بســم الله الـرحمــن الرحيــم


السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاته





( شوية هوا ياناس ، نبغى نتنفس .. نبغى نعييييش)



أتذكر قبل حوالي عشرين سنة وعندما انتقلنا للسكن في شرق الخط السريع بعد أن عشنا زمنا ليس بالقليل في إحدى حواري البلد العتيقة حيث واجهنا وحشنا موحشنا لم نعتد عليه ولم نتكيف له سنينا وهو هدوء الحي الجديد من الصخب الذي كان في جدة القديمة بل أذكر أنني افتقدت كم الناس السائرين في الشارع ، بل وصوت الدراجات النارية(الدبابات) ، وعلى الرغم من أني وأنا في المتوسطة وبداية المرحلة الثانوية عندما كنت أقطن في تلك الحارة القديمة كنت أتمنى أن أسمع صوت العصافير مع الصباح بدلا من صوت (السقا) والجرس المعلق بحماره - أكرمكم الله - أو صوت جلجلة مفك موزع أنابيب الغاز وهو يضرب به في عربيته الحديدية التي تتكون من دراجة وحوض مخصص للأنابيب ، أو حتى صوت (غنم) عم زغلول رحمه الله تحت شرفة (بلكونة) بيتنا ، ولكن ما إن قدمنا لهذا الحي الجديد إلا وكان صوت الصمت أشد ضجيجا من تلك الأصوات مجتمعة ، وكان صوت العصافير في ذلك الصباح النقي من روائح العوادم يشعرني بوحشة أكبر ، وبت أكثر حنينا لتلك الأصوات بدلا من الصوت الليلي الجديد (لصرار الليل) وذلك الوقوف الباهت لكل شيء ما أن يحين وقت الغروب حتى تحين ساعة انتهاء كل شيء .

ولكن وياللعجب وبعد أن امتلأ الحي الجديد بالخدمات وازدحام السيارات ، وأصوات أبواق السيارات بعد العشرين سنة إلا وأنا في إحساس بالضيق والامتعاض فبعد أن اعتدت على حياة الهدوء والحياة الرتيبة في الطرقات حتى تفاجئنا الإزعاجات من كل اتجاه فازدحام للمواقف بجانب العمارة حتى أنك لو جئت متأخرا فالعثور على موقف لسياراتك يحتاج منك الابتهال لله قبلا ،وحشود السيارات عند كل إشارة تقريبا ، بل وحتى المحال التجارية أصبحت مكتضة منذ دخولك للتبضع وحتى بداية مشوار خروجك للمحاسبة ، فهل بات ما كنا نتمناه بالأمس غير مستساغ لنا اليوم ؟

وإلى أي حد يمضي معنا هذا التساؤل في أمورنا الحياتية المعاشة ، وإلى أي حد يكون تساؤلنا مشروعًا ، وتكون الإجابة عليه صادقة واضحة مفصلة ليست بالعائمة ؟





مع احترامي للناضجين




أبو فيصل إبراهيم