في عام 2015/14.

خدمات الفقراء وذوي الإعاقة
ويأمل حلمي في زيادة هذه النسبة عن طريق ضخ الاستثمارات الوطنية والإقليمية والعالمية وزيادة عدد شركات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بما يخلق المزيد من فرص العمل وتحسين حياة المصريين.

وكشف عن أنه يجري الآن "مراجعة تفاصيل خطة خمسية قومية لإطلاق صناعة الالكترونيات سوف يتراوح حجمها بين 70 و 80 مليار جنيه مصري حتى عام 2019".

وباعتبارها الجهة المسؤولة عن تنظيم قطاع الاتصالات، تسعى الوزارة إلى تحسين مستوى خدمة الانترنت في مصر بإدخال الانترنت فائق السرعة Broadband، الأمر الذي يضع الأساس، كما يقول الوزير، لتفعيل أي قوانين تتعلق بإتاحة المعلومات والمعلومات ودعم التحول الديمقراطي والشفافية ومكافحة الفساد عن طريق تسجيل وحفظ الاحكام القضائية.

ويشكو الفقراء في مصر، منذ سنوات طويلة، من أن نظام دعم السلع والخدمات فشل في تحقيق أهدافه نظرا لعدم وجود نظام معلوماتي يمكن السلطات من توصيل الدعم لمستحقيه، بما يحقق العدالة الاجتماعية.

ومن بين المهام الرئيسية التي كُلف حلمي بتحقيقها، بعد توليه منصبه في شهر يناير/كانون الثاني 2013 هو، كما قال، وضع تصور لإسهام قطاع تكنولوجيا المعلومات في ابتكار نظام معلوماتي يسهم ليس فقط في إدارة نظام الدعم، ولكن في تطوير الخدمات الحكومية وتحسين مستوى خدمات الاتصالات، مثل الهواتف والانترنت، المقدمة سواء للمناطق الفقيرة ولذوي الإعاقة.

غير أن نقص التمويل قد يعرقل مشروع الوزير، الذي قال إنه يحتاج ما بين 5 إلى 6 مليارات دولار لإطلاق الانترنت فائق السرعة.