جدة - أسماء الغابري (الشرق الأوسط) : عمد مستثمرون في القطاع العقاري السعودي إلى تحويل نشاطهم المضاربي أو حتى ذلك المتعلق بغسل الأموال إلى الأراضي الزراعية لتحاشي رصد مؤشر «الصفقات العقارية»، الذي أطلقته أخيرا وزارة العدل وأعلنت من خلاله كشفها عن بعض عمليات غسل الأموال التي تجري من خلال المضاربة على الأراضي السكنية، كما ساهم مشروع فرض ضريبة على الأراضي السكنية الذي يدرس حاليا، وإقرار وزارة الإسكان بإمكانية تحويل الأراضي الزراعية التي تقع في النطاق العمراني إلى أراض سكنية، في تسجيل سوق الأراضي الزراعية القريبة من النطاق العمراني للكثير من المدن الرئيسة في السعودية، ارتفاعا في حجم التداول والأسعار.


أقرت وزارة الإسكان أخيرا إمكانية تحويل الأراضي الزراعية الواقعة ضمن النطاق العمراني إلى سكنية

مشروع «فرض الرسوم» على الأراضي السكنية حول سيولة المستثمرين نحو «الزراعية»

وأكدت وزارة الإسكان إمكانية تحويل الأراضي الزراعية القريبة من النطاق العمراني إلى أراض سكنية، «بهدف توفير المزيد من الأراضي السكنية للمواطنين الراغبين في الاستفادة منها بغرض السكن».

واشترطت الوزارة لتحويل الأرض الزراعية إلى سكنية، موافقة وزارة الشؤون البلدية والقروية، بالتنسيق مع وزارة الزراعة، مؤكدة أنها خاطبت وزارة الزراعة للتنازل عن بعض الأراضي لصالح مشروعات الإسكان.

في هذه الأثناء، أعاد عقاريون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» سبب الإقبال الكبير على شراء الأراضي الزراعية القريبة من النطاق العمراني، إلى سببين؛ الأول هو الهروب من نظام مرتقب يقضي بفرض الرسوم على الأراضي السكنية البيضاء، وهو ما لا يشمل الأراضي الزراعية، أما الثاني فهو اكتشاف حالات غسل أموال في بعض الصفقات العقارية التي ترصدها وزارة العدل من خلال المؤشر العقاري، فيما الشراء خارج القطاع العقاري يتيح البعد عن رصد المؤشر للصفقات التي قد يكون البعض منها مشبوها.

وأكدت اللجنة العقارية في الغرفة التجارية الصناعية في جدة، أن شركات ومطورين عقاريين استبقوا تطبيق زكاة الأراضي البيضاء وفرض رسوم عليها بتملك مزارع وأراض شاسعة خارج النطاق العمراني بعد أن استثني تطبيقها خارج المدن.

وبحسب اللجنة، فقد سجلت السوق العقارية في النصف السنوي الأول إقبالا على شراء المزارع بمختلف أحجامها، بعد أن كانت في السابق تجذب فقط كبار المطورين.

وأكد طارق الغامدي عضو لجنة التثمين العقاري في غرفة جدة، أن ارتفاع الإقبال على الأراضي الزراعية، مقارنة بالعام الماضي، بلغ نحو 30 في المائة، مرجعا ذلك إلى تدني أسعارها قياسا بأسعار الأراضي السكنية، وعدم شمولها بضريبة الأراضي البيضاء عند تطبيق النظام.

وحذر من استغلال بعض مالكي الأراضي الزراعية أو بعض الوسطاء العقاريين جهل بعض المواطنين بالأنظمة والقوانين، فيبيعونهم أراضي خارج النطاق العمراني من دون وثائق ملكية رسمية، نظرا إلى أن أسعارها مغرية جدا، حيث يتراوح سعر المتر ما بين 10 ريالات (2.66 دولار) و40 ريالا (10.66 دولار) للمساحات المتوسطة، مؤكدا أن إجراءات الحكومة في مكافحة التعديات والثقافة لدى المستهلك حدّت من نسبة شراء الأراضي غير المملوكة بصكوك شرعية.

وقال الغامدي: «إن إقبال شركات الاستثمار والتطوير العقاري على الأراضي الزراعية على أطراف حدود التنمية العمرانية، يأتي بهدف تطويرها مستقبلا بوصفها مخططات سكنية تجارية أو مشروعات عملاقة تحقق لهم عوائد مالية عالية جدا».

وبين أن عنصر السعر هو اللاعب الرئيس في توجيه الأنظار لتلك المناطق، حيث إن الأسعار لا تزال مناسبة وفي متناول اليد، سواء للاستثمار أو توجه عدد من العائلات إلى الاستراحات الزراعية للاستجمام خارج صخب المدن.

من جهته، لم يرَ عبد الله الأحمري رئيس اللجنة العقارية والتطوير العمراني في الغرفة التجارية في جدة مبررا لإقبال العقاريين على شراء الأراضي الزراعية، رغم وجودها خارج النطاق العمراني، إضافة إلى أن تحويلها من زراعي إلى سكني يجري بعد أخذ نسبة 40 في المائة من مساحتها، وتكون نسبة الاستقطاع منها مضاعفة نتيجة تحويلها لسكني وتقسيمها، ولا يبقى منها سوى 30 في المائة من إجمالي مساحتها للمالك.

وقال: «إن في الأمر ريبة، خاصة أن بعض حالات شراء الأراضي الزراعية بمساحات شاسعة خارجة عن النطاق العمراني، تجري من قبل مستثمرين لا علاقة لهم بالقطاع الزراعي، وليس لديهم أي نية لتنفيذ مشروعات تطوير زراعية».

من جهة أخرى، أرجع خالد المبيض الخبير العقاري، زيادة إقبال العقاريين على الأراضي الزراعية إلى زيادة أسعار الأراضي الواقعة داخل المدن، مما أدى إلى بحثهم عن أراض بأسعار منخفضة رغبة منهم في الحفاظ على الأموال.