بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



( الحرص ولا الندامة )



في احد مرات ذهابي للمكتبة حيث وجدت كتابا يتكلم عن استغلال الآخرين لعواطفنا ، وكان مرسومًا على غلافه أناس على صورة ( مصاصي الدماء) ، قرأت فيه قليلا ثم تركته ليس لسوء صنع كتابته ؛ ولكني عندما قرأته وجدت المؤلف ينبهني على أشياء أعرفها ولكنني (أتناساها) عمدا مع سبق الإصرار ، فقد عرفت خلال التسعة والثلاثين عاما الماضية كثيرًا ممن كان يستغل العاطفة لمصلحة خاصة به حتى لو كانت تلك المصلحة هي إسعاد نفسه دون الالتفات إليك . وكذلك بعض من كانوا زملاء لك وكيف كانوا يستغلون عاطفتك في الحِلم عليهم ، وكيف كانوا يستغلون عاطفتك في مسامحتهم في محاولتهم النيل منك .

على الرغم من أن الاسترسال في هذه الأفكار تؤدي في الغالب إلى قساوة التعامل مستقبلا ، والحذر المفرط ، إلا أنك تحزن أثناء ذلك -أحيانا-على بعضهم بأن قسوتك كانت أكثر مما يجب على الرغم من أن استغلالهم كان بشعًا ، حيث كان من نتائج ذلك الإصابة بحمى ( القفلة) التي تجعلك توقف من يريد ذلك عند حده مباشرة ولكن بعد فرص محدودة له ، وماسميته آنفا بـ(القفلة) لم يعد في عمري الآن كما كان قبل سنتين إلى ثلاثة مثلا ، كذلك لم يكن قبل عشرة سنين أو أكثر قليلا حيث كانت (القفلة) في أوج عظمتها .

المهم : خلال تلك الفترة قدمت لأحد أصدقائي ذلك الكتاب فقرأ مقدمته وأعجب بها وطلب مني أن أعيره الكتاب لفترة لاتتجاوز الأسبوع إلى الأسبوعين كأبعد تقدير ، فأعطيته الكتاب مع وصايا المحب لمن يحب (قصدي مابيني وبين الكتب) ووضحت له بأني لا أحب أن تُثنى صفحة الكتاب وإذا أراد (التأشير) على صفحة فدونه الورق اللاصق أو أي حيلة أخرى ، ولم يكن طلبي ذلك إلا لمكانة كتبي عندي ، وأني لا أعيرها إلا لخاصة الخاصة ، بعد أسبوع أرجع لي صديقي الكتاب ثم قال لي :" والله يابو فيصل لقد غير هذا الكتاب نظرتي للكثيرين ، فأي أنانية يحمل البعض في تعامله معنا ؟ وكم شخص يريد أن يأخذ دون أن يعطي ؟ وكم شخص يطلب من الآخرين ولكنه يهرب ويختفي ويتعذر بالانشغال حالما شعر بإمكانية أن نطلب منه شيئا؟ " كنت أستمع إليه بإصغاء وسكون حتى فرغ ، ثم ابتسمت وقلت له : يا صاحبي الله وحد يعلم ماذا وجَدْنَا وكم وَجِدْنَا ؟ وماذا نجد حتى الآن ؟ ولكن علينا أن نكون واعين نعرف كيف نتصرف معهم حذرين في حدود عدم الوسوسة حازمين مع المستغلين والسفهاء حتى لانقع تحت استغلالهم ، وكما قيل قديما في المثل : ( الحرص ولا الندامة) .






مع احترامي للناضجين




أبو فيصل إبراهيم